طالبت مجموعة من منظمات المجتمع المدني وناشطين مدنيين وحقوقيين الدولة اللبنانية بكل مستوياتها وخاصة رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الحكومة ومجلس الدفاع الأعلى، بإيقاف تنفيذ قرار هدم هذه المخيمات ومراعاة للوضع الإنساني الذي يعيشه اللاجئون.
كما طالبت في بيان لها اليوم الخميس الجميع بتحمل مسؤولياتهم الإنسانية أمام هذه القضية التي فيما لو حصلت فإنها "ستزيد من وضع هؤلاء اللاجئين المنكوبين بؤساً وستزيد الحمل على المنظمات الإنسانية وعلى المجتمع اللبناني، كون الكثير من هؤلاء سيتشتتون في قلب الأحياء السكنية اللبنانية ويحملون معهم ما يحملون من فقر وعوز، وقد يشكل كل ذلك ضغطاً مضاعفاً على البلديات والمجتمع المحلي اللبناني الذي يعاني مما يعانيه أصلاً من سوء في البنى التحتية والكهرباء والمياه والطرقات وأزمة السكن".
وقالت الجهات المسؤولة عن البيان: "منذ نهاية العام 2012، مع بدء تصاعد موجات اللجوء السوري إلى لبنان هرباً من النزاع الدامي هناك قامت في بعض المناطق اللبنانية وخاصة الحدودية اللبنانية – السورية مخيمات عشوائية بعضها فيها غرف حجرية أو جدرانها من حجارة (1500 غرفة حجرية بمنطقة عرسال وبعض الخيم فيها جدران حجرية و/أو سقف من التنك في مناطق البقاع وعكار وغيرها) لاحتضان عشرات الآلاف من السوريين الذين عبروا الحدود البرية لتقيهم تلك الجدران من صقيع الشتاء وقيظ الصيف ريثما تزول موانع عودتهم إلى مناطقهم المدمرة، وذلك في ظل استمرار الدولة اللبنانية برفض إنشاء مخيمات مؤقتة برعاية الأمم المتحدة لهؤلاء اللاجئين". وأضاف البيان: "تشير الإحصاءات المحلية إلى وجود أكثر من 7000 خيمة فيها جدران حجرية بينها 2500 خيمة في بلدة عرسال الحدودية وحدها، تقطنها نحو سبعة آلاف عائلة سورية أغلبيتها الساحقة مسجلة لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة".
وحذر البيان قائلا إن "قرار اتخذ في أعلى سلم هرم السلطة السياسية اللبنانية يقضي بهدم هذه الخيم الباطونية أو إزالة الجدران الحجرية والأسقف التنك والزينكو ما يعني تشريد نحو 35 ألف لاجئ سوري من دون تأمين بدائل مناسبة لهم، علماً أن أكثرية هؤلاء اللاجئين ينتمون إلى مناطق سورية تعاني من أوضاع سيئة جداً على المستويين الأمني والاقتصادي".
وأردف البيان: "أكد رئيس بلدية عرسال (باسل الحجيري)، أن القرار تم اتخاذه في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى بحضور وزيري الدفاع والداخلية، وصدر القرار بإزالة كل بناء حجري بمخيمات النازحين السوريين في عرسال وكل لبنان، وعن المهلة المعطاة لإخلاء الخيام أوضح الحجيري أنها 10 حزيران المقبل وهذا ما نقلته مفوضية اللاجئين في اجتماعاتها وما تبلغه محافظون ورؤساء بلديات".
واعتبر البيان أن "العبء القائم على الدولة اللبنانية المضيفة بسبب وجود اللاجئين السوريين في لبنان هو قضية لا يمكن معالجتها آحادياً وخصوصاً من دون رعاية المجتمع الدولي الذي يستمر في دعم اللاجئين والدولة المضيفة بكل إمكانياته منذ بدء الأزمة السورية. وإن الضغط من أجل دفع اللاجئين للعودة قسرياً إلى سوريا على طريقة فرض أهون الشرّين ليس فقط مخالفاً للقانون الإنساني الدولي وإنما كذلك مخالفاً لالتزامات لبنان الدولية (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اتفاقية مناهضة التعذيب، والبروتوكول الموقع مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين)".
وقال: "في جميع الأحوال، لا يمكن لإجراء مثل هدم جزء من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان أن يأتي ثماره المرجوة، لأن اللاجئ السوري الذي قبل بالعيش في خيمة بظل أصعب الظروف الطقسية والأمنية إنما قبل بذلك خشية من الأسوأ أي من المجاعة أو التشرد أو التعذيب والموت. فاللاجئ (الحقيقي) هو الذي لا يمكنه العودة لعدم توفر أسباب الأمن له في بلده، وإن تشريده في بلد اللجوء لن يدفعه ذلك إلا لمزيد من الهرب والاختباء والانصياع وراء عوامل الفساد والتطرف الذي ينشأ في أجواء الفقر والمرض والجهل والخوف والظلم".
وتابع البيان: "إن اعتبار عامل توقف الحرب في كثير من المناطق السورية مبرراً كافياً ومشروعاً لعودة اللاجئين هو غير واقعي وذلك لأن عوامل أخرى تتضافر لمنع الكثير من اللاجئين من العودة إلى سوريا: غياب البنى التحتية والصحية، وأعمال الثأر بين أبناء القرى والمجتمعات المتناحرة خلال مراحل النزاع المختلفة، والتغيير الديموغرافي المصطنع الحاصل في الكثير من المناطق، واختلاف البيئة الحامية ووجود مليشيات غير حكومية لا تخضع لسلطة الحكومة المركزية في سوريا في مناطق اخرى، إضافة لعدم حل مشكلة التجنيد الإلزامي والمنشقين أو الفارين من الجيش السوري النظامي، عدا عن استمرار الدمار البنيوي والنزاع المسلح في مناطق الشمال السوري".
وشدد على أن "قرار هدم هذه المخيمات التي هي أصلاً دون الحد الأدنى من المعايير الإنسانية ولا تفي بحاجة تلك العائلات من الأمن الاجتماعي، سيؤدي إلى تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص، وسيزيد السوء سوءاً في وقت تجهد فيه الجهات الإنسانية العاملة على تأمين ما أمكن من خدمات ولو مبدئية لهؤلاء اللاجئين الموجودين في لبنان قسرياً خاصة وأن مجموع هذه الخيام والغرف السبعة آلاف لا يقطنها سوى 4 بالمائة من اللاجئين السوريين في لبنان".
ولفت إلى أن "القول بأن هذه المخيمات العشوائية ذات الجدران الحجرية هي مقدمة للتوطين أو لبقاء دائم لهؤلاء اللاجئين في لبنان، على غرار التجربة الفلسطينية، ينافي المنطق، ليس فقط لأن وضع اللاجئ السوري مختلف تماماً عن اللاجئ الفلسطيني، إذ إن الأخير فقد أرضه وجنسيته واحتل بيته شعب آخر بينما الأول لا زال يملك جنسية معترف بها ولم يفقد جواز سفره ولا تزال دولته تقول أنها ترحب بعودته، بل لأن الجنسية اللبنانية لا تمنح سوى بمرسوم جمهوري في جميع الأحوال لمن لم يلد من أب لبناني أو لم يوجد مكتوم الجنسية في لبنان".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية