ليس في لبنان فحسب ..بل في المنطقة .. ماحدث من خسارة للقوى الوطنية ممثلة بالمعارضة هو مقياس للمنطقة كلها .. كان لبنان ميدان اختبار لما يمكن أن تفعله القوى العالمية ممثلة بأمريكا وحليفها العنصري المسمى بإسرائيل وباقي الأتباع في المنطقة كلها .
لقد ثبت بالملموس صحة توقعاتهم ودراساتهم وابحاثهم وتحليلاتهم . وأنه من الممكن قلب الوقائع دون حروب وتكبد خسائرفي أرواح جنودهم ومعداتهم ..هذه جربوها وانتهى الأمر ولن يعودوا اليها إلا بشكل مضمون بالكامل وتهيئة أرض المعركة بأيادي محلية تساهم عمليا ً .. هذه تجربة للمنطقة كلها .. وعلى القوى الوطنية العربية أن تتهيأ لهذه الحسابات .
لقد ثبت بالفعل أن قسم لابأس به من الشارع العربي لايمكن الركون اليه تماما ً مهما كان النفخ في الحالة الوطنية قويا ً وأنه بالامكان أخذه من قبل أي جهة الى أي مكان والتلاعب بمزاجه بالمال والغوغائية والمذهبية والطائفية بمزيد من الضخ الإعلامي
وقد تأكد هذا الأمر من قبل ومايزال مع غزة والعراق واذا ذهبنا أبعد نستطيع أن نصل الى الباكستان ( مذهبيا ً ).. هذا هو السيناريو المعد للأيام القادمة وسيكون ورقة تهديد قوية باليد الصهيونية في أية مفاوضات على مايسمى بالحل النهائي للقضية الفلسطينية التي تعتبر محسومة على الأرض لصالح الصهاينة الذين وضعوا يدهم على كل شيء في فلسطين كلها ولم يبق عصيا ً سوى قطاع غزة الذي يتكفل به النظام السياسي العربي .
من الثابت وبشكل لايقبل أية مماحكة أوتبرير أن القوى العالمية ومعها الصهاينة قد دخلوا علنا ً على خط الانتخابات اللبنانية .. من تدخلات ميشال سيسون السفيرة الأمريكية وجولاتها على أقطاب مايسمى بالرابع عشر من آذار الى اجتماع نائب الرئيس الأمريكي ( بايدن ) بهم في لبنان وتنسيقه لهم الى بقية أقطاب الادارة الأمريكية الى تهديدات الكيان الصهيوني المتوالية وتصريحات قياداته المؤيدة لهؤلاء وآخرها يوم أمس وخلال الانتخابات على لسان وزير مالية هذا الكيان بضرورة نجاح جماعة الموالاة وأن نجاح المعارضة سيكون سيئا ً لاسرائيل وسوف يتسبب بتغيير وجه المنطقة ..الى الكميات الهائلة من المال النفطي وآخرها حوالي ثلاثماية مليون دولار تم صبها دفعة واحدة في الأيام الأخيرة للآنتخابات . وزيارات السفير السعودي السابقة السريعة والمفاجئة والمتكررة حاملا ً الأموال وبشكل شبه علني .. ومع كل هذا التدخل الفج والوقح كان هذا الفريق يصرخ مختلقا ً تدخل وهمي لسوريا مع ثبوت كذب هذا الزعم .
على الرغم من ثبوت أكاذيب هؤلاء فيما يخص اتهاماته للقوى الوطنية بجريمة الحريري وبراءة الضباط الأربعة وتوجيه الأصابع باتجاه اسرائيل وجماعة بندر بن سلطان وثبوت فساد هذا الفريق و تورط قسم من أقطابه بعلاقة مباشرة مع مايسمى بإسرائيل فقد فاز هذا الفريق وإن كان هذا الفوز على حد السكين كما يمكن أن يوصف ( عشرة مقاعد ) .
هنا لايجب أن ننسى دور العديد من رجال الدين الذين تمكنوا من أخذ هذا الشارع الى الجانب الصهيو أمريكي وتلاعبه بعواطف الشارع وغرائزه الطائفية والمذهبية وقد برز في يوم الانتخابات تصريح البطريرك صفير العلني والمخالف للقانون المعمول به . وقبله عدد من رجال الدين الاسلامي في عملية تجييش مذهبية بشعة طيلة المرحلة السابقة وصلت الى حافة الاصطدام والذهاب باتجاه الحرب الأهلية . وهنا يتأكد ضرورة ابعاد رجال الدين عن التعاطي بالشأن السياسي وشؤون السلطة لأن بعضهم يقفزون فوق الحالة الوطنية في سبيل تحقيق مكاسب شخصية . وأن الدين في حقيقته هم أبعد مايكون عنه واثبتت الحالة اللبنانية أنهم عملاء أمريكا وكل من يريد السيطرة على المنطقة مباشرة أو مواربة مخترقين كافة المحرمات والمقدسات .
هذه الانتخابات بنتائجها تكشف بما لم يعد يقبل الجدل أن المرحلة القادمة والتي بدأت منذ صبيحة هذا اليوم التامن من حزيران هي مرحلة تحالف النظام السياسي العربي مع الكيان العنصري الصهيوني وبشكل علني وان حتمت عليهم الظروف شيئا ً من المداورة وضخ المزيد من الأكاذيب . معنى ذلك أن المبادرة العربية قد تم الاتفاق على تعديلها وفق المطلب الصهيوأمريكي والغاء حق العودة لأن من شروط الدعم الأمريكي والعالمي لقوى الموالاة اللبنانية هو القبول بالتوطين وتجنيس الفلسطينيين في المخيمات وهذا مايستدعي اعادة التفكير بتأخير اعادة لاجئي مخيم نهر البارد الى المخيم وهذا ماسيطبق على بقية المخيمات فقد تم شراء الأراضي بأموال سعودية وتحديد أماكن التوزيع الجديدة لادماجهم نهائيا ً في نسيج المجتمع اللبناني .
الآن ستشهد الساحة اللبنانية نوعا ً من الهدوء وتظاهر قوى الموالاة بالعودة الى الحالة العربية لتمرير المخطط وتهدئة الخواطر المرتابة ريثما تنهي السياسة الأمريكية تهيئة الأرض في بقية المنطقة لاستعادة زخمها واعادة ثقة الكيان الصهيوني بنفسه وتأكيد التحالف العربي الصهيوني الجديد وترسيخ نقاط ارتكازه .
لنراقب التحركات والتصريحات الأمريكية والصهيونية وندقق في تصريحات النظام السياسي العربي المبطنة والقابلة للتأويل في اتجاهات متعددة ونتأكد .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية