أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لا بد من التمسك بالمبادرة العربية .. رشيد شاهين

برغم كل ما يمكن أن يقال عن المبادرة العربية للسلام، وما يمكن أن يكون لأي منا من تحفظات على هذه المبادرة، وفيما إذا كانت تنسجم مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وتحقق الطموحات العربية بصورة عامة والفلسطينية بشكل خاص، إلا أن من الملاحظ أن هنالك حركة سياسية ودبلوماسية دؤوبة يعتقد بأنها تستهدف المبادرة العربية من اجل إفراغها من الجوانب الايجابية التي تشتمل عليها، كما إنها تستهدف قيام الأمة العربية والأمم الإسلامية بمزيد من التنازلات العبثية والمجانية تحت ذرائع وحجج مختلفة ليس اقلها الواقعية السياسية والتعامل مع الواقع الموضوعي والذاتي بشكل يصفه الدعاة إلى الواقعية السياسية "بالعقلنة" والتعامل مع التطورات الإقليمية والعالمية بشكل عملي أو ربما "حضاري" يواكب العصر وعدم التشدد في المواقف.

الحركة السياسية والدبلوماسية بتقديرنا وكل هذا الضجيج ليس المقصود منه سوى المصلحة الإسرائيلية ويسعى باتجاه التعامل مع دولة الاحتلال على أساس أنها كيان لا يختلف عن أي من كيانات المنطقة برغم كل ما قام ولا زال يقوم به منذ تم إنشاؤه على ارض فلسطين وتشريد أهلها وحرمانهم من إقامة دولة لهم وعدم الاعتراف بحقوقهم الوطنية المشروعة وكذلك عدم الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وبرغم كل الأزمات والحروب والمجازر التي قام بها هذا الكيان والتي كان آخرها حرب تموز على لبنان والحرب الهمجية على قطاع غزة بالإضافة إلى اغتصابه لحقوق الآخرين وخاصة العرب منهم، هذا عدا عن كل ما يقوم به من مؤامرات تستهدف العديد من الدول في المنطقة سواء القريبة منه أو تلك التي تفصلها عنه آلاف الأميال.

ما يتم ترديده هذه الأيام عن نية الرئيس الاميركي اوباما طرح ما قيل انه مبادرة أمريكية أو سواها بدعم من الدول التي كانت تاريخيا داعمة لهذا الكيان من اجل إيقاف الاستيطان أو تجميده ومعاودة العمل على مسارات "السلام" والعملية التفاوضية المستمرة منذ ما يقارب العقدين سوف يكون بدون أدنى شك في صالح كيان الاغتصاب وتنازلات مجانية من قبل امة "العربان" وأمم الإسلام المختلفة فيما بينها.

أن تبدأ الدول العربية والإسلامية بعمليات التطبيع كما تردد مؤخرا خلال زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة يعني أن التوجهات للإدارة الأمريكية الجديدة والتي هلل لها من هلل لن تختلف عن سابقاتها من الإدارات التي كانت تعلن بدون مواربة دعمها الكامل وغير القابل للنقاش أو الجدل والمساومة للكيان الغاصب، وان كل ما قيل حول تغيرات في السياسة الأمريكية بعد وصول اوباما إلى سدة الرئاسة ليس سوى زوبعة في فنجان.

إن محاولات الترويج للإدارة الأمريكية الجديدة وانها سوف "تشيل الزير من البير" كما يقال ليس صحيحا حيث ان احد الثوابت الرئيسية للسياسات الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض وبغض النظر عمن يحكم هذا البيت كانت بشكل دائم وبدون أي لبس أو تردد تتطلع إلى الهيمنة على الأمة العربية وإخضاعها في دلالة واضحة على ان أميركا كانت دائما تتعامل مع هذه الأمة على انها امة هامشية وغير فاعلة وانها يجب ان تبقى تابعة ذليلة وخاضعة للسيطرة سواء الأمريكية المباشرة أو الغربية أو من خلال وكيلها المصطنع في المنطقة والمتمثل في دولة الكيان الفاشي. ويظل هذا الكيان هو الحليف الاستراتيجي والمدافع الصلب عن مصالح أميركا في المنطقة وحامي رغباتها لسيطرة ويدها اليمنى الفاعلة والتي لا تتردد عن ارتكاب أي فعل من اجل تحقيق تلك الرغبات.

حيث ان مما لا شك فيه أن بإمكان الإدارة الأمريكية ومن يدور في فلكها من عرب وعجم ان تضغط على دولة الكيان الفاشي من اجل وقف الاستيطان وذلك يمكن ان يتحقق ببساطة من خلال إيقاف الدعم الاميركي المالي الذي يأتي في اغلبه من الولايات المتحدة، كذلك فان بإمكان الإدارة الأمريكية لو شاءت ان "تجفف" مصادر الدعم إلى القوى الصهيونية المتطرفة في الكيان الغاصب والتي أصبحت حاليا جزء لا يتجزأ من حكومة الكيان - برغم انها كانت دوما هناك، إلا انها هذه المرة تبدو أكثر سطوعا- من خلال نفس الآلية التي تتبعها فيما تقول انه تجفيف لمصادر الدعم لقوى الإرهاب بما في ذلك الحركات الإسلامية وغير الإسلامية.

الإدارة الأمريكية الحالية لن تختلف عن سابقاتها في الوقوف إلى جانب الكيان الغاصب ومحاولة الحديث عن زيارة اوباما إلى مصر ومخاطبة العالمين العربي والإسلامي وكأنها فتح للقسطنطينية جديد لن يكون سوى محاولة أخرى لدغدغة العقول العربية التي كان قد دغدغها بوش الصغير وقبله بوش الكبير قبل ان يقوم الأخير بما قام به بعد دخول الرئيس العراقي الراحل إلى الكويت وقبل ان يقوم الأول بالإجهاز على نظام صدام حسين والإجهاز على العراق كدولة ذات تاريخ عريق كانت لا تغيب عن حسابات الربح والخسارة في أي مواجهة قد تحدث في المنطقة.

ما يتم الحديث عنه من نوايا - نتمنى ألا تكون صحيحة- لا يبشر بالخير حيث ان المقصود هو تسويق إسرائيل برغم قباحة القائمين عليها وعدم اعترافهم بأي من حقوق الشعب الفلسطيني، وكان من المفروض ان يتم استغلال وجود هذه المجموعة الفاشية في سدة الحكم في إسرائيل من اجل الضغط عليها وإظهارها على حقيقتها ومن انها دولة احتلال فاشي بدلا من محاولات الترويج والتسويق لها واسترضائها وطرح مبادرات تصب في المصلحة الإسرائيلية ولا علاقة لها بالسلام أو حقوق الشعب الفلسطيني، ومن هنا فان المطلوب من قادة امة "العربان" ان لا يتساوقوا والطرح الأمريكي الجديد لان ذلك يعني ببساطة ان المبادرة العربية التي تبناها هؤلاء سوف تذهب كما أراد لها شارون ومن انها لا تساوي الحبر الذي كتبت به.

الأربعاء 2009-05-20
[email protected]

(116)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي