وُلِدَ الياس قنصل في مدينة بيرود سنة 1914وهو الشقيق الأكبر للشاعر زكي قنصل والتحق بمدارسها الابتدائية حوالي سنتين وسافر مغترباً مع والده إلى البرازيل سنة 1924 وهو في العاشرة من عمره ثم انتقل إلى الأرجنتين وبقي مدة قصيرة فعاد إلى مسقط رأسه ودخل المدرسة ثانية وبقي في بيرود حتى سنة 1930 فعاد مجدّداً إلى الأرجنتين ، فعملَ تاجراً متجوِّلاً ( بالكشّة ) لفترة من الزمن ، وبدأ ينظم الشِّعْر ليلاً بعد انتهاء عمله النهاري . وينشرأعماله بالصحف مأجوراً ، ثم تولّى تحرير ( الجريدة السورية اللبنانية ) مدة ثلاث سنوات ثم أنشأ لحسابه مجلة أسمّاها ( المناهل ) عاشت ثلاث سنوات ( 1937 ـ 1940 ) وكان يجيد الاسبانية والفرنسية وترجم عنهما الكثير وبدأ يطبع كتاباته في كُتيّبات صغيرة متتابعة فالديوان يلحق القصّة والقصة تتلو الرواية والرباعيات تنتثر هنا وهناك ، وحتى الخمسينات من القرن الماضي كان لا يزال نصف تناجه مخطوطاً .
وفي سبعينات القرن الماضي كان له الفضل الأكبر بإقامة ندوات أدبية أسبوعية في بونس أيرس يقصدها الكثير من أدباء وشعراء الجالية العربية .
قام خلال سنة واحدة بزيارة العديد من البلدان العربية وقابل كبار الشعراء والأدباء فيها ونشرت مجلاتها وصحفها العديد من أعماله. وأخيراً فتح متجراً لبيع ( الخردة ) وأمّن لنفسه الاستقرار والاستقلال المالي . توفي الياس قنصل في الأرجنتين سنة 1981 .
كان شاعرنا صاحب مقدرة أدبية فذّة وشاعرية ملهمة بلغة متينة وذكاء شديد وروح مرحة ويُعتبر أخصب أديب عربي من أدباء المهجر الجنوبي ، برع في فن الخطابة فكان يُثير الحماسة والإعجاب في كل حفل تكلّم فيه كما يُثير السخط والنقمة في صدور الأثرياء بحملاته الشعواء عليهم . لا نجد بشعره سوى القليل من الصوَر الشعرية ، بينما آثاره النثرية كانت على عكس ذلك فيسيطر فيها على البيان ويُلْبِس المعاني ما شاء من الحلل والألوان ويُشغف القارئ برشاقة الأسلوب وأناقة التصوير وحارة الحوار وطرافة الحوادث والمفاجآت ، ويخوض المعارك القلمية بجرأة نادرة ويُهاجم خصومه بالسّوْط بدلاً من مهاجمتهم بالحجّة .
مؤلّفاته الشعرية : ديوان على مذبح الوطنية ـ العبارات الملتهبة ـ الأسلاك الشائكة ـ
نسمات الفجر ـ الرباعيات ـ السّهام .
مؤلّفاته النثرية : في الرواية :( على ضفاف بردى ) ـ في القصة : ( صديقي أبو حسن )
في النقد : (أصنام الأدب ) ـ في النثر : ( البقايا ) .
مؤلّفاته المخطوطة : أوراق مبعثرة ـ وقصة دولة المجانين .
مقتطفات من أعماله النثرية :
ـ فقصّته ( صديقي أبو حسن ) : تتمنّى لو طالت أضعاف ما هي لأنك تخرج من كل فصل
بمتعة وعِظة .
ـ وقصّته ( دولة المجانين ) : تأخذك فيها نشوة المرح حتى لتشدّ على خاصرتيك من شدة
الضحك ، لاسيما عندما تصـل إلى سائق الحافـــلة ذي
الشاربين الطويلين العريضين اللذين لو باعهما بالكيلو لمـا
احتاج إلى العمل بقية حياته .
ـ وفي كتابه ( أصنام الأدب ) : سدّد فيه سهامه الحادة إلى صدور خمسة عشر شاعراً هم
في اعتقاده إنهم الزوان الذي يجب عزله عن قمح المهجر .
ـ ونقرأ قي مخطوطته ( أوراق مبعثرة ) :
ـ تظلّ المرأة من الجنس اللطيف إلى أن تتزوّج .
ـ الصراحة . دواء قليله يُشفي وكثيره يُميت .
ـ إذا ذهبت إلى حقلة راقصة برفقة زوجتك فكأنك ذاهب إلى وليمة وأنت شبعان .
ـ شعورك بأنك محسود ، فضل للحاسد عليك .
ـ مهمة الأطباء . شفاء المرض والقضاء على المريض .
ـ مَنْ لا يُحسِن السباحة ، عليه أن يُحسِن الاستنجاد .
ـ إن أردت من ألحمق أن ينوب عنك بعمل ، قل له إن زنوده قوية .
مقتطفات من أعماله الشِعرية :
1 ـ قال في الحنين إلى الوطن :
أبعدَ ربوع رضع المجد أرضها نرى لذّة العيش في وطن ثان ؟
وهل بعد سوريا تروق لشـاعر بلاد ولو كانت كجنّة رضـوان
2 ـ وقال في الحكمة :
والمرء في الإدراك والإحساس لا بالوجه يحمل صورة الرحمن
ما كل نفس بالحقــيقة تهـتدي بعض النّفوس تُقاد بالأرسـان
مَن كان في حجر الأفاعي ناشـِئاً غلبـت عليه طبائع الثعبـان
3 ـ وقال هذه النصيحة في رباعيّاته :
كُن قوياً لتجعل الحـق فرضاً يتولّــى بقسطه الأحكـاما
ظالم يفتـح النواظـر خيـر من رحيم يغيث من يتعامـى
إن حق الضّعيف حقٌ ضعيفُ عَصَـرَ الدّاءُ لحمه والعظاما
أسخف الناس ناعم بخمــول يتمنّـى من القوي احتـراما
-----------------
1/6/2009
المصادر والمراجع :
ـ أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأميركية : جورج صيدح . القاهرة 1956
ـ مواقع على الإنترنت
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية