تلقت ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ضربات مؤلمة من تنظيم "الدولة الإسلامية" في الجزيرة السورية خسرت فيها عشرات القتلى والجرحى، هذا عدا عن الضحايا المدنيين، ما يؤكد فشل سلسلة العمليات الأمنية التي نفذتها هذه القوات بالتعاون مع قوات التحالف الدولي في ريف دير الزور وما يتاخمه من ريفي الرقة والحسكة، لكنها من جهة أخرى تصب في صالح رواية هذه القوات المدعومة أمريكيا حول استمرار خطر عناصر التنظيم على المنطقة.
مرّ نحو شهرين على بدء عمليات المداهمة نفذتها "وحدات مكافحة الإرهاب" في "قسد" وقوات التدخل السريع "هات" في ميليشيا "آساييش" بدعم أمريكي جوي وبري في مناطق "الشحيل والخابور ومركدة والشدادي وتل الشاير والدشيشة" والبادية القريبة من الحدود العراقية إلى جانب "الطبقة" و"الكرامة" على جانبي نهر الفرات بالرقة، ومع استمرار هذه العمليات وآخرها اليوم (الثلاثاء) في ناحية "البصيرة" وجنوب الحسكة، لكن معظم هذه المناطق شهدت سلسلة انفجارات بعربات ملغمة ودراجات نارية وعبوات تبناها عناصر تنظيم "الدولة".
رغم محدودية تأثير مفخخات التنظيم نظرا لقلة الخسائر بصفوف "قسد" وعمودها الفقري "وحدات حماية الشعب" الكردية رأس حربة التحالف الدولي في الحرب على "الإرهاب" في سوريا، لكنها أثبتت قدرة خلايا تنظيم "الدولة" على استهداف عمق المناطق الخاضعة لسيطرة حلفاء واشنطن، وهو خير مثال ودليل يستخدمه الأمريكيون لإقناع حلفائهم الأوربيين بضرورة وجود القوات العسكرية الغربية بالمنطقة لمنع عودة التنظيم وأهمية دعم القوات المحلية الشريكة بالتدريب والعتاد والمعدات حتى القضاء على الخلايا النشطة بالمنطقة، وهنا تؤكد بيانات "قسد" دائما أن التنظيم مازال يشكل خطرا على المنطقة، حتى أن الإدارة الكردية قالت عبر وكالة "هاوار" الناطق باسمها إن خطر التنظيم مازال قائما، مدللا على ذلك بخروج العشرات من نساء وأطفال عناصر التنظيم يوم أمس في مخيم "الهول"، وهم يكبرون بعد رفع مجهولين لراية التنظيم على عامود إنارة وسط المخيم.
لم يكن أسلوب تنظيم "الدولة" باستخدام الانتحاريين واضحا في الهجمات الأخير والمنفذة بمعظمها عبر دراجات أو سيارات مركونة، واستهدفت لأول مرة منذ أشهر طويلة مقرات ونقاطا لميليشيات مسيحية تعمل تحت مظلة "قسد" والإدارة الذاتية الكردية وكنيسة، وهو أمر يظهر عجز هذه القوات الكردية عن وقف الهجمات المتكررة من جهة، ولكنه يبرز خطورة تنظيم "الدولة" على الوجود المسيحي (الآشوري -السرياني) بالجزيرة من جهة أخرى، ما يصب في صالح مشروع "قسد" لتبرير استمرار الدعم الأمريكي اللامحدود وآخره دخول قافلة عسكرية جديدة مؤلفة من 200 شاحنة من العراق إلى الحسكة.
وواجهت ميليشيا "آساييش" الكردية المسؤولة عن أمن المنطقة، الهجمات الأخيرة عبر فرضها حظرا للجوال على الدراجات النارية بدل التصدي لها واكتشافها قبل انفجارها، رغم أن الهجمات القوية كانت عبر سيارات مفخخة واهمها استهداف مقر عسكري في "الطيانة" لقوات التدخل السريع "هات" الضالعة بمعظم المداهمات الليلية ضد عناصر التنظيم السابقين أو المتخفين غالبا في مناطق كانت تحت سيطرتهم بمناطق الجزيرة.
يرى مراقبون أن مسلحي "قسد" حلفاء واشنطن لا يواجهون خلايا تنظيم "الدولة" فقط، بل هناك دور لأطراف أخرى على رأسها قوات النظام والميليشيات الإيرانية المنتشرة على الضفة الأخرى لنهر الفرات وتحاول تجنيد أشخاص داخل مناطق سيطرة هذه القوات بدير الزور، الأمر الذي أكدته مصادر عسكرية من "قسد".
ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الهجمات جاءت بعد حديث المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا "جيمس جيفري" خلال زيارتهم لقاعدة "العمر" الأمريكية في العاشر من الشهر الجاري عن بقاء القوات الأمريكية في سوريا لضمان عدم عودة تنظيم "الدولة" وخروج القوات الأجنبية الأخرى من البلاد والوصول إلى حل سياسي ومنح العرب دورا أكبر في إدارة مناطقهم بدير الزور، ما يرجح ان يكون بعضها مفتعلا من القوات المسيطرة أصلا لتأكيد ما تحذر منه مرارا وتكرارا.
وضربت سلسلة انفجارات بسيارات مفخخة ودراجات نارية مناطق سيطرة "قسد" خلال هذا الأسبوع أوقعت عشرات القتلى والجرحى بينهم مدنيون في بلدات "الصور" و"الطيانة" و"ذيبان" و"أبو حمام" بدير الزور ومدينتي الحسكة و القامشلي و بلدة "مركدة" بمحافظة الحسكة.
محمد الحسين - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية