أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مقرب من "الساروت" يروي لـ"زمان الوصل" جوانب إنسانية من حياة "حارس الثورة"

"تركماني" و"الساروت"

كشف الناشط والموثق السوري "تامر تركماني" جوانب من صداقته بالشهيد "عبد الباسط الساروت" منذ أن جمعهما أول لقاء عابر في إحدى المظاهرات السلمية بحي "القصور" الحمصي بداية الثورة، وكان هذا اللقاء بداية لعلاقة وطيدة وصداقة حميمية امتدت إلى أن فارق "حارس الثورة" الحياة متأثراً بإصابته في إحدى المعارك ضد قوات النظام بريف حماة الغربي منذ أيام. وروى "تركماني" لـ"زمان الوصل" أن علاقته الفعلية بالشهيد بدأت عام 2016 في مدينة "مرسين" التركية وحينها -كما يقول- جلسا وتعرفا إلى بعض وتبادلا أحاديث وشجون الثورة.

وتابع محدثنا أنه اعتاد على التواصل مع "الساروت" بشكل شبه يومي والتقى به بعدها في تركيا أكثر من مرة أثناء إجازاته وزياراته لأهله.

وأردف المصدر أن عبد الباسط "لم يكن شاباً عادياً بل كان ثورة بحد ذاته وقدوة لعدد كبير من الثوار والأصدقاء، ولا يمكن تخيل الثورة السورية بدونه على كل الأصعدة إذ كان يسرق القلوب ويسبق الناس بفعل الخير".

واعتبر "تركماني" أن صفات الساروت العفوية ولهفته كانت محط جذب إليه بعد أن رأى "الكثير من الثوار تغيروا بشكل كبير تحت تأثير طغيان حب الدولار على ساحة الثورة، حيث تغيرت النفوس بشكل كبير".

ويستعيد "تركماني" جوانب إنسانية من شخصية "بلبل الثورة" الذي كان قوياً ومتماسكاً في أصعب الحالات والظروف، فحين استشهد أشقاؤه لم يبد حزناً شديداً، وكان يؤمن بأنهم أحسن منا وأنهم ارتاحوا بعد أن قدموا دمهم وأرواحهم للثورة.

وأوضح محدثنا أن "الساروت" كان يرفض أن يعيش مرفّهاً كباقي الناس أو المحسوبين على الثورة خارج سوريا، رغم العروض الكبيرة من التجار وأصحاب الأموال، وكان -حسب قوله- بسيطاً وعفوياً في حياته وسلوكه، ويرفض الشهرة ويعتذر عن إجراء المقابلات الصحفية والإعلامية لاعتقاده بأن ذلك من شأنه أن يلهيه عن المهمة التي نذر نفسه لها ويجعله ينشغل عن جهاده ومسيرته الثورية لأن الإنسان خطّاء وليس معصوماً عن الضعف والخطأ وحب الظهور.

بتاريخ 17/ 5/ 2019 تواصل تركماني مع صديقه "الساروت" ليطمئن عليه بناء على طلب والدته المقيمة في تركيا، وحينها أسرّ "الساروت" لمحدثه بأن الأوضاع في ريف حماة صعبة وسيئة، ولكنه كان متسلحاً بالإرادة والتسليم بقضاء الله وكان يردد بعفوية: "تركها لربك ووكل الله يارجل ما بصير إلا اللي كاتبه الله".

وكشف محدثنا أن "الساروت كان يرفض الزواج تماماً كي لا يستشهد يوماً ما ويظلم زوجته وأولاده، وعندما كانت تخطر بباله فكرة الزواج يعلن عن رغبته بالاقتران بزوجة شهيد ليربي أولاده ويكون معيلاً لهم، ولكنه لا يلبث أن يغير رأيه لأنها ستحزن عليه إذا استشهد.

في رمضان الماضي فوجئ "تركماني" بـ"الساروت" يقول له بأنه يرغب بالزواج طالباً منه أن يجهز له بيتاً ففرح أصدقاؤه ومحبوه، ولكن الفرحة لم تتم فبعد تجهيز المنزل بمدينة "اللطامنة" بريف حماة تم قصفه من قبل قوات النظام، وحينها ألغى "الساروت" الفكرة نهائياً وقال لصديقه: "خلص من أولها مبينة".

وأردف المصدر أن الشهيد كان لديه هوس بالثورة ينسيه أقرب الناس إليه حتى أنه لم يكن يشعر بمشكلة إذا غاب عن والدته لسنة أو أكثر، وكانت أمه تتصل به مرات كثيرة لتخبره بأنها مشتاقة له فكان يتحاشى الاتصال المباشر بها كي لا يشعر بالضعف ويُضعف قلبها، وكان يرسل لها مقاطع صوتية أغلب الأحيان حتى تسمعها أو مقاطع فيديو لتراها، واعتاد على زيارة أهله في تركيا مرتين أو ثلاث في السنة ويمكث 6 أيام قبل أن يعود مسرعاً إلى جبهات القتال.

بعد محاولة اغتياله في "معرة النعمان" زار "عبد الباسط" أهله في تركيا ومكث لديهم قرابة أسبوع وقرر بعدها أن يعود إلى الداخل السوري ليكمل طريقه.

وكشف محدثنا أن الشهيد الشاب أخبره بأن لديه ملفات يخشى أن تقع بين يدي أولاد الحرام -حسب تعبيره- فيحرقوها وتفقد قيمتها، وأوضح تركماني أن هذه الملفات عبارة عن صور وفيديوهات لكل لحظات حياته في الحصار وخارجه وهي ما يقارب 9000 ملف وبعض هذه الملفات -كما يقول- مخططات فك الحصار عن حمص وحفر الخنادق وجلساته مع رفاقه الثوار بما فيهم إخوته الذين استشهدوا في المطاحن مع باقي الفصيل، وتظهر بعض هذه الملفات المعاناة التي كان يقاسيها الساروت لإيجاد أي ثغرة للخروج من الحصار ومساعدة الأهالي.

ونوّه الموثق الذي يعيش بجوار عائلة "الساروت" في تركيا أنه اعتاد على توثيق وجمع كل ما يتعلق بالشهيد حتى ولو كانت مداخلة على أي قناة أو مشاركة في مظاهرة حتى تجمع لديه أرشيف شبه كامل للشهيد أثناء وبعد استشهاده، مضيفاً أنه عمد لتقسيم هذا الأرشيف إلى عدة أقسام ومنها القسم الصوتي والمرئي والأغاني المكتوبة والمذاعة عسى يكون هذا الأرشيف منارة للأجيال القادمة وللثورة بشكل عام.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(580)    هل أعجبتك المقالة (603)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي