أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سوريو فرنسا يخلدون "ساروتهم": أشعل الثورة من جديد

من الفعالية - زمان الوصل

لم يجد السوريون في فرنسا كلمات يخلدون فيها فقيد ثورتهم "عبد الباسط الساروت" أكثر عمقا وصدقا من شعاراته وأغانيه التي ألهبت مشاعر الثائرين في ميادين الثورة، فغنى الجميع كأم ثكلى "حانن للحرية حانن"، وارتفعت نبرة أصواتهم عاليا كالفارس المزمجر في ميدان المعركة عند وصولهم لعبارة "واللي بيقتل شعبو خاين"، لتعود وتخفت وتدمع العيون عند غنائهم "جنة جنة جنة، والله يا وطنا، يا وطن يا حبيّب يابو تراب الطيب حتى ترابك جنة".

هكذا خلد السوريون شهيدهم "عبد الباسط الساروت" اليوم الأحد، في العاصمة الفرنسية باريس، مؤكدين بأن دماءه ستكون منارة لهم في درب ثورتهم، التي لا تراجع فيها إلا بالوصول إلى سوريا الحرة والديمقراطية.

وبدأت الفعالية برسالة فيديو مسجلة من صديق درب الساروت "هادي العبدالله"، عاهد فيها الحاضرين بالسير على طريق رفيق ثورته، كما ناشد كل السوريين بالمضي في هذا الطريق حتى النصر والوصول بسوريا إلى بر الحرية والكرامة، مؤكدا على أن هذا الطلب ليس منه بل من أم الشهيد التي قالت إنها ترى "عبد الباسط" بوجه كل شاب سوري.

وتضمنت الفعالية قصيدة شعر كتب كلماتها وألقاها الشاعر والدبلوماسي "نور الدين اللباد"، كما شملت أغان ثورية وعروضا تعبيرية وعرض فيديوهات عن حياة "الساروت"، تلاها انطلاق مظاهرة باتجاه ساحة ضاحية "مونتروي". السياسي والمعارض السوري "نجاتي طيارة" قال لـ"زمان الوصل"، إن "الساروت" جمعنا في ذكراه كما جمعنا في أغانيه وبسيرته العطرة الفواحة بالثورة والكرامة، هذا "الساروت الذي لم يشبه أحدا سواه هو الذي مثل روح الثورة السورية العفوية".

وأوضح أن "الساروت" لم يكن ابن قبيلة ولا ابن عشيرة، ولا ابن حزب، لم يكن صاحب أيديولوجية ولا عقيدة، لم يكن ابن طائفة ولا حارة، كان روح هذه الثورة العفوية ولذلك أحبه الناس".

وأكد "طيارة" أن السوريين أحبوا "الساروت" فهم يحتفلون به في كل مكان، و"يحتفلون بذكراه ويزغردون فرحا كما غنى وطالب، وكما قالت أم الشهيد: (زفوه هذا الشهيد جاءكم حاملا روح الحرية وروح الكرامة) ونحن على دربه سائرون جميعا إن شاء الله".

*حارس الثورة

الصحافي "إيلاف قداح" اعتبر أنه شخصيا يؤمن بأن "عبد الباسط الساروت" هو من أعظم ما أنجبته الثورة السورية، مرجعا ذلك لأسباب عديدة دفعته لهذا الإيمان العميق برمزية "الساروت"، والتي يأتي في مقدمتها إجماع الشعب السوري الحر بكافة أطيافه ومكوناته وطوائفه وقومياته على محبة واحترام وتقدير هذه الأيقونة الثورية، بل والاقتداء بمسارها من قبل ملايين الشبان. وقال لـ"زمان الوصل" إن "هذا الشاب الشجاع المفعم بالحياة أصبح ملهم الجيل بالنسبة للسوريين، إذ كان دوماً سباقا إلى إظهار ولائه للشعب ولم يبخل يوما على مدار 9 سنوات من النضال بتقديم أي غال أو نفيس لخدمة السوريين، ورفع قضيتهم على أكتافه، فضلا عن كونه أكثر من أوجع نظام الأسد وفضح جرائمه وإرهابه بحق المدنيين، وما الحملة الشرسة لإخفاء أثره على وسائل التواصل الاجتماعي إلا دليل دامغ على ذلك".

ولفت "قداح" إلى أن "حارس الثورة السورية كان من أوائل المتظاهرين والمنشدين عندما احتاجت الثورة للتظاهر السلمي. وكان من أوئل المقاومين عندما طلبت الثورة رجالها وخاصة مدينته المحاصرة حمص. وكان آخر المهجرين من حمص بعد تأمين سلامة خروج النساء والأطفال والشيوخ". وأضاف: "الساروت العظيم ضحى بمستقبله الرياضي وشبابه قبل أن يفجع باستشهاد والده وأشقائه على مذبح الحرية، منهيا مسيرته بالتضحية بروحه الطاهرة أثناء صد هجوم إرهابيي الأسد على ملايين المدنيين المهجرين إلى ريفي حماة وادلب".

وختم بالقول: "9 سنوات من النضال والمقاومة بالصوت والسلاح تعرض خلالها لإصابات جسدية عديدة لم تثنه عن العودة مجددا لأرض المعركة والمظاهرات، مرددا دوما عبارته التالية: (أنا مكاني الأرض وما فيني أعيش لاجئ وهذه الثورة مالها حل إلا النصر). من كالساروت إذا؟".

*طلب السماح من حماة ومات على ثراها

الصحافي "معاوية حمود" قال: "المهم في الحديث عن (الساروت) كرمز من رموز الثورة عدة نقاط وهي: أولا الساروت كإنسان هو شاب غير مؤدلج لا يوجد عنده أيديولوجية معينة، إستراتيجيته كانت كثيرا واضحة وعميقة وهي الحرية، لم يكن ينتمي لأي تيار سياسي ولا لأي حزب وحتى عقائديا كان يمثل بيئته والشباب في عمر الورد المشتاقين للحرية، وبالتالي بدأ ثورته يغني للإنسان وللمرأة وللأم وللوطن وللشهيد وللأسرى والمعتقلين هذه هي مواضيع عبد الباسط والتي كانت الأهم عند الناس".

وأكد على أن "الرجل بقدر ما كان غير مؤدلج بقدر ما كان عميقا لدرجة أنه احترم كينونته كشخص وطالب بحريته بشكل سلمي، وعندما اعتدي عليه لم يكن جبانا دافع عن نفسه بحقه المشروع".

وأردف: "أثير حول (عبد الباسط) الكثير من الإشكالات ولا يوجد أي شي منها ثابت عليه، فالساروت لم يبايع تنظيم الدولة أبدا ولم يعمل مع جبهة النصرة أبدا.. يوجد فيديو بعام 2014 يظهر الساروت بردة فعل كان فيها محاصرا وجائعا وحوله مئات المرضى والجرحى بحاجة علاج كان يناشد كل العالم، عندها اتهم بمبايعة التنظيم وهو لم يبايع ولا يوجد أي شيء يثبت عليه العمل مع جهاديين، وأكثر من هذا (عبد الباسط) عندما اضطر وهجر مع الناس إلى إدلب تم مضايقته بشكل كبير من قبل جبهة النصرة، بحث عنه بشكل خاص، لكن بوساطات عائلية ومن أهالي المنطقة احتراما لرمزية (عبد الباسط الساروت) كفوا عنه".

وتابع: "إن الساروت قاتل مع فصيل جيش حر غير مؤدلج هو جيش (العزة).. الرجل مات كريما عزيزا رجلا شجاعا، غنى بالمظاهرات: يا حماة سامحينا والله حقك علينا.. ليموت شهيدا من أجل حريته وكرامة أهله وهو يقاتل على أرض حماة".

وشدد "حمود" على أنه لم يسجل لـ"الساروت" أي تعاون مع أي دولة "كانت يده مفتوحة دائما للحرية وللأحرار بالعالم والمثال كانت أغانيه للثورات الجزائرية والسودانية والمصرية ليؤكد على أنه إنسان عميق بهذا المكان المحتاج للحرية".

وختم بالقول: "لا يوجد كلمات قادرة على التعبير عن (الساروت) بقدر ما تتكلم عنه أغانيه وأفعاله التي تمثل مسيرة نادرة بهذا العالم الموجودين فيه، هو رمز عالمي وليس فقط لحي البياضة أو حمص أو سوريا".

محمد الحمادي ـ باريس ـ زمان الوصل
(206)    هل أعجبتك المقالة (210)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي