أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين الصمود والاستسلام شعره !... نازك أبو رحمة

خيط رفيع هو الفاصل  بين الكلمة والأخرى فإن قطع باتت الكلمات متشابهة في شكلها ومضمونها وحتى في تبعثر حروفها، ففي حياتنا كثيرة هي المصطلحات التي نتداولها ونسطرها على شفاهنا منطلقين فيها من أفعال نطبقها ونعمل بها، لكن  التناقض بين الفعل والمسمى يتجسد في حقيقة الأمر، وحين نعرج إلى مجتمعاتنا  نرى ضبابه  تركزت في عقولنا وعلى أعيننا  بين الصمود والاستسلام، "فالصمود" مصطلح  بات شائعا على شفاه العديدين هذه الأيام  حتى باتت المنابر  الإعلامية  في الوطن العربي  كثيرا ما تردده وتنادي به، بل اتسعت دائرته بأن أضحى  كل شيء يحدث للشعوب  يسمى صمودا نحيي فيه أصحابه وخاصة ممن يعيشون تحت سقف "المحتل"،  لكن علينا أن نفرق هنا بين الصمود والتمسك بالحقوق والثوابت،  وبين استسلامنا للواقع والبقاء على نفس الحال دون تغير , ففي هذه الحالة نكسوا أنفسنا بثوب الصمود وفي داخلنا مسمى "الاستسلام " ليكون الأخير هو الأداة  التي تحرك تصرفاتنا ,لنتمثل في نهاية المطاف كقاعدة شطرنج تحركنا عبر خيوط  من دون أن نشعر بذلك فنستيقظ  فجأة على مقولة "كش ملك " ..

إن الصمود لا يتمثل  في بقاء الشعب في مكانه دون حراك ظاناً نفسه أنه يفعل شيء كبير له ولوطنه ويبدأ بالفخر والاعتزاز بنفسه، كمثل الفقير الذي لا يملك مالا لشراء حذاء فيخرج كل يوم إلى الشارع "حافيا"، ومن المحتمل هنا أن  تنزف  قدماه  من قطعة زجاج أو ما شابه ذلك  ويبدأ إصرار ذلك الفقير أن يكمل طريقه متصورا أن ما يفعله صمود وتحد لواقعه، لكنه في حقيقة الأمر استسلام لواقعه،  فقد نسى أن يصنع شيء لنفسه ويغير سلوكه وان لم يجد المال لشراء ذاك الحذاء ..

بين الصمود والاستسلام عنصر مشترك  ينصب في" البقاء " والشعرة التي تفصلهما هي محرك التغيير،  فان لم يقترن الصمود بعنصر التغير من داخل الإنسان ونشره إلى الخارج  مع الاستفادة من العوامل الموجودة  لصناعة التغير فلن يتجسد هنا، لا في المكان ولا في النفوس، بل سيستبدل بالاستسلام  فعلى الإنسان أن يحذر من تداخل المصطلحيين ونسيان ذلك الفاصل الرفيع , مما سيؤدي إلى اختلاط الأمر بين المصطلحيين  وكأنهما يد واحدة في حال عدم التيقظ  , فإذا حدث هذا الأمر فليضمن الإنسان دخوله في دوامات لن يكون فيها هو الخاسر الوحيد، بل المجتمع  الذي سينعكس فكر هذا المستسلم عليه، فهنا عنصر المصارحة مع النفس "وعدم الضحك عليها " مع التنبه واليقظة على أن لا نخلط الأوراق ليعكس ذلك تشوها في عقولنا  والتركيز على عقارب الساعة في أن يمر الوقت دون صناعة تغير ..

إن تأقلمنا مع الواقع  وانتظارنا للفرج أن  يسقط علينا من السماء إلى الأرض ونبدأ في كل يوم استخدام نفس الأدوات في العمل و التفكير ونتوقع نتائج مختلفة ,هنا نضمن لأنفسنا أننا وضعنا في مقصلة الاستسلام لا الصمود ..

(107)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي