دشّن ناشطون في بلدة "البردقلي" بريف إدلب مؤخرا مدرسة باسم الناشط "بلال كريم" (عمر الدمشقي) الذي قضى قبل شهرين، إثر انفجار عبوة ناسفة مزروعة في سيارته التي كان يوزع فيها الخبز على مخيمات النازحين بمزارع إدلب وأريافها.
وتستوعب المدرسة التي تم بناؤها من مبالغ جُمعت لعلاج "شهيد الخبز" 425 طفلاً في المرحلة الابتدائية بمعدل دوامين صباحي ومسائي، حسب رواية مسؤول حملة "الراحمون يرحمهم الرحمن" في مخيمات ريف إدلب الناشط "يوسف شعبان".

ويضيف "شعبان" لـ"زمان الوصل" إن الشهيد "بلال كريم" كان مصوراً طوعياً في الحملة، فضلا عن نشاطه الصحفين لافتاً إلى أن هاجس القائمين على الحملة كان إنشاء مدرسة للأطفال النازحين منذ بداية النزوح إلى الشمال السوري، حيث ناشدت المنظمات الإنسانية والإغاثية حينها لدعم المشروع دون جدوى.
وأوضح أنه تم جمع 2،5 مليون ليرة سورية من المتبرعين ومناصري الثورة لتغطية علاج "بلال" حين أسعف إلى تركيا بعد إصابته، غير أنه (بلال) فارق الحياة متأثرا بإصابته، ولم يتم صرف أي مبلغ منها لعلاجه.

وتابع "شعبان" أن فكرة المدرسة التي كانت في ذهن أصدقاء "بلال" منذ البداية، نظراً للحاجة الماسة لهذا المشروع لأن هناك أطفالا بأعمار 6 إلى 7 سنوات منقطعون كلياً عن الدراسة وهناك أطفال بعمر 13 سنة لا يعرفون كتابة أسمائهم.
بعد مراسم العزاء تم البحث عن أرض مناسبة إلى أن تم العثور على قطعة أرض في بلدة "البردقلي" بين مدينتي "الدانا" و"سرمدا" تتوسط مجموعة من مخيمات النازحين.
وكشف المصدر أن ملّاك الأرض امتنعوا في البداية عن إعطائها خوفاً من استملاكها لاعتقادهم بأن حملة "الراحمون يرحمهم الرحمن" منظمة ربحية، وعندما عرفوا أن المشروع طوعي أبدوا تعاوناً طيباً ـ حسب قوله- وتم تأجير قطعة الأرض بشكل مجاني للقائمين على المشروع إلى حين انتهاء النزوح.
ولفت "شعبان" إلى أن الفكرة كانت في البداية نصب خيم كصفوف للتلاميذ على الأرض الممنوحة مع فرش أرضية الصفوف بالحصى الصغيرة لتلافي معاناة الأطفال مع الطين في الشتاء، ولكن الفكرة لم تلبث أن تحولت إلى إنشاء صفوف من البيتون.
وكانت المدرسة -حسب قوله- فوق ما كان يحلم به القائمون عليها، إذ تم إنشاء صفوف5 في وقت قياسي، وكل صف يتسع لحوالي 40 طالباً مع غرفة إدارة، ولو أن المخيمات الـ 18 المنتشرة في المنطقة بحاجة –كما يقول- إلى 5 مدارس على أقل تقدير وليس لمدرسة واحدة.
ولفت محدثنا إلى أن مشروع المدرسة لم يكن ليكتمل لولا تكاتف أهالي مخيم "البردقلي" مع القائمين عليه من أصغر طفل إلى الرجال والنساء، وتبرع أناس سوريون وأتراك من أهل الخير في اسطنبول إلى أن أنهي بناؤها بشكل كامل وتستعد المدرسة حالياً لاستقبال روادها التلاميذ.

ونوّه "شعبان" إلى أنه تم إبلاغ المجمع التربوي التابع للمخيمات في ريف ادلب بإنشاء المدرسة ليتم تسجيلها بشكل رسمي وحاليا المدرسة بصدد استقطاب كادر تدريسي من أصحاب التخصص، إما من خريجي وزارة التربية أو خريجي "معهد إعداد معلمين" والأولية لمن يسكنون في المخيمات.
"شعبان" أكد أن المدرسة لم تتمكن من تأمين كتب من وزارة التربية التابعة للائتلاف الوطني، ولذلك يتم الاتجاه لخيار الطباعة حالياً، رغم عدم توفر الإمكانيات المادية، مشيراً إلى أن هناك حاجة أيضاً لمستلزمات القرطاسية من دفاتر أقلام وحقائب أيضاً.

وأردف أن عدد التلاميذ الملتحقين حتى الآن أكثر من استيعاب المدرسة، رغم وضع 45 تلميذاً في الشعبة الصفية، أي بمعدل 450 تلميداً في الدوامين الصباحي والمسائي، و80 % من التلاميذ الذين تم استيعابهم -كما يقول- في الصف الأول والباقي في الصفين الثاني والثالث وليس هناك تلاميذ في الصفوف التالية.
وشدّد المصدر على أن المدرسة غير تابعة لأي منظمة أو أي جهة لأن المدرسة قامت بمجهود شخصي من أصدقاء "بلال" وأهالي المخيم، ويأتي هذا المشروع كتكريم لروح الشهيد "بلال كريم" الذي قدم الكثير للثورة ولأطفال المخيمات، وكان هاجسه الدائم كيف سيكبرون ويتعلمون.

وينحدر الناشط "بلال كريم" (عمر الدمشقي) 1995 من بلدة "عقربا" في الغوطة، عمل كمصور لقناة "الجسر" ولوكالة "المصدر" وفي العديد من النشاطات الإغاثية، وهُجّر من بلدته إلى مدينة "التل" قبل أن يتم تهجيره ثانية إلى إدلب ليقضي بعبوة ناسفة بتاريخ 23/6/2019.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية