أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

موقف نتانياهو فرصة لاستعادة الوحدة الفلسطينية ... رشيد شاهين

منذ أن تم الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية في دولة الكيان المحتل، صدرت عشرات التصريحات والمواقف عن ائتلاف اليمين الصهيوني المتطرف والذي استطاع أن يشكل حكومة الاحتلال الفاشية وعلى رأسها اليميني بنيامين نتانياهو والفاشي المتطرف افيغدور ليبرمان وقد كان مجمل ما صدر من تصريحات في هذا الإطار يتمثل بعدم اعتراف أي من قادة الكيان الجدد بشكل واضح وصريح ولا لبس فيه بان هذه الحكومة لا ولن تعترف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وانها ماضية في بناء المستوطنات وتوسيع القائم منها وان لا مجال للتنازل عن مدينة القدس المحتلة كعاصمة أبدية لدولة الاحتلال إلى آخر ذلك من تصريحات ومواقف يمكن من خلالها أن يتبين العالم اجمع بان إسرائيل ماضية في مخططاتها وانها لا تأبه كثيرا أو قليلا لكل المواقف العربية والدولية أو قرارات الشرعية الدولية.

لقد كان آخر ما تم الإعلان عنه في هذا السياق ما قاله رئيس وزراء الكيان بنيامين نتانياهو في احتفالات إسرائيل في الذكرى الأربعين لاحتلال مدينة القدس العربية حيث أكد أن " المقاتلين الإسرائيليين أعادوا للشعب الإسرائيلي عاصمتهم القدس غير القابلة للتقسيم" وأسهب الرجل في وصف لحظات ما سماه "تحرير المدينة وحائط المبكى" في إشارة واضحة إلى أن نتانياهو لا يعترف بان المدينة محتلة برغم كل ما تنص عليه القرارات الدولية التي أكدت واحدا تلو الآخر انها مدينة محتلة، وأن على إسرائيل أن تنسحب منها.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن ضرورة حل الصراع بالطرق السلمية وضرورة إيجاد دولة فلسطينية مستقلة، نجد إسرائيل - بقيادة نتانياهو أو سواه- تستعد دوما لشن الحروب - وهي العقيدة التي قامت عليها إسرائيل منذ نشأتها والتي أكد عليها ليبرمان عندما قال "إن من يريد السلام عليه الاستعداد للحرب" برغم أننا على يقين أن إسرائيل لم ترغب يوما في السلام الحقيقي وان مفهومها للسلام يقوم على إخضاع الآخر- وهي تقوم الآن بمناورات عسكرية قد تكون الأضخم، يعتقد على نطاق واسع انها قد تكون استعدادا للانقضاض على سورية وإيران وحزب الله وربما حماس في قطاع غزة.

الواقع يقول ان ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو كرره وأكد عليه رئيس كيان الاحتلال شمعون بيريز الذي قال بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا "القدس كانت ولا تزال عاصمة دولة إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "لم تكن لإسرائيل قط أي عاصمة أخرى، كما أن القدس لم تكن عاصمة لأي شعب آخر" أقوال بيريز هذه إنما تؤكد ان جميع قادة الكيان الإسرائيلي هم من نفس "الطينة" وان ليس هناك يمين ويسار في هذا الكيان وان عمليات التصنيف تأتي فقط لتبادل الأدوار.

على أي حال ما يعنينا في مواقف نتانياهو هو هذا الرفض العربي بشكل عام والفلسطيني على الأخص لمواقفه الرافضة الاعتراف بالفلسطينيين وتنكره لمنحهم أي من حقوقهم ورفضه الكامل الحديث ولو بشكل عابر عن حل الدولتين، هذه المواقف لرئيس وزراء الكيان رد عليها بالرفض جميع القادة والمسؤولين سواء ضمن السلطة الفلسطينية أو ضمن الفصائل الفلسطينية التي تنضوي تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية أو الديمقراطية أو سواها أو تلك التي خارج هذا الإطار مثل حركة حماس والجهاد والمبادرة الوطنية.

لقد لوحظ في تلك الردود إجماعا فلسطينيا على رفض التعامل مع نتانياهو، وما كان ملفتا بشكل واضح هو كل تلك التصريحات في مستويات السلطة المختلفة، ابتداء من الرئيس محمود عباس وكل الطاقم الذي شارك بعملية المفاوضات منذ اوسلو وحتى اللحظة، حيث أكد هؤلاء جميعا على رفض استئناف المفاوضات مع دولة الكيان طالما انها لا تعترف بالحقوق الفلسطينية، وحيث أن من المستبعد أن تتغير المواقف لحكومة الاحتلال الفاشية، وان أي تغيير قد تبديه هذه الحكومة لن يكون سوى تغيير شكلي فان من المتوقع استمرار جمود العملية التفاوضية التي كانت احد الأسباب الرئيسية في الانقسام الفلسطيني.

من هنا وحيث ان أحدا لا يتوقع ان تغير حكومة الكيان مواقفها في مدى الأشهر أو الأسابيع المقبلة على الأقل، فان هناك من يعتقد ونحن منهم، بان هذه قد تكون فرصة للأطراف الفلسطينية المتنازعة من اجل استعادة الوحدة للوضع الفلسطيني - الذي أصبح الشماعة لكل الفشل العربي والدولي في إيجاد حل للمسالة الفلسطينية لا بل تم ربط موضوع إعادة أعمار غزة بهذا الوضع الفلسطيني الشاذ- أو العمل الجاد على إعادة هذه الوحدة وحتى إذا ما ظهر أي تغيير في المواقف الإسرائيلية، وهذا مستبعد، فان الأطراف الفلسطينية تكون قد قطعت أشواطا طويلة في عملية المصالحة هذا ان لم تكن فعلا قد حققت هدف إنهاء الانقسام.

الدعوة إلى محاولة استثمار التعنت في المواقف الفاشية لحكومة الاحتلال بقيادة اليمين وخاصة نتانياهو وليبرمان تأتي على أرضية أخرى وهي التطورات التي حدثت بعد الهجوم الصهيوني الوحشي الذي شنته دولة الكيان على قطاع غزة والذي أدى إلى ما أدى إليه من دمار وقتل كبيرين، حيث أصبح من الملاحظ بدون لبس ان حركة حماس انخرطت في اللعبة السياسية تماما بعيدا عن كل ما يتم طرحه من شعارات، وهي تحاول ان تثبت للعالم وبشكل يومي انها مؤهلة وجديرة بالثقة والاحترام فيما يتعلق بتعهداتها وذلك من خلال قدرتها على فرض الالتزام على جميع فصائل المقاومة في القطاع بالتوقف عن إطلاق القذائف "بيتية" الصنع على المستوطنات الإسرائيلية وبالتالي فهي لا تختلف على الأقل في التكتيك عن السلطة الفلسطينية في هذا الإطار ولا نعتقد ان أي حديث غير ذلك يمكن ان يكون مقنعا، ومن هنا فإننا نعتقد بان على أطراف النزاع ان تبادر بنوايا حسنة بعيدة عن المزايدة والشعارات الرنانة، ان تجلس إلى طاولة الحوار وان تناقش بشكل جاد موضوع الانقسام، والوصول إلى مصالحة حقيقية، وان يتم استثمار المواقف المتطرفة لقادة الكيان وحشرهم في الزاوية، بدلا من الاستمرار في التناكف بدون جدوى فيما يدفع أبناء الشعب الفلسطيني الثمن غاليا نتيجة هذا الانقسام.

24-5-2009
[email protected]

(105)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي