أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ما بيرجعوا والسما زرقا ....

 

ما إن تستلم بطاقة دخولك وتضع قدمك في الأمتار الأولى  من الأراضي اللبنانية، حتى تطالعك صور المرشحين للمجلس النيابي اللبناني على لوحات شاهقة تظهر وجه المرشح مبتسما , ويلبس أحدث موديلات البدلات الرسمية، لدرجة تشعر أنه عارض أزياء يعلن لإحدى شركات الألبسة الرجالية، ومنهم من يقف  إلى جانب حلفائه في اللائحة الانتخابية ، وإلى جانبه شعار مفرط بالقوة أو التحدي أو الوعود مثل: "صوتك بقرر.. ماتغير مبادئك غير نوابك .... حتى مايروح صوتك فرق عملة" ، وأغلب شعارات  المرشحين ماهو ناقد للفريق الآخر مثل "خلصت التمثلية وحان وقت التمثيل"، وأخرى تطالب بعدم تبعية طائفة لأخرى مثل " لا للماروني التابع للشيعي أو السني".

زيارة لبنان في حمى الدعايات الانتخابية لمرشحي مجلس النواب اللبناني، وفي خضم تبادل الاتهامات بين الموالاة والمعارضة، واكتشاف شبكات التجسس، تبدو فرصة غنية لأي صحفي سوري، كي يعاين عن قرب احتدام المعركة، ومعايشة الأجواء الانتخابية "الديمقراطية".

الأكثر إبداعا في الحملة الانتخابية هم  جماعة "تيار المستقبل" ، حيث تميزت لوحاتهم باللون السماوي - اللون الرسمي للتيار- وكتبوا جملة واحدة لا تتغير و بالعامية "والسما زرقا" مع كلمة أخرى تتبدل فوقها، تشاهدها أول ما تدخل لبنان عبر نقطة حدود الدبوسية، هي "ما بيرجعوا والسما زرقا"، أو " مامنتركك والسما زرقا".

تنفض رأسك وتفرك عينيك مستعيذا بالله، فلربما المقصود بـ" ما بيرجعوا" نحن السوريون، في إشارة إلى عدم رغبة الموالاة بعودة أي نفوذ سوري إلى لبنان، وكلمة "ما بيرجعوا" هذه لا نعرف من يقصدون فيها بالضبط، هل هو الجيش السوري أم رموزه في لبنان أم المعارضة فقط.

هم لايقصدون الشعب السوري بالتأكيد، فعلاقة الأخوّة بين الشعبين أكبر بكثير من هذه الشعارات، ثم إن العائلات السورية واللبنانية لها أقارب في الجانب الآخر موزعة بين أراضي البلدين ، إضافة إلى التسوق والتبادل التجاري، الذي لا يستطيع أي تغيير سياسي إيقافه بين سورية ولبنان، سواء كان هناك سفارة أم لم يكن، خاصة المحافظات الحدودية، مثل حمص وطرابلس، فالكثير من أهل طرابل س يأتون إلى حمص أكثر مما يذهبون إلى بيروت، والعكس بالنسبة لأهل حمص، وإن كان بدرجة أقل، كون "الطرابلسيين" يتسوقون من حمص وسورية بشكل عام أكثر مما يتسوق السوريون في لبنان.

  تمضي بنا السيارة بين صور المرشحين الشاهقة وشعاراتهم الرنانة،التي تدعو في معظمها إلى الابتعاد عن الشعارات والاتجاه إلى العمل، رغم أنها شعارات على ورق فقط كما أثبتت الأيام، ومع ذلك فهي تعكس التنوع والديمقراطية اللبنانية المميزة، ففي مناطق ترى غيابا تاما للمعارضة، وفي أخرى تغيب عنها الأكثرية، فكل منطقة من مناطق بيروت تدعم مرشحا معين، ومن النادر أن ترى لوحات إعلانية لمرشحين متنافسين في منطقة واحدة.
نصل إلى وسط بيروت وشارع الحمراء أحد أشهر شوارع العاصمة اللبنانية، وعند سؤال أول شخص عن الفندق الذي سننزل به، نجد أن الأمور أبسط مما كنا نتخيل، فهذا الرجل الذي سألناه لم يتوان عن مساعدتنا بحمل الحقائب إلى باب الفندق، وكذلك سائق التاكسي الذي أوصلنا إلى كل النقاط والأماكن السياحية في العاصمة بيروت.
في بيروت أكثر مايلفت انتباهك كثرة المطاعم والفنادق والمصارف ، فهي مدينة سياحية بامتياز، أضيف إلى هذا المشهد مؤخرا الجيش اللبناني بعناصره وسياراته ودباباته المنتشرة في كل مكان، يحز في نفسك هذا المنظر، فبيروت هذه النافذة المعشقة، تحتاج إلى أهم مقومات البقاء وعلى رأسها  حفظ الأمن والاستقرار، لكن رغم كل مامرت به من صراعات وحروب لاتزال جميلة ، ولايزال العمال السوريون يعملون ليلا نهارا لإعادة إعمارها من جديد.
فيما نحن واقفون مع حقائبنا قرب فندق "فينيسا" ننتظر السائق الذي سيقلنا إلى سورية، اقترب منا أحد عناصر الجيش اللبناني، طالبنا بكل أدب ولباقة أن نغير مكان وقوفنا الذي طال، والابتعاد قليلا عن الشارع الذي سيمر به  نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن.
نبتعد قليلا إلى جانب فندق سان جورج، موقع اغتيال رئيس الوزرء الأسبق رفيق الحريري الذي كان فرصة لنا لمعاينة المنطقة عن كثب، وسرعان ما استوقفتنا سيارة مدنية ترجل  منها عنصرا أمن،طلبا منا بدماثة وكلمات لطيفة هوياتنا، ثم سألا عما في داخل حقائبنا.
ثم توقفت سيارة أمن أخرى بسبب وقوفنا المريب قبل مرور الموكب بدقائق، غير أن الرجل الضخم الذي نزل من السيارة كان لطيفا جدا وعرض تلفونه ومساعدته لنا.
مهما زادت تعقيدات دخول السوريين إلى لبنان أو العكس من إجراءات دبلوماسية أو حدودية يبقى قدر مواطني البلدين أن تكون حدودهم هي وجهة الأغلبية، لأسباب تتعلق بالعمل أو الدراسة أو لصلات القرابة بين مواطني سورية ولبنان
هكذا استقلبنا جميع من صادفناهم في بيروت،  بابتسامة لاتفارق وجوههم، على الرغم من ثقل السنوات الماضية التي من الصعب أن ينساها البعض.

 

همام كدر - عمرعبد اللطيف - بيروت- زمان الوصل
(156)    هل أعجبتك المقالة (153)

زياد الخالدي

2010-01-06

أخي همام كدر هذا رأي (فعل) الأغلبية على الجانبين وربما مصادفةً هو ( فعل) الأكثرية . وجه لبنان وسوريا يبقى جميلاً قبل وبعد جميع مساحيق التجميل على إختلاف مفعولها وجودتها. .


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي