دكتوراه في الإعلام - فرنسا
يضرب هذا المثل للمتطاول على غيره، غير ذي القدرة على ذلك، فإذا رفع الكروان، وهو نوع من الحجل، رأسه بعنقه القصير، قيل له على الفور من أنت أيها الوضيع حتى ترفع رأسك في وجه النعام ذو العنق الطويلة والرأس المرفوعة.
يبدو لي أن السادة القائمين على صحيفة الجمهورية المصرية لم يطلعوا على هذا المثل، وفي الوقت نفسه لم يخبرهم أحد بأنهم كالكروان (الكرا) أمام النعام، لا رأس لهم ولا عنق فيرفعوه.
لا تتوقف الصحف الرسمية المصرية عن الهجوم على كل من يخالفها الرأي، وفي الوقت الذي تدعي فيه تلك الصحف أن العرب يهاجمون مصر، لا ترعوي عن الإساءة لمعظم الدول العربية، وتتقصد خاصة تلك الدول التي تنضوي تحت قائمة الممانعة للعدو، فقد هاجمت الصحف المصرية الرئيس الشهيد صدام حسين، واستدارت نحو سورية فتؤذيَها قيادة وشعباً وهي اليوم تهاجم قطر التي لا ينكر عاقل أنها وقفت ضد العدوان على غزة.
ولكن الطين زاد بلة لما تجرأت صحيفة الجمهورية على الإساءة للسيدة الأولى في دولة قطر.
فقد كتب رئيس تحرير الصحيفة محمد علي إبراهيم أن قطر تلخصت في امرأة وقناة فضائية، ولا أدري كمية الحقد الذي تكتنزه جريدة الجمهورية حتى يتقيأ أصحابها ألفاظاً بذيئة ويتكلمون في السيدة الأولى في دولة قطر. وإن كانت قطر تلخصت بامرأة وفضائية، فإن الحكومة المصرية قد ألغت تاريخ مصر المشرف ووقفتها العظيمة مع الأمة العربية والإسلامية، وجهادها في طول البلاد العربية وعرضها للتخلص من الاستعمار، من فلسطين إلى اليمن، أقول لقد ألغت الحكومة المصرية كل هذا، وأرادت أن تختصر مصر براقصة فقط، وليس فضائية إخبارية.
اليوم يا صحيفة الجمهورية، عندما تذكر مصر، لا يذكر الأزهر وإنما يذكر شيخه الذي ضغط محبة على يدي بيريس، ولا تذكر الأهرامات، وإنما يتذكر الناس أن حكومة البلاد تسعى لافتتاح كلية رقص، وتأليف كتبٍ في محاربة التاريخ الإسلامي والقوانين الإسلامية وتدمير الأسرة المسلمة. ويتذكر الناس أن عدد الذين ماتوا أو قتلوا في مصر بسبب إهمال الحكومة المصرية يفوق عدد المصريين الذين استشهدوا في الحرب ضد الصهاينة.
يحق لمحمد علي إبراهيم، أن يعترض على القواعد الأمريكية في قطر، وهذا مما نعترض عليه أيضاً، ولا نقبله بحال، ولكن ليت الصحفي الحر والصحيفة الحرة، تتذكر أن شرم الشيخ قاعدة صهيونية، وأن عمر سليمان "لا يهمه إلا الصهاينة وأمريكا".
والذي ينتقد قطر لتواجد الأمريكيين فيها يجب أن تكون بلاده خالية من النفوذ الأمريكي - الصهيوني، فما بال الصحيفة الحرة وقد شاركت حكومة بلادها بحصار الجياع في غزة فساهمت في قتل الأطفال الأبرياء. وما بال الصحيفة وهي ترى أن الجيش المصري لا يستطيع أن يحرك دبابة في سيناء إلا بإذن الصهاينة. ومن ينتقد العلاقات مع أمريكا يجب أن يبرأ نفسه هو من العلاقات مع الصهاينة، فالحكومة المصرية لا تستحي من استقبال نتنياهو على أرضها بينما ترفض استقبال العلامة القرضاوي، ومصر التي تسجن سعد الدين إبراهيم تطلق سراحه فوراً وفي اللحظة التي تحددها هيلاري كلينتون ومصر التي تتجرأ على سورية وتتهمها بأقذع التهم ، لا تستطيع أن تنبس ببنت شفة ضد الكيان الصهيوني.
يجب أن تتذكر صحيفة الجمهورية أن مصر قامت بسابقة ما حدثت في تاريخ الإنسانية، وهي أنها شاركت قولاً وفعلاً في احتلال العراق وهو بلد شقيق وجار، وساهمت قولاً وفعلاً في قتل أبناء الشعب الفلسطيني.
وكان أحرى بالجريدة الحرة، أن تتحدث عن صفقات القمح المتعفن والمفعم بالحشرات الذي تقدمه حكومة مصر لأبناء الكنانة، وكان الأفضل للصحيفة أن تتذكر أن الصهاينة ينعمون بالغاز المصري بينما يحرم منه أبناء فلسطين.
ليت أن جريدة الجمهورية وصفت لنا عيون السادات وهو خافض الرأس يحيي الصهاينة بقوله السلام عليكم، ويتنازل عن فلسطين وطناً لليهود.
علاوة على كل ما تقدم يذهب محمد علي إبراهيم لانتقاد الشيخة موزة المسند لأنها ساهمت في طرد الصحفي الفرنسي روبير مينار، ولقد عجبت من قلة أدب هذه الجملة في صحيفة الجمهورية، إذ يقول الكاتب أن مينار انتقد قدوم الرئيس السوداني إلى قطر لأن هذا يخالف قرارات المحكمة الدولية ويستخف بالقانون الدولي، ولعمري فإن من يعترف بحكم المحكمة الدولية ضد البشير لهو شخص وقح يحتاج إلى إعادة تربية وتأهيل، فلقد أرادت الجمهورية على ما يبدو ألا تستقبل قطر الرئيس السوداني عمر البشير حفظه الله لأن المحكمة الدولية الصهيونية لا تريد ذلك، ثم يأتي رئيس تحرير الجمهورية ليعتب على قطر في إيقافها لمينار عن عمله.
الحقيقة أنني لا أعرف إذا كانت السيدة موزة المسند هي التي قامت بإيقاف مينار عن عمله ، ولكن إن كانت هي فلتسلم يمينها فإن فيها رجولة إذاً أكثر من أنصاف الرجال وأشباههم، وإن أقل القليل بحق ذلك الصحفي أن يطرد من تلك البلاد بل وألا يسمح له بدخولها مرة أخرى.
تحدّت صحيفة الجمهورية الحكومة القطرية أن تذكر عدد السجناء السياسيين في البلاد، تماماً كما أتحدى محمد علي إبراهيم أن يذكر عدد الصهاينة الذين يعطون الأوامر للحكومة المصرية وعدد الضباط الصهاينة الذين يتابعون عملهم في مصر ويصدرون القرارات ويتابعون تنفيذها. وأتحدى صحيفة الجمهورية أن تحدثنا عن عدد الأطفال الذين ماتوا في فلسطين بسبب الحصار المصري الصهيوني المفروض على قطاع غزة. كما أتحدى محمد علي إبراهيم، أن يذكر لنا عدد المرات التي تآمرت فيها الحكومة المصرية على الشعب المصري أولاً وعلى الشعوب العربية ثانياً
بالمقابل، فقد سرّني وما ساءني أن الحكومة القطرية ترفعت كما ترفعت الحكومة السورية يوماً عن الرد على صحيفة الجمهورية. إذ لم تقم صحيفة حكومية قطرية واحدة بالرد على ترهات الجمهورية، وكذلك فعلت سورية من قبل، إذ تجنبت الصحف السورية الرسمية الإساءة لمصر وحكومتها، كما أننا نأمل أن تتصرف الحكومة القطرية بإنسانية وتلطف مع كل ما يتعلق بالشعب المصري العريق الذي يستحق كل تقدير واحترام، وأريد أن أذكّر الحكومة القطرية بأن الشعب ثابت وأن الحكومات متغيرة، فستزول هذه الحكومة كما زالت حكومة السادات، لكن الشعب المصري هو الشعب الذي سيبقى بأصالته وحسن خلقه وكرامته العربية الإسلامية.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية