تسود في الوقت الراهن موجة استياء وغضب عارمة في نفوس أبناء مدينة "حرستا" بمنطقة "الغوطة" الشرقية من ريف "دمشق"، وذلك على خلفية قيام حكومة النظام بطرح "مقبرة الشهداء" الواقعة بين مدينتي "دوما وحرستا" للاستثمار في المزاد العلني.
حول هذا الموضوع قال "محمد الكردي" وهو ناشط إعلامي مهجّر من أبناء مدينة "حرستا" يقيم حالياً في منطقة "درع الفرات"، إن المجلس البلدي لمدينة "حرستا" تبنى قبل نحو يومين قراراً يقضي بطرح أرض "الزعرورة" للاستثمار عن طريق المزايدة العلنية، الأمر الذي أثار غضب غالبية أهالي "حرستا" المتواجدين فيها ودفعهم إلى تشكيل وفدٍ محلي لمقابلة "عدنان الوزة" رئيس بلدية المدينة، على أمل إلغاء المزاد حفاظاً على مشاعر ذوي الموتى المدفونين فيها.
واستدرك بالقول "لم يعبأ (الوزة) بمشاعر الأهالي ولم يقم وزناً أيضاً لممثلي مدينة (حرستا)، وإنما أصّر على إقامة المزاد في موعده، واكتفى بالإشارة إلى أن مسألة القبور ستعالج لاحقاً مع المستثمر الجديد".
وأضاف في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" قائلاً "جرى تحديد اليوم الثلاثاء كموعد للمزاد، مع العلم أنها أرض وقف؛ فيما تحظى هذه الأرض بمكانة خاصة في نفوس أبناء منطقة (الغوطة) الشرقية؛ إذ تحول قسمٌ منها إلى مقبرة تحتضن رفات مئات الكثيرين من أبنائها الذين قضوا خلال سنوات الثورة، بدلاً من مقبرتي (دوما، حرستا) اللتين كانتا مرصودتين نارياً من قبل قوات النظام".
ووفقاً لما أشار إليه "الكردي" فإن أرض "الزعرورة" تتبع لأملاك (الوقف) الموجودة في مدينة "حرستا" وهي أرض غير مُستثمرة، وتُعرف عند الأهالي باسم "مقبرة الشهداء"؛ ذلك أنها تضم ما يزيد عن 3 آلاف قبر، من أبناء المدينة وغيرها ممن قتلوا ما بين العامين 2012 و2018، أثناء سيطرة قوات المقاومة عليها.

وأصبحت أرض "الزعرورة"-كما يروي الكردي- مكاناً بديلاً للدفن سواء بالنسبة لأهالي "حرستا" أم لغيرهم من بلدات أخرى في "الغوطة" الشرقية، لأنها شكلت في فترة الحصار المكان الوحيد غير المكشوف من "الغوطة" الشرقية لإتمام عمليات الدفن بعيداً عن قوات النظام التي ركزت في تلك الفترة على عمليات القنص والاستهداف المباشر لمشيعي الجنائز في المقابر المعروفة والمكشوفة في أنحاء متفرقة من المنطقة.
وحدد النظام موعداً زمنياً للمتقدّمين على أن يجرى اليوم الثلاثاء في مقر الوحدة الإدارية في المجلس المحلي لمدينة "حرستا"، كما اشترط عليهم شراء دفتر الشروط بقيمة مالية مقدارها 5 آلاف ليرة سورية، بالإضافة إلى دفع مبلغ 50 ألف ليرة كتأمين للاشتراك في المزاد.
وسبق أن قامت قوات النظام في شهر تموز/ يوليو الفائت، بتجريف أكثر من 200 قبر من مقبرة "الشهداء" في منطقة "السنديانة" الواقعة في مدينة "دوما"، حيث تذرعت حينها بأنها إجراءات تهدف إلى إعادة تأهيلها لكونها كانت منطقة عسكرية قبل "الثورة".
ولفتّ "الكردي" إلى أن مقبرة "السنديانة" الموجودة في "دوما" تحوي قبوراً طابقية الغاية منها التغلب على صعوبة الدفن واستيعاب أكبر قدر ممكن من الموتى في سنين الحصار القاسية التي عاشتها المنطقة، ويصل عمق القبور فيها إلى حوالي 20 متراً، وبالتالي فإن عدد المدفونين في كل قبر منها لا يقل عن 10 أشخاص.
تقع مدينة "حرستا" في القسم الشمالي الغربي من "الغوطة" الشرقية، وتبعد 7 كم عن مركز العاصمة "دمشق"، وتعرضت إلى حملة عسكرية عنيفة شنتها قوات النظام مدعومة بغطاء حربي "روسي"، أسفرت في نهاية المطاف عن اتفاق نصّ على مغادرة مقاتلي "حركة أحرار الشام الإسلامية" برفقة آلاف الأهالي قسراً إلى الشمال السوري.
خالد محمد- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية