أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الدجاج والإرهاب.. صاحبة سليفي جثامين الثوار تحتفي بمطعم يرمز لـ"الانتصار" و"إعادة الإعمار"

بعد التصوير مع الجثث بات إختصاص كنانة علوش مطاعم الدجاج

أن يقترن ذكر الدجاج بالإرهاب فذلك مشهد سوريالي لا يمكن توقعه سوى في الأفلام الساخرة من طراز "الإرهاب والكباب" الذي يعد نقطة علام في سينما التهريج العربية، لم يضاهها سوى إعلام نظام الأسد في سنواته الأخيرة.

ففي سلوك لاتقدم عليه أسوأ المحطات التجارية، وأمام شاشة تملؤها دجاجة بعرف ووشاح أحمرين مرفقة بعبارات شاورما مشاوي على الفحم، أطلت إحدى مذيعات قناة "سما" (الدنيا سابقا) لتعلن عن افتتاح فرع جديد لمطعم يسمى "عمو حميد"، تاركة الباقي لمراسلة القناة في حلب "كنانة علوش"، لتقدم تقريرها على الشكل التالي: "في شهباء حلب التي انتصرت على الإرهاب، وبدأت الحياة تعود إليها سريعا بإصرار وعزيمة أهلها الذين سارعوا إلى إعادة إعمارها من جديد، فترى كل يوم مصنعا يقلع ومتجرا يفتتح ومنشأة تنتج، مجمع عمو حميد إحدى النقاط المضيئة في هذه المدينة افتتح فرعه الجديد في منطقة العزيزية بشارع الشلال، وسط فرحة كبيرة من أهالي هذه المدينة، التي بدأت تنبض فيها الحياة يوما بعد يوم".

ثم تركت "علوش" الميكرفون على غاربه لاثنين من موظفي المطعم ليستفيضوا في الدعاية، ومدح جودة المطعم ونظافته ولذة مأكولاته من مسحب وبروستد و......، قبل أن تعود "علوش" نفسها لتكرار هذه الدعاية بشكل فج ومريب، مثنية على المذاق الطيب والخدمة السريعة، لتختم بأن افتتاح مطعم "عمو حميد" ليس سوى "نبضة جديدة تدق في قلب هذه المدنية، عروس الشرق التي كانت قبلة للعالم".

وبغض النظر عن نكتة ربط مطعم للدجاج بالإرهاب، والانتصار عليه، يبدو لافتا للنظر مستوى الانحدار الذي أصاب إعلام النظام وتحول "إعلامييه" إلى مندوبي تسويق مثرين للشفقة (بذكر اسم المطعم وعنوانه المفصل وتكرار مدحه)، والأكثر لفتا أن حلب التي كان صيتها الاقتصادي ومنذ قرون طويلة يطبق الآفاق، وكان صناعيوها وحرفيوها وتجارها الكبار يغزون العالم بمنتجاتهم، بات اليوم عنوان انتعاشها مطعم صغير في هذه الزاوية أو تلك.

لكن تقرير "عمو حميد" لا يقدم هذا التفصيلين المضحكين المبكيين فقط، فهناك تفاصيل أخرى تؤكد أن "المراسلين الحربيين" للنظام الذين كانوا مجرد غربان تنعق بذكر الموت وتطلبه لكل سوري نادى بالحرية، بزعم أنه إرهابي.. أنهم –أي هؤلاء المراسلين- قد تحولوا في ظل ما يسمونه انتصارا إلى "عواطلية" يبحثون عن من يرمي الفتات لهم، حتى ولو كان صاحب مطعم.

وإذا كان لكل مراسلي النظام الحربيين من بصمات سوداء لا يمكن أن تمحى، فإن مقدمة تقرير "عمو حميد" تمثل بمفردها سجلا كالحا ومثالا صارخا على الإعلامي المتورط بالإجرام من أخمصه حتى مفرق رأسه.

فـ"كنانة علوش" التي بات اختصاصها مطاعم الدجاج، بعد أن سقطت حلب بيدها نظامها وأعوانه، هي "كنانة" التي ما فتأت طوال سنوات تحرض ضد حلب وأهل حلب، مفرغة ما في جعبتها من مفردات "السحق" و"الدعس"، ومستعملة مخزونا هائلا من عبارات التشفي والحقد.

تشف وحقد، ظهرت بعض آثاره للعلن جليا، عندما وقفت "علوش" في أحد أيام العام 2016 أمام عدد من جثامين الثوار، مرتدية بزة مخصصة للصحافيين، ومتسلحة بابتسامة عريضة، لتلتقط لنفسها صورة "سيلفي"، صنفت بأنها واحدة من أبشع وأشنع لقطات الحرب في سوريا، ولكنها بالمقابل من بين أكثر الصور إظهارا لحقيقة المهمة التي يمارسها إعلاميو النظام، الذين حولتهم الحرب إلى وحوش، قبل أن يعودوا إلى اختصاصهم في التسويق لمطاعم الدجاج.

بقي أن نعرف أن صاحب مطاعم "عمو حميد" الذي ملأت صورة دجاجته الشاشة، واستنفرت لأجله مراسلة الإرهاب، وعدت مطعمه رمزا لانتعاش عاصمة سوريا الاقتصادية الأقدم.. أن صاحب هذا المطعم ليس سوى "حميد معشوق"، وهو متمول من جملة المتمولين الذين أفرزتهم السنوات الأخيرة، ورصدوا لأعمالهم رأسمالا غير هيّن من تمسيح الجوخ والتشبيح، كما تظهر ذلك صور معشوق مع شبيحة من وزن زعيم لواء القدس (التابع لإيران)، و"شادي حلوة" زميل "كنانة علوش" ومنافسها في الدعوات لتدمير حلب.
 

زمان الوصل
(283)    هل أعجبتك المقالة (217)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي