سيادة الرئيس المحترم باراك أوباما :
لا أشك في أن الله أرسلك على رأس أكبر دولة في العالم في فترة حرجة وصعبة تستدعي منك جهدا هائلا لتضييق الفجوة بين القوى المادية الساعية الى التدمير وبين الحكمة الانسانية ,بعد أن راود الكثيرون في أنحاء العالم الأمل في ان يبدأ عهد جديد من العلاقات الدولية يسودها الحكمة والتفاهم والحوار بين الثقافات ويظهر عصر جديد يتحرر فيه ملايين البشر من الفقر والذل والجوع ,وان يضيع الغرب كل امكانياته من اجل القضاء على الفقر والوقوف ضد تدمير البيئة .
وارجو ألا يكون ذلك مجرد سراب وأحلام سيئة
فالامتناع عن التهديد بالقوة أو استعمالها واستخدام الامم المتحدة كأداة لتحقيق السلام بدعم من الولايات المتحدة هو الذي يبقي الولايات المتحدة في مركز مرموق ومتقدم على كل العالم.
وحتى تكون الولايات المتحدة هي المركز دائما عليها ان تحافظ على توازن معقول بين متطلبات الدفاع والدور العالمي وبين الوسائل الفعلية للابقاء على هذه الالتزامات وان تحافظ على قدرتها على التطور التكنولوجي وحماية ثروتها الاقتصادية من التفتت النسبي في مواجهة الانماط المستمرة التغيير للانتاج العالمي ,اي التحرك بقدر الامكانيات والقدرات الفعلية ,وأرجو الا يفهم كلامي خارج سياق زيارتك المرتقبة بل اعتبره أساسا في مركزية أمريكا ودورها العالمي وقبل ان ادخل الى موضوع الزيارة سأسرد قصة صغيرة جدا أرجو أن يتسع صدرك لها :
يقول المؤرخون "لم تستمر روما /11/ قرنا بقوتها بل بدبلوماسيتها "
قال لي احد الدبلوماسيين :منذ فترة جاءنا وفد امريكي ترأسه دبلوماسية وكنت اتحدث معها بالانكليزية تطرقنا خلال الحديث الى العلم وسألتها عن شهاداتها فعدتها وكانت تحمل شهادة باللغة العربية من بين شهاداتها فقلت لها اذا اريحيني وتكلمي العربية فامتنعت بعد ان ساقت العديد من الحجج وانها لاتجيد التكلم بها كثيرا ,فأخذت اتكلم العربية قاصدا ازعاجها ,ثم تحدثنا بعد ذلك عن الاسلام فحاولت ان افهمها ان الاسلام ضد الارهاب وهو مع كل الاديان وان المتشددين هم قلة وهم موجودون في كل المجتمعات وكل الديانات وان الشيعة يختلفون عن السنة والشيعة يعتبرون قلة في العالم بالنسبة للسنة فأجابتني :الاسلام هو الاسلام بمعنى الاسلام = الارهاب .
ثم قال :انهم في الحقيقة لايعرفون شيئا عنا ...!
ان من أهم مايفيد أمريكا في هذه المرحلة اعادة النظر في دبلوماسيتها وان يكون الدبلوماسيين العاملين في منطقة الشرق الاوسط على دراية واسعة بطبيعة العرب ونفسيتهم ولغتهم ودينهم وعدم معرفة هذه الامور سوف تخلق سوء فهم كبير في العلاقات بين الشرق الاوسط وامريكا .
فالدبلوماسية في رأيي هي رأس الحكمة والدبلوماسي القوي هو الذي يمكنه ان يتعرف على سيدة جذابة في الطريق دون ان يتعرض لتلقي صفعة على وجهه ,والدبلوماسية اهم من موضة القمم واقدر على حل الامور .
وان اهم مايتمتع به السفير هو الذكاء المقترن بالاخلاص والتواضع والشخصية الجذابة والقدرة على تكوين الصداقات.
سيدي الرئيس ان حكمتك كانت رائعة في اختيار مصر لتوجيه كلمتك الى المسلمين والعرب عامة وهذا ماكنت ادعو الله ان تفعله ,,,
فمصر هي نقطة التوازن في الشرق الاوسط وقد اعتبرها الاسكندر مفتاح العالم.
لذلك ارى ان دعم مصر وتقوية موقفها والعمل على استقرارها بل العمل على جعلها من الدول المتقدمة هو من اهم مقومات التوازن في العالم العربي ومنع التغلغل الايراني الشيعي.
وان كافة المقومات اللازمة لذلك متوفرة في مصر ولكنها تحتاج الى تفعيل جيد من قبل الولايات المتحدة .
ان الخريطة التي اعدها سير جون هامرتن في كتابة تاريخ العالم تكشف ان تاريخ مصر يمتد ماقبل 4 آلاف سنة قبل الميلاد بشكل متصل في حين ان تاريخ بريطانيا لايمتد لأكثر من ألفي عام واسبانيا لايتجاوز تاريخها سوى الفين وخمسمائة عام .
ويتساءل ول ديوارنت كيف يتاح لعقل غربي ان يفهم الشرق فالعمر بأسره لايكفي طالبا غربيا ليدمج نفسه في روح الشرق الدقيقة اللمحات وفي تراثه الذي يكتنفه الغموض .
وأكتب هذا الكلام لأقول ان الغرب يكتفي بتلخيص الشرق كله في سطر واحد وهذا ماجعل العرب ينظرون الى الغرب نظرة الريبة والشك وتعصب الغرب ضد الشرق؟
ان عدم دعم دور مصر في رعايتها لعملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ومساعدة مصر على فتح المعابر اضعف دور مصر وقلل من اهميتها واعطى بشكل غير مباشر موقفا داعما لايران كما ان دوام الحصار على غزة اعطى مصداقية لموقف ايران من مسألة الصراع العربي الاسرائيلي !
سيدي الرئيس ان زيارتك لمصر مصيرية ليس لمصر وحدها بل للعالمين العربي والاسلامي وسيكون لها أثر كبير في تطور العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم العربي وان مخاطبة المسلمين داخل مصر وخارجها "اي العالم العربي " يقوم في رأيي على مايلي :
1ـ النظر الى الحضارة المصرية عامة والعربية الاسلامية خاصة بكل التقدير والاحترام والاعتراف بما قدمت للحضارة الانسانية من فكر تراكمي عبر القرون بنيت على اساسه حضارات اخرى ننهل منها الان.
2ـ النظر الى جميع الانبياء على انهم اخوة في الايمان وانهم دعوا الى عبادة الاله الواحد وان الديانات تكمل بعضها البعض وكلها تدعو الى الاخوة والمحبة والتسامح والعدل .
3ـ الاسلام دين عدل ومحبة وتسامح ,والارهاب والتطرف موجودان في جميع الديانات ولايخص الاسلام وحده
4ـ تعتبر مصر والازهر مصدر اشعاع فكري وحضاري للاسلام المعتدل الذي ينبذ التطرف والتعصب وقتل الانفس بغير وجه حق .
5ـ تقدير وحدة الشعب المصري كأقباط ومسلمين والتعايش الذي يجمع المسلمن والمسيحيين على امتداد العالم الاسلامي .
6ـ تثمين الجهد الذي بذلته مصر من اجل القضية الفلسطينية وتوحيد الفصائل واحلال السلام في المنطقة
7ـ التاكيد على دعم امريكا للعالم العربي والاسلامي في التنمية والاستثمار في هذه البلاد في التطور العلمي والتكنولوجي.
8ـ القدوم ببرنامج وخطة عمل للعالم الاسلامي والدول العربية يجسد فكر الادارة الجديدة بالتغيير وتهيئة الارضية المناسبة لتنفيذ هذا البرنامج اي رؤية هذا التغيير على ارض الواقع تأكيدا لمصداقية هذه الادارة .
9ـ ان جامعة الازهر هي اقدم جامعة في العالم وقد بنيت منذ مايقرب من الف عام فكانت بحق مصدر اشعاع علمي وحضاري لذلك ارى الازهر هو المكان المناسب لتوجيه الكلمة للعالم الاسلامي .
اتمنى سيدي ان تصل مصر وفي جعبتك المزيد لدعم موقف مصر واعادة الاعتبار لها بقوة بين الدول العربية كمركز ثقل وكقوة اقليمية فاعلة .
حفظك الله سيدي الرئيس ودمت وعائلتك الكريمة بخير.
13/5/2009
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية