أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أسود - أبيض ..فساد أو إصلاح ..؟.... خليل صارم

عندما تتحدث عن الفساد وضرورة اجتثاثه وتخاطب الجهات التي من واجبها ملاحقته وتدلها على أماكن الخلل وممارسات الفساد وأساليبه وضرورة معالجتها .. ينبري البعض التافه الذي إذا تحدث ونافق وزاود يطالب بثمن ويعتقد أن الجميع على شاكلته . فيتهم ويشتم ويسخف ويسيء .. ونحن نعلم أن هذا مصدره هو خوفه وخشيته من افتضاح أمره وأمثاله من المنافقين .
الحقيقة تحتم أن يعلم هؤلاء أن هناك من يحاول مد بصره ورؤيته إلى أقصى مدى ممكن ممهدا ً الطريق للأجيال المقبلة وساعيا ً إلى توفير الحماية لمستقبلها كما يحلم به .. هذا الإنسان وأمثاله لا يهمهم موقع وليسوا بحاجة لأحد ولايطمحون إلى احتلال مكانة اجتماعية أو سياسية لأن العاقل يعرف مكانته وليس بحاجة أن يدل عليها بالصخب والضجيج فقد خبروا هذه الأمور كلها وليسوا بحاجة لأحد .. فقط ما يريدونه هو العدالة والوقوف بوجه الظلم واختلال المعايير التي تسيء للعدالة على كافة الصعد والتي ينشرها ويتسبب بها الفساد والفاسدين المفسدين ولاشيء غير الفساد ..بحيث بات التافه والمتخلف يحلم بالجلوس مكان الشرفاء الأذكياء وتصدر الواجهة واحتلال موقع لايحق له مجرد التفكير فيه .
من يريد الارتقاء والتطور والنهوض بالبلد عليه أولا ً وقبل كل شيء أن يبحث في مواطن الخلل والفساد والأخطاء الفادحة ليدرسها وينظر في أسبابها بشكل منطقي وعلمي ويقر بها ..ذلك أن الإقرار بها هو أول وأهم خطوات التغيير والتقدم والتطور ..قد تكون صعبة ولكنها ضرورية جداً والأكثر أهمية .
بدونها فإن محاولات الإصلاح تتحول إلى ضربة في الهواء قد تصيب وقد لاتصيب كما يمكن الالتفاف عليها من قبل الفساد وأدواته وإضاعة الهدف منها .
بالمناسبة فإن معالجة الفساد لاتتم بتعليمات شكلية أقرب ماتكون الى العشوائية والضجيج دون الغوص في العمق ومساواة الجميع في المعاملة واعتماد مبدأ ( الرجل المناسب في المكان المناسب ) هذا خطأ إضافي يصب في مصلحة الفساد ولا يوفر أي إصلاح .. وعندما يعزل مدير هنا ويحاسب آخر هناك ويزج في السجن آخر ونحسن اختيار العاملين الجيدين ممن يملكون الخبرة والوعي والأخلاق والتحصين المطلوب فلا يشعر أحد بالغبن ولايضطر لعقد مقارنة يخرج بنتيجتها مظلوما ً وعندما نوفر كافة التسهيلات والرعاية لمن يحمل العبء الأكبر من المسؤولية والتحكم بحقوق الناس والسهر على تطبيق العدالة فلا نعامله كموظف عادي ونغرقه بالشكليات التي لاطائل منها .. عند ذلك نكون قد وضعنا أرجلنا على الطريق الصحيح بصمت وهدوء . . لأن الدعاية والاعلان والضجيج تحتاجها السلعة الغير مرغوبة والمغشوشة أما السلعة السليمة ( المعالجة السليمة ) فإنها ستفرض نفسها في السوق حتما ً دون نفقات اعلان
* إن من أكبر الأخطاء هو أن يتم تحضير وتدريب كوادر نزرع فيها الأمل ونشحنها بالأهداف السامية التي تهدف إلى الارتقاء بالمجتمع والوطن ثم نوزعها على دوائر ومؤسسات الدولة ونتركها هكذا في ظل قوانين بحاجة إلى تطوير وتفصيل أكثر دقة وغير قابلة للتأويل المزاجي وتعليمات سخيفة ومدمرة أسس لها مجموعات من الفاسدين مروا على هذه المؤسسة أو تلك وتركوا بقاياهم وشلل المنتفعين منهم . . فيحاصرون الكوادر الجديدة ويعطلون قدراتها ويصيبونها باليأس والإحباط بعد أن تكتشف هذه الكوادر أن الواقع يختلف تماما ً عما تم تلقينهم إياهم وتكليفهم به . . ولا أدري حقيقة ً أين العقل والمنطق في توزيع التفاحات النظيفة والجيدة على الصناديق المليئة بالتفاح الفاسد والمهتريء .. المنطق يقول في هذه الحالة أن الفاسد سيفسد الجيد بينما الجيد لا يمكنه أن يصلح الفاسدز. و الفاسد لاينفع معه سوى البتر والإقصاء مع المحاسبة القاسية لكي يرتدع غيره ولاشيء غير ذلك وإلا لافائدة من أية اجراءات . . هذا أمر مخالف لطبيعة الأمور والمنطق والعقل .
هناك من يعمل بجدية وصمت وهناك من يثير الضجيج والغبار حوله .. والمصيبة أن هذا الذي يثير الضجيج والغبار هو الذي يشد الأنظار إليه ويحظى بالإهتمام على حساب ذلك الصامت العامل .. الذي سيصاب بالإحباط حتماً ثم تفتر همته تدريجيا ً إلى حد التلاشي وربما انساق البعض خلف هذا الأسلوب طالما أنه لم يلق َ الاهتمام المطلوبة وترك عرضة لأكاذيب ونفاق كوادر الفساد وتوابعه . . ولاننكر أن الفاسدين يتمتعون بنوع من الذكاء الخبيث جداً والمتخصص ويعملون لتحقيق أهدافهم بشتى الأساليب القذرة التي يأنفها الشرفاء وكل من يملك ولو الحد الأدنى من الكرامة وعزة النفس .
المشكلة تكمن هنا في نمط التفكير السائد لدى القيادة التي يأخذها الضجيج ويتلاعب النفاق المغلف بالسيلوفان بها فيدفعها إلى خطأ المعالجة بعد أن تعمى عن رؤية الإيجابي والأسوأ هو أنها ترى في الإيجابي أمرا ً محسوماً لتركنه جانباً على اعتبار أنه في متناول اليد متى شاءت وتنسى أنه يتعرض للإحباط والقتل المبرمج وتجري خلف أوهام النفاق والمزاودة التي يتقنها السلبي الفاسد .. ذلك أن الإيجابي يخجل من هذه الأساليب فيقدم ويعمل ويبحث ويدرس وهو صامت وإذا تحدث فإنه لايتقن التزلف ويربأ بنفسه عن النفاق وتمسيح الجوخ والركوع أمام المواقع المختلفة مشكلته أن كرامته وإنسانيته هي الأعلى قيمة وهنا يصبح عرضة للتطاول بقصد المساس بمعاييره الأخلاقية النبيلة كونها تتعارض مع سلوكيات هؤلاء المستعدين للفساد والإفساد .
أعتقد أنه قد آن الأوان للبحث ولو بالمجاهر والمكبرات عن أية نقطة إيجابية والاهتمام بكل من يمارس دوراً ايجابياً في كافة المجالات سواء كان ذلك في الدوائر والمؤسسات المختلفة أو في بقية القطاعات وشرائح المجتمع ورعايتها وحمايتها وتقريبها والاعتماد على آرائها وتوفير الإمكانيات لها وليس الركون إلى إيجابيتها فقط ثم نسيانها وإهمالها .. هذا أمر مخالف للمنطق أيها السادة ..ونسألكم .. على من تعتمدون في هذا المجال..؟
المشكلة الأكبر والأشد إيلاما هي أن الإيجابي قد يخضع في كثير من الحالات للتقييم من قبل السلبي أو المتخلف الذي لايحسن الانسجام والتوجهات الهادفة إلى الارتقاء بالمجتمع والبلد .. هنا تنقلب المعايير أيضا فيقدم المنافق المخادع على أنه ايجابي والعكس صحيح .
أيها السادة ..نحن في مجتمع قسم منه مازال متخلف على الرغم من أنه متعلم تعبث به العلاقات الشخصية والعائلية وبدون حرج حتى العشائرية وربما المذهبية دورا كبيراً تؤثر على الوجدان والضمير الذي يتوجب أن يتمتع به المسؤول مهما كان مستواه ولأنها تحقق فوائدا ً ومصالحا ً دنيئة ولكنها مغرية لهؤلاء .
لنكن واقعيين ونواجه أنفسنا ثم ننتقل إلى رحاب المنطق والصدق لكي نؤسس إلى قادم الأيام ولا يهمنا لو سقط العالم كله في قيمه طالما أننا نملك القدرة على الإمساك بشموع تنير الطريق لنا ولغيرنا .. ولنبدأ بالتبرؤ من حاملي القيم الدونية وبقايا التخلف والانحراف .. لقد تحول الفساد بكافة مستوياته إلى خيانة بالمطلق وعلينا تسمية الوقائع بمسمياتها دون حرج .. وتحت عنوان الإعتراف بالخطأ فضيلة .
أيها السادة ..هذا ليس تنظيرا ً ولكنه الواقع الحقيقي الذي يفرض التعامل معه بواقعية وأن تبدأوا بالتخلص من أولئك الخبثاء المخادعين الذين تضعونهم في بعض مواقع المسؤولية فيحرفون ( الكلم عن مواضعه ) و كل التوجهات الايجابية عن مسارها الصحيح وبأساليب ذكية و خبيثة للغاية تسيء للناس وتحرضهم ضد بلدهم .. قد لا تظهر في الحال ... لكنها قنبلة موقوته لاندري متى يتم تفجيرها إن لم نبادر الى تفكيكها . وعلينا أن نختار إما أسود أو أبيض .. إصلاح شامل وهاديء وثابت الخطى أو فساد يضرب على هواه . فالبين بين مؤذ ٍ للبلد أكثر .

(107)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي