أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا دعم المجتمع الدولي فوز فريق 14 آذار؟ .. مهى عون

 


استقطبت المجريات التحضيرية للانتخابات اللبنانية اهتمام مختلف وسائل الإعلام العربية والدولية على مدى شهور، حيث عمدت الى تغطية كل مظاهرها على المستويات الشعبية والرسمية والإعلامية، وبشكل دوري ومكثف. والسؤال الأولي الذي يتبادر إلى ذهن المراقب أمام هذا الحشد الإعلامي الإقليمي والدولي الهائل، وهذا الصخب، وهذه الضجة، وهذا الغبار الكثيف الذي غطّى أجواء المعركة الانتخابية في لبنان، يتمحور حول الأسباب الكامنة وراء كل هذه المظاهر، وحول أهمية هذه الانتخابات بالذات، والتي قد لا يظهر للعيان ومن الوهلة الأولى ما يفرقها عن سواها.
وإن كان النائب الحريري يهدف من وراء توصيفها بالمصيرية على الصعيد الداخلي إلى الإشارة إلى أن نتائجها في حال فوز فريق 14 آذار، سوف تشكل رداً سلمياً وديمقراطياً من قبل الشعب اللبناني على واقعة 7 أيار، فمصيريتها على الصعيد الإقليمي متأتية من تعويل المجتمع الدولي عليها، وعلى إمكانية تحولها إلى مدخل وباب لتغيرات جذرية يمكن تحقيقها بواسطتها على صعيد الشرق الأوسط ككل.
ولقد ترجم هذا الاهتمام الإقليمي والدولي بالانتخابات اللبنانية عبر زيارات مكثفة لموفدين عرب، أوروبيين وأميركيين، كان من أبرزها زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث أعلن بأن واشنطن سوف تقرر سياستها تجاه لبنان على ضوء نتائج الانتخابات.
وفي وقت اعتبر بعض المراقبين هذا الموقف تدخلاً مباشرا في الانتخابات اللبنانية وبالشؤون اللبنانية بشكل عام، يبقى أن سياسة الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الديمقراطيين، ليست بوارد التضحية بأي معطى جديد بإمكانه المساهمة في إبعاد احتمال ضربة عسكرية أو مواجهة مع إيران، لعلم الولايات المتحدة ويقينها أن النتائج الانتخابات في حال وصول قوى 14 آذار إلى السلطة سوف تبعد شبح الحرب الإقليمية عن المنطقة، وتقرب الحلول السلمية، على أساس القرارات الدولية ومبادرة العاهل السعودي للسلام الشامل والعادل، والتي تبنتها الإدارة الأميركية الجديدة وتسعى لتنفيذها.
وفي حال خسارة حزب الله في الانتخابات، كما حدث البارحة، قد يشكل ذلك إشارة تلتقطها إيران من أجل التجاوب مع الاقتراحات السلمية الدولية. ومن المتوقع أن تذهب إيران في النهاية إلى اعتماد الخيار السلمي، خصوصاً في ظل احتمال عدم فوز الرئيس الحالي بولاية ثانية، وهو الذي يشكل حتى الساعة رأس الحربة الإيرانية في المواجهة الحالية.
وعندما قال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأن "انتصار المعارضة في الانتخابات هو انتصار للمقاومة في كل مكان"، كان يهدف للتأكيد على دور المقاومة في المرحلة المقبلة، على أساس أن وصولها إلى السلطة كان سيعزز حظوظ اندلاع حرب إقليمية، تماشياً مع استراتيجية إيران الاقليمية، وضرورات استعمالها للجنوب اللبناني في مجال رفع نسبة ضغوطها على المجتمع الدولي.
وإن صدقت نوايا الرئيس الإيراني في مراهنته على قدرة استثمار نتائج الانتخابات اللبنانية، لم تأتِ حسابات حقله على حساب بيدر الواقع، والذي يفيد بأن التغيير حاصل ولكن ليس كما تشتهي رياحه. وحيث كان يرى بعضهم بأن قول الرئيس الإيراني هذا سوف يساهم بإعطاء الدفع المطلوب من أجل إنجاح فريق 8 آذار، تبين على أرض الواقع وبعد عملية فض أوراق الاقتراع، بأن تأثير هذا الكلام انعكس سلبياً على الشارع المسيحي، القلق أصلاً من المد الإيراني، والذي تأكد من خلال كلام أحمدي نجاد من صحة ما كان يقوله الفريق الآخر عن مشروع "ولاية الفقيه" للهيمنة على القرار اللبناني.
ونتائج الانتخابات اليوم إنما تشير إلى حدوث أول خطوة في مسيرة الألف ميل باتجاه قلب المقاييس التي أرستها بعض قوى الأمر الواقع الإقليمية بقوة الترهيب تارة والترغيب تارة أخرى. وهنا لا بد من إخراج سوريا من الصورة.

فالنسبة لسوريا وبعد أن استقر رأيها على الاعتراف بالكيان اللبناني بعد ستين سنة من إنكارها له، قد تكون في مرحلة إعادة حساباتها بالنسبة للبنان، خصوصاً وأن أمامها ضرورة التنسيق مع أكثرية أعيد انتخابها بهذا الفارق الكبير. من ناحية أخرى وتماشياً مع أرادة الولايات المتحدة قد تقف على الحياد خلال مرحلة تأليف الحكومة المقبلة، كما وقفت في خلفية المسرح في المرحلة الانتخابية السابقة. وهو تصرف إيجابي جديد حيال لبنان لا بد من الاعتراف به، خاصة وأنها تأخذ بالحسبان اليوم انخراطها من جديد في عملية تسوية مع إسرائيل، ما يدفعها لعدم التورط في مشاكل وأزمات أياً كان نوعها، قد تعيق هذا المسعى، أو تضع العراقيل أمام إتمام عملية السلام المنشودة.

 

(100)    هل أعجبتك المقالة (98)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي