وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اختفاء ما لا يقل عن 638 لاجئاً عائداً قسرياً إلى سوريا مؤكدة أنه قتل منهم 15 شخصا تحت التعذيب، مطالبة اللاجئين السوريين بعدم العودة مطلقاً إلى سوريا.
وشددت في تقرير لها وصل "زمان الوصل" نسخة عنه بأن نظام الأسد لا يزال يشكل تهديداً عنيفاً بربرياً على اللاجئين السوريين، مشيرة إلى أنه يستمر في الاستخدام المكثف لسلاح الجو والبراميل المتفجرة والذخائر العنقودية وصولاً إلى استخدام متكرر للأسلحة الكيميائية، والماكينة الوحشية الثلاثية (الاعتقال، الإخفاء القسري، التعذيب) وسياسة الحصار والتجويع، شكلت السبب المباشر والرئيس وراء تشريد ما يزيد عن نصف الشعب السوري ما بين نازح ولاجئ.
وأشار التقرير إلى أن دخول أطراف أخرى على خط النزاع السوري كالتنظيمات المتطرفة الشيعية والسنيَّة، وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وفصائل في المعارضة المسلحة وقوات التحالف الدولي والقوات الروسية ساهمَ في إجبار مزيد من الأهالي على التشرد داخلياً وخارجياً، إلا أنَّ ممارسات السلطات السورية وانتهاكاتها بقيت المتسببَ الأكبر في تهجير السوريين.
ولط التقرير الضوء على أبرز انتهاكات قوات النظام بحق السوريين ممَّن قرروا العودة من أماكن نزوحهم أو من دول اللجوء التي أقاموا فيها، ولا سيما عمليات الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والموت بسبب التعذيب، وإجبار بعض اللاجئين على الالتحاق في صفوف التجنيد، إضافة إلى نهب الممتلكات ومصادرة المنازل، وما واجهوه من نقص حاد في الخدمات في المناطق التي عادوا إليها، ويغطي التقرير حصيلة أبرز تلك الانتهاكات التي ارتكبتها قوات النظام منذ عام 2014 وهو العام الذي شهد تصاعد استهداف العائدين بعمليات الاعتقال حتى آب/ 2019.
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان "فضل عبد الغني": "لا يمكن لأحد توقُّع ما قد يحصل مع اللاجئ الذي يرغب في العودة إلى سوريا، فقد يسمح له بدخول البلاد، وقد يُعتقل بعد مدة من الزمن دونَ توضيح أي سبب، على غرار ما تقوم به الأجهزة الأمنية دائماً، وقد يختفي أثره لاحقاً، وربما نحصل على معلومات تُفيد بوفاته بسبب التَّعذيب، لا يمكن معرفة ما إذا كان اللاجئ مطلوباً من قبل أجهزة الأمن جميعها، هذه عملية معقدة جداً وتحتاج إلى مبالغ طائلة، لقد تحوَّلت الدولة السورية تحت قيادة النظام الحالي إلى سلطة مافيات، ونحن نُحذِّر اللاجئين من خطر العودة، ونطلب من الدول كافة احترام القانون الدولي العرفي وعدم إعادة أحدٍ قسرياً لأن تلك الدولة سوف تتحمل مسؤولية ما قد يحصل معه".
وكشفَ التقرير الذي استغرق العمل عليه ثمانية أشهر زيفَ التصريحات الروسية، ومدى الرعب والتهديد الذي ينتظر اللاجئين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام، واستعرض عشر روايات تم الحصول عليها عبر زيارات ولقاءات مباشرة أو عبر الحديث عن طريق وسائطَ عدة مثل: الهاتف أو تطبيقات الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي.
وبحسب التقرير فقد عمل النظام وحليفه الروسي على تدمير أي شكل من أشكال استمرار الحياة في المناطق الخارجة عن سيطرته لفرض معادلة النظام السوري أو الموت والدمار والفوضى، ودفعت كل هذه الظروف المعيشية القاسية السوريين على مدى سنوات إلى النزوح إلى مناطق النظام السوري مخاطرين بذلك بأرواحهم، كما استعرض التقرير الظروف المأساوية التي يعاني منها اللاجئون بشكل خاص في دول الطوق، وتراجع مستوى الدعم والخدمات، وارتفاع نِسَبِ التهديد والعنصرية بحق اللاجئين، وتحميلهم مسؤولية مشكلات المياه والهواء والانتخابات والقمامة، دون الأخذ بنظر الاعتبار أنَّ هؤلاء اللاجئين هم مشردون قسرياً أولاً، وأنَّ معظمهم قد فقدَ منزله وعمله ثانياً في مواجهة أعتى أنظمة الحكم الوحشي في العصر الحديث.
وجاء في التقرير أنَّ نسبة الذين عادوا إلى المجموع الكلي للاجئين لا تتجاوز الـ 6 % في حدِّها الأقصى، وهي نسبة عودة اللاجئين “طوعياً” من لبنان، وهي أقل من ذلك بكثير في الأردن، لا تكاد تتجاوز الـ 2 %، وهذا مؤشر على أنَّ اللاجئين لا يثقون مطلقاً بالنظام الحاكم حالياً ولا بأجهزته الأمنية ولا بالميليشيات الروسية والإيرانية، وأشار التقرير إلى أن محاولات للفرار من داخل سوريا واللجوء إلى مختلف دول العالم لا تزال مستمرة، مؤكداً أن هذا الوضع سيستمر في ظلِّ انعدام أي أفق لأية تسوية سياسية عادلة تُحقِّق أبسط مطالب السوريين في محاسبة مرتكبي الجرائم ضدَّ الإنسانية، وإقالة الحكومة والنظام الحاكم.
وثَّق التقرير منذ مطلع عام 2014 حتى آب 2019 ما لا يقل عن 1916 حالة اعتقال بينها 219 طفلاً و157 سيدة، للاجئين عادوا من دول اللجوء أو الإقامة إلى مناطق إقامتهم في سوريا، جميعهم تم اعتقالهم على يد قوات نظام الأسد. أفرج النظام عن 1132 حالة وبقي 784 حالة اعتقال، تحوَّل 638 منها إلى حالة اختفاء قسري، وسجَّلنا مقتل 15 حالة بسبب التعذيب، 11 ممن قد قضوا بسبب التعذيب كانوا قد عادوا من لبنان. مُشيراً إلى أنَّ النظام بعد أن أفرج عن 1132 حالة، عاد واحتجز عدداً منها، وأجبرهم على الالتحاق بالتجنيد العسكري. وتركَّزت عمليات الاعتقال بحق اللاجئين العائدين بشكل مباشر عند المعابر الحدودية.
وأشار التقرير إلى توثيق اعتقال ما لا يقل عن 426 نازح عادوا إلى مناطق يسيطر عليها النظام، من بينهم 13 طفلاً و11 سيدة، أفرج النظام السوري عن 119 حالة وبقي 307 حالات، تحوَّل منهم 284 إلى مختفين قسرياً، وقتل 2 من بينهم بسبب التعذيب، وأوضحَ أن النظام بعد أن أفرج عن 119 حالة، عاد واحتجز عدداً منهم، وأجبرهم على الالتحاق بالتجنيد العسكري.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية