تلقت الفتاة السورية "صبا عماد العبيد" وهي لاجئة من أبناء مدينة "القريتين" بريف "حمص" الشرقي، تقيم في مخيم "الأزرق" داخل الأراضي "الأردنية"، يوم أمس الأربعاء، قراراً يقضي بترحيلها خارج أراضي المملكة خلال فترة أقصاها شهر واحد.
وجاء قرار الترحيل الإجباري الذي طال أيضاً أخاها "عبد الله" بعد مضي أيام قليلة من موافقة حكومة "النمسا" على طلب لمّ الشمل الذي تقدّم به والدها لوالدتها وإخوتها الصغار، في حين تمّ رفض ملف "صبا" وأخيها الذي يدرس الصيدلة لكونهم تجاوزوا سن 18عاما.
وروت الشابة "صبا" في منشور لها في صفحتها الشخصية على موقع "فيسبوك"، تفاصيل الحادثة قائلة "دخلنا إلى (الأردن) في السابع من تموز/ يونيو 2013، وأوصلنا الدرك (الأردني) إلى المخيم (الأزرق)، ثمّ قرر والدي في العام 2015 السفر عن طريق البحر إلى (النمسا)، ساعياً لتأمين حياة أفضل لعائلته من المخيم، ووصل بخير إلى هناك وتمكن من الحصول على الإقامة (النمساوية)".
وأردفت "تقدّم أبي بعدها بطلب لم الشمل لنا، لكن المفاجأة كانت أن السفارة رفضت المعاملة الخاصة بي وبأخي (عبد الله)، بسبب تجاوزنا السن القانوني (18 عاما)، وبناءً عليه قررت إكمال دراسة البكالوريوس في (الأردن)، والسفر بعد سنتين إلى أهلي للدراسات العليا".
وأضافت "تحدد موعد سفر عائلتي إلى (النمسا) في 13 من شهر أب/ أغسطس المقبل، ليصلنا قرار من وزارة الداخلية (الأردنية)، ينذرنا بضرورة المغادرة في حال مغادرة والدتي البلاد".
حسب ما ورد في المنشور تعيش "صبا العبيد" حالياً أسوأ أيام حياتها، حيث أنها لا تستطيع العودة مع أخيها إلى "سوريا"، ولا السفر إلى "النمسا"، ولا يوجد أي دولة تمنح تأشيرة الدخول للسوريين، كما أنها معرضة لخسارة جامعتها وطموحها، لذلك فهي تبحث الآن عن أي حل يجنبها الترحيل ويبقيها في "الأردن" فقط.
وحسب مصدر مطلع على ملف "صبا" فإن الخارجية "الأردنية" رفضت أن تسلّم "صبا" وأخاها نص القرار، على اعتبار أنه قرار أمني غير قابل للتداول، ووفقًا لقوانين اللجوء في "الأردن"، فكل شخص يحمل بطاقة من المفوضية السامية لـ"الأمم المتحدة" لشؤون اللاجئين، يُمنع ترحيله قسراً من "الأردن"، لكن هذا الأمر حدث فعلاً مع عشرات الحالات التي جرى ترحيلها وإعادتها إلى "سوريا" بذريعة "تجاوز القانون".
وأشار المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لـ"زمان الوصل"، إلى أن قرار الترحيل الذي صدّر عن الداخلية "الأردنية"، لا يمكن أن يُلغى بطعن قضائي، وأقصى ما يمكن فعله لـ"صبا" هو تمديد فترة الإخلاء. وأوضح المصدر ذاته أن ملفي اللجوء لـ"صبا" وأخيها عائلية، أي أنها مجموعة في ملف واحد مع ملف العائلة، وعليه فإن كل السفارات الأجنبية ترفض استلام ملف لجوء بحال لم يكن ملف المتقدم مفصولا عن عائلته، وعليه فإن معاملة فصل المفوضية إن تمّت -وهذا أمر مستبعد على اعتبار أن مفوضية العائلة صادرة من مخيم الأزرق- بحاجة لأشهر طويلة.
واستطرد قائلاً "تحتاج (صبا) للحصول على استثناء من أي سفارة أجنبية تقبل ملف اللجوء الخاص بها وبأخيها، بالإضافة للسماح لهما بالخروج الآمن عن طريق "وثائق سفر" نظامية، لعدم امتلاكهما جوازات سفر سارية المفعول." وكانت "صبا العبيد" عاشت لفترة من حياتها في دولة "الإمارات العربية المتحدّة"، لتعود إلى "سوريا" برفقة عائلتها، قبيل اندلاع الحرب بأشهر قليلة، ثمّ أُجبرت العائلة على النزوح باتجاه "الأردن" في العام 2013، وهناك تمّ وضعهم قسراً في مخيم "الأزرق"، فيما لم تفلح محاولات العائلة المستمرة بالخروج من المخيم، نتيجة التشديد الأمني الذي تفرضه المخابرات "الأردنية" على اللاجئين السوريين فيه، وبالتالي لم يسمح لهم بالمغادرة.
وعلى الرغم من المصاعب الكثيرة التي واجهت "صبا" وعائلتها في "الأردن"، إلا أنها رفضت الاستسلام لظروفها الصعبة أو التخلي عن متابعة تحصيلها العلمي، وخلال العامين الماضيين كانت تخرج إلى الدراسة في كلية "هندسة البرمجيات" في جامعة "فيلادلفيا"، عن طريق التصاريح الأمنية الشهرية التي يتم استصدارها من مخيم "الأزرق" والتي تلزمها الرجوع بشكلٍ أسبوعي وأحياناً يومي إلى المخيم.
وسجّلت "صبا" براءة اختراع سترة نجاة من الغرق في البحر، مزودة بجهاز تحديد المواقع العالمي (جي_بي_إس)، وتعمل بشكلٍ آلي، عند تعرض الشخص للغرق، إذ تبعث برسالة إلى أقرب قوة لخفر السواحل، وتوضح بدقة موقع الشخص الذي يرتدي السترة، وكُرِّمت على إثرها بعشرات الجوائز العلمية.
الجدير بالذكر أن قضية الشابة "صبا العبيد" لاقت تفاعلاً كبيراً من قبل عددٍ من الناشطين السوريين الذين عبّروا عن تضامنهم وتعاطفهم مع قصة الفتاة المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب أن وصلها الإنذار من وزارة "الداخلية الأردنية" بضرورة مغادرة البلاد خلال شهر واحد، داعين في الوقت نفسه المنظمات الدولية والإنسانية إلى مساعدتها والوقوف إلى جانبها ضد القرار التعسفي بترحيلها من "الأردن" برفقة أخيها قبل منتصف الشهر القادم.
خالد محمد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية