أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نتانياهو ومهمة إنهاء الخطر الإيراني ... رشيد شاهين

منذ استلام بنيامين نتانياهو السلطة في إسرائيل نهاية شهر آذار من هذا العام لم يتوقف هو وفريقه في حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة التي شكلها عن إظهار المواقف المتعنتة والرافضة لكل ما يمكن أن يمهد إلى إيجاد تسوية لصراع مستمر منذ عشرات السنين وقد تمثلت هذه المواقف بشكل صارخ في رفض نتانياهو الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ورفض التعاطي مع أي حل يمكن أن يقود إلى دولة فلسطينية إلى جانب دولة الكيان بالإضافة إلى العودة إلى النغمة القديمة الجديدة التي تقول بان الأردن هي فلسطين وان حل المسالة الفلسطينية لا بد من ان يكون على حساب الدولة الأردنية.

مواقف بنيامين نتانياهو -المتطرفة والمتشددة والتي تنم عن عقلية عدوانية متجذرة في ذهن الرجل- تلك، لم تقتصر على ما قيل في قضية الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي، لا بل هي امتدت لتشمل إيران، وقد تحدث الرجل في الموضوع بالطريقة ذاتها تقريبا التي كان يتحدث بها جورج بوش الابن الذي اعتقد بأنه يوحى إليه من "رب عليم" وانه ينفذ إرادة الله الذي أرسله لتخليص العالم من "الأشرار".

خلال اجتماع له مع أعضاء الكنيست، قبل عدة أيام، وكما نقلت الإذاعة الإسرائيلية في حينه قال نتانياهو ما مفاده "انه ما لم تقم إسرائيل بمواجهة التهديد الإيراني فان أحدا لن يقوم بذلك" كما أكد على أن مهمته وقبل أي شيء هي "ضمان مستقبل دولة إسرائيل والقضاء على هذا الخطر الذي سيقضي علينا" كما شدد على أن إسرائيل "تحتفظ بحقها في الدفاع عن سلامة مواطنيها" وانها "ليست مثل غيرها من البلدان".

رئيس وزراء الكيان يلمح إلى إمكانية قيام إسرائيل بضربة إلى إيران وهذا يذكرنا بالحديث الذي ساد خلال فترة الرئيس الأمريكي بوش الصغير الذي تحدث كثيرا عن الحروب الاستباقية والتي من خلالها أعطى لنفسه ولأميركا الحق بتوجيه ضربة عسكرية أو شن حرب مدمرة على أي بلد في العالم بحجة أنها قد تشكل خطرا على الولايات المتحدة بغض النظر عن صحة ذلك أم لا، فهو من يقرر ذلك وهو الذي يحدد فيما إذا كان هذا البلد يشكل خطرا أو لا كما انه لم يضع أية معايير لتحديد مفهوم الخطر بل ترك الأمر مفتوحا على مصراعيه وبالتالي فان الأمور في مثل هذه الحالة تبقى معومة وقابلة لجميع الاحتمالات.

هذه السياسة بالنسبة لنتانياهو وعلى غرار بوش يمكن أن تنطبق على أي بلد في العالم، فهو قد يقوم بمهاجمة أي من عواصم أو مدن الدول القريبة أو البعيدة، بحجة أن هنالك خطرا يتشكل على دولة الكيان، كما ان هذا التهديد الذي لا نعتقد بأنه مبرر يأتي في الوقت الذي أكدت فيه طهران ولا زالت بان برنامجها النووي ليس للأغراض العسكرية بقدر ما هو للأغراض المدنية أو السلمية، كما أكدت في أكثر من مناسبة انه فقط من اجل النهوض بأوضاع إيران والتقدم بهذا البلد إلى الأمام.هذا التهديد يأتي برغم ان أميركا ذاتها تتجه إلى التعامل مع الموضوع الإيراني بشكل دبلوماسي عدا عن انه لم يثبت حتى اللحظة بان البرنامج النووي الإيراني هو لأغراض العسكرية.

نتانياهو الذي اعطى لنفسه الحق بتهديد إيران واتخذ قراره نيابة عن العالم " انه ما لم تقم إسرائيل بمواجهة التهديد الإيراني فان أحدا لن يقوم بذلك"، وان مهمته القضاء على البرنامج النووي الإيراني يقول ذلك دون ان نسمع أي من دول العالم "المتحضر" تنبس ببنت شفة، بينما لو قال هذا الكلام أي من ساسة إيران أو العرب لقامت الدنيا في الغرب المنافق ولم تقعد، والحقيقة ان هذا التهديد والمواقف الغربية المتناقضة والمنافقة تذكرنا بما كان قد قاله الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عندما قال بأنه "إذا ما تعرض العراق لاعتداء إسرائيلي فانه سوف يحرق نصف إسرائيل"، تهديد صدام حسين جاء مشروطا بأي اعتداء على بلاده، إلا أن الغرب لم ينظر إلى تلك أل "إذا" الكبيرة التي استعملها صدام، ولا نعتقد بان أحدا قد نسي ردود الفعل الغربية على ما قاله الرئيس العراقي، وكان ان دفع ثمنا لذلك التهديد حربا مدمرة على بلاده عام 1991 وحصار خانق أدى إلى قتل ملايين العراقيين ثم اتبع بغزو فاحتلال وقضاء على دولة العراق في العام 2003.

هذا الأمر لا يقتصر على رئيس وزراء الكيان، لا بل هو يمتد ليشمل معظم إن لم يكن جميع أركان حكومته وفي مقدمهم ليبرمان الذي هدد بضرب السد العالي كما طالب بضرب غزة بسلاح نووي، وعلينا أن نتصور كيف كان يمكن للعالم أن يتصرف فيما لو كان مثل هذا التهديد - ضرب مدينة أو منطقة في إسرائيل بالسلاح النووي- وكيف ستظهر المواقف الحقيقية المؤيدة لإسرائيل والمعادية للعرب والمسلمين.

يبقى القول بان على العرب ألا - ينجروا - إلى محاولات إسرائيل والعالم الغربي تهويل الخطر الإيراني في محاولة لتشتيت الأذهان عن الخطر الحقيقي الذي تشكله دولة الاغتصاب خاصة وان المنطقة ومنذ ان تم إنشاء هذا الكيان العنصري لم تهدأ بسبب السياسات الإسرائيلية والغربية الداعمة لها، وهنا لا بد من التأكيد على مواقف العديد من القادة العرب وكذلك الأمين العام لجامعة العربية من ان الخطر الحقيقي إنما يتمثل في دولة الاغتصاب، وان كل ما يقال عن الخطر الإيراني إنما محاولات - لترويض- العقل العربي من اجل القبول بفكرة الدولة الصهيونية وانها لم تعد تشكل جسما غريبا في المنطقة، وانها يمكن ان تكون السند وربما - الحامي والمدافع- عن حياض الأمة وهذا ما لا يجوز ان ينطلي على أبناء هذه الأمة لان الخطر الحقيقي يتمثل فقط في وجود الكيان الغاصب ومن اجل ذلك فإننا نعتقد بأنه لا ضير في ان يقوم حوار جاد بين الدول العربية والدولة الإيرانية من اجل الوصول إلى تفاهمات مشتركة ولوضع حد لكل ما يقال في هذا الإطار.

2-6- 2009

(101)    هل أعجبتك المقالة (97)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي