أكد السفير الفرنسي السابق في سوريا "ميشيل دوكلو"، أن نظام الأسد لن يتغير ما دام يعتقد أنه "كسب الحرب"، مشددا على أن بشار تمكن من البقاء في السلطة باستخدام العنف والإرهاب.
وقال لصحيفة "لوموند" إن "نظام بشار الأسد تمكن من البقاء في السلطة باستخدام العنف والإرهاب، كما فاز في حرب الدعاية بطريقة ترضي أصحاب الرأي الذين تناسوا بسهولة كل الجرائم التي ارتكبها حتى قبل الحرب الأهلية". وأرجع الدبلوماسي أسباب بقاء نظام الأسد في الحكم إلى طبيعة النظام الذي أسسه حافظ الأسد عام 1970 والذي يقوم هيكليا على أقلية، لأنه يعتمد على الطائفة العلوية ويضمن الاستمرار عن طريق العنف والإرهاب، ضاربا مثالا على ذلك بمذابح حماة في عام 1982 حين لجأ حافظ الأسد إلى أقصى حدود العنف، مما تسبب في قتل ما بين 15 ألفا و20 ألفا.
أما السبب الثاني فلأن بشار الأسد اختار التوجه إلى أقصى حدود العنف ضد المظاهرات الأولى في درعا عام 2011، ما أدى إلى حمام دم لوقف الثورة التي تم الإعلان عنها، وكانت فرصته الكبيرة هي اندلاع التمرد في وقت سئم فيه الرأي العام الغربي وصناع القرار - خاصة في الولايات المتحدة- من التدخل الخارجي، وترك المجال مفتوحا لروسيا بوتين.
وأشار إلى أن الصراع السوري سمح لروسيا بأن تصبح قوة عظمى بعد أن استغل سيد الكرملين هذا الفضاء ليظهر للغربيين أنه لم يعد يقبل تغييرات النظام التي يفرضها الغرب على حلفائه وأتباعه، معتبرا بأنه ومن خلال التدخل العسكري في سوريا في خريف عام 2015 أراد بوتين استعادة مرتبة روسيا على الساحة الدولية بعدد قليل جدا من الوسائل العسكرية وحقق نجاحا يفوق توقعاته، ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تحدث أزمة في الشرق الأوسط دون أن تلعب الولايات المتحدة دورا مركزيا فيها.
ورأى أن انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط اتضح في آب وأيلول 2013، وذلك عندما استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه، واستسلم الرئيس الأميركي باراك أوباما ولم ينفذ الضربة التي كان من المتوقع أن تترتب على تجاوز "الخط الأحمر" الذي رسمه هو نفسه.
واعتبر الدبلوماسي أن النظام فاز بحرب الدعاية في الوقت الراهن، خاصة وأنها كانت دعاية فعالة قائمة على عناصر حقيقية ولها صدى قوي لأن صعود الإسلاميين كان حقيقة واقعة، وقد استطاع النظام -الذي كان مسؤولا إلى حد كبير عن ذلك- أن يظهر في ثوب السلطة العلمانية الحامية للمسيحيين.
ونوه الدبلوماسي الفرنسي الذي يعمل حاليا كمستشارا في معهد "مونتين" إلى أن الحرب في سوريا بالنسبة للغرب تشبه الحرب الأهلية الإسبانية.
وأضاف مؤلف كتاب "ليل سوريا الطويل" أنه "شعر في نهاية السنة الأولى من الصراع في صيف عام 2012 بأن سوريا تخوض (حرب إسبانيا) ولكن في العصر الحديث"، موضحا "مع أن المواقف التاريخية لا تتكرر أبدا بشكل متماثل وأن عالم اليوم ليس عالم الثلاثينيات فإن أوجه التشابه لافتة للنظر بما يكفي لإلقاء الضوء على التحديات التي تفرضها الحرب السورية على ديمقراطياتنا اللاهثة كما كانت ديمقراطيات الثلاثينيات".
ولفت إلى أن الديمقراطيات الغربية حينها "اختارت ضبط النفس، في حين لم يتردد معارضو الديمقراطية في التدخل -كألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية اللتين دعمتا فرانكو عسكريا على نطاق واسع- تماما كما تدعم إيران وروسيا اليوم بشار الأسد.
وتطرق إلى لوحة "حلبونيكا" للرسام البرتغالي "فاسكو غارغالو" لمدينة حلب التي دمرتها الطائرات الروسية، وقال إنها لا تختلف عن لوحة "غرنيكا" للرسام "بيكاسو" عام 1937 لقصف مدينة "نايرني" التي دمرتها الطائرات النازية خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) إلا في أبطالها بوتين والأسد.
مؤلف "ليل سوريا الطويل".. مسؤول فرنسي يكشف أسباب بقاء الأسد

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية