أثارت ثائرة إعلام النظام وصفحاته، واستخدموا كل ما لديهم من مخزون التنديد والاستنكار والتشنيع، لدى تناقلهم خبرا مقرونا بالصور عن ضرب وتعذيب طفل من قبل صاحب الورشة التي يعمل فيها بريف دمشق.
وتعود القصة إلى إقدام أحد ملاك ورش الحدادة بمدينة التل على ضرب وتعذيب طفل يتيم عمره 10 سنوات يعمل لديه في الورشة، ما ترك آثارا واضحة على جسد الطفل الغض.
ووصفت وسائل إعلام النظام ما تعرض له الطفل بأنه "تعذيب وتعنيف جسدي ونفسي وحشي"، مؤكدة أن شرطة النظام وقضاءه تكفلا بأخذ حق الطفل، بعد القبض عل الجاني وإيداعه سجن عدرا، بناء على شكوى تقدمت بها والدة الطفل.
ونقلت وسائل إعلام النظام بتأثر بالغ بعض ما حل بالطفل حيث بدت الكدمات على وجهه وتركت العصا والكبل آثارهما على جسده، فضلا عن آثار الحرق بالنار.
اللافت ليس فقط تباكي إعلام النظام على حالة الطفل، بل إقراره أيضا بأن الطبيب الشرعي الذي عاين الطفل عمد إلى تزوير تقريره ولم يفصح عما حل بالطفل المعذب، واكتفى بمنحه 5 أيام فقط، وبعد إحالة الطفل إلى مشفى المواساة، تم عمل تشخيص طبي آخر وتقرير غير التقرير الأول.
كما نوه إعلام النظام بالضغوطات والتهديدات التي تعرضت لها والدة الطفل للتراجع عن شكواها بحق من عذب طفلها.
ومن المؤكد أن إعلام الأسد الذي حاول تلميع النظام وإظهاره بمظهر الحريص على حقوق الناس وكراماتهم عبر نشر خبر وصور الطفل المعذب، إنما –أي هذا الإعلام- وقع في شر إعماله حيث قدم دليل إدانة جديد وقوي ضد النظام فيما يخص مئات آلاف حالات التعذيب، التي انتهى قسم كبير منها إلى القتل، والتي نفاها ونفى حدوثها بكل برود رأس النظام بشار الأسد نفسه عندما تمت مواجهته ببعض صور التعذيب الموثقة، أما إعلامه (الذي ثار لحادثة الطفل المعذب) فقد تجاهل منذ البداية كل حالات وتقارير التعذيب، واتهم الدول المتآمرة والقنوات المغرضة بـ"فبركتها".
ولعل ابسط سؤالين تطرحهما قضية الطفل المعذب، هما: إذا كان صاحب ورش حدادة قد نجح في إغواء وإغراء "الطبيب الشرعي" ليكتب له تقريرا مزورا عن حالة طفل عذب بشدة لكنه لم يمت أو يشوه بشكل شنيع (كما حدث مثلا مع مئات الأطفال وفي مقدمتهم حمزة الخطيب وثامر الشرعي)، وإذا كان صاحب ورشة حدادة قد هدد وتوعد الأم لترجع عن شكواها... فما هو الحال مع نظام متغول بكامله، فيه آلاف الضباط وصف الضباط المجرمين، الذين تكفي إيماءة منهم لكتابة ما يريدون من تقارير طب شرعي بخصوص جرائمهم، أما تهديداتهم لذوي الضحايا ليشهدوا بخلاف الواقع فحدث ولا حرج.
إن حادثة الطفل المعذب –على كل بشاعتها- لن تكون أبشع من جرائم تعذيب وقتل وحرق وتقطيع ما لا يحصى من السوريين في معتقلات الأسد، وهذه لن تكون أشد بشاعة وقبحا من إعلام يتباكى على طفل لقي معاملة لاإنسانية على يد فرد واحد، بينما يغمض عينيه كليا عن بحر من الضحايا الذي شهدوا ويلات التوحش على يد نظام كامل، نظم كل ذلك وخططه ونفذه عن سبق إسرار وترصد.
التل.. قضية تعذيب طفل تفضح جرائم التعذيب التي مارسها الأسد

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية