دكتوراه في الإعلام - فرنسا
وقف البابا على جبل بنو، في المملكة الأردنية الهاشمية، ورأى أمامه أراضي فلسطين المغتصبة، وبياراتها المسروقة، شم بأنفه رائحة الفوسفور الأبيض الذي حرق أجساد الأطفال بغزة، رأى بأم عينيه ستين سنة من الإجرام والإرهاب الصهيوني. لما رأى البابا كل ذلك صرح بأنه يتذكر"الرباط غير القابل للكسر الذي يوحد الكنيسة والشعب اليهودي".
تحدث البابا عن عمق العلاقات اليهودية المسيحية، متناسياً الإجرام الصهيوني وسلب بلاد كاملة لا حق للصهاينة فيها. ولو قال جورج بوش مثلاً ما قاله البابا من جبل بنو لفهمناه، فهو رئيس أمريكي مجرم وإرهابي كبير، أما أن يقوله البابا وهو ينظر باتجاه مدينة القدس السليبة فإنه لعمري أمر مؤسف يدل على أن هذا الرجل لا يمثل ديناً ولا عقيدة، بل يمثل سيطرة الصهاينة على المؤسسات البابوية في الفاتيكان.
جاء البابا إلى الأردن ورأى كرم الضيافة لدى المسلمين، حيث عومل أحسن معاملة واستقبل كما يستقبل الأبطال.
فكان رده على هذا الاستقبال الإشادة، ومن أرض الأردن العربية، بعمق العلاقة مع الشعب اليهودي، ودخوله المسجد بالحذاء، وتهربه من الاعتذار للمسلمين عن إساءة متعمدة أطلقها بكل صلف في العام 2006 حيث تطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلم عن" حد السيف" في الوقت الذي يبارك فيه البابا الحكومة الصهيونية التي بنت دولتها من عظام وأشلاء العزل في فلسطين.
لم يكن البابا في هذا الزيارة مثلاً للتسامح، ولا مثلاً للعقائد أو المحبة، لقد جاء حتى يتطاول مرة أخرى على المسلمين، ولكن هذه المرة من بلاد المسلمين أنفسهم.
ثم غادر البابا بعد ذلك ليزور الإرهابي شمعون بيريس ويمد يده لمصافحته، هذه اليد التي قتلت أطفال غزة بالفوسفور الأبيض، ودمرت مقرات الأمم المتحدة في القطاع، هذه اليد التي قتلت النساء والأطفال في قانا، ودمرت ملاجئ هيئة الأمم فوق رؤوسهم.
لم ينبس البابا ببنت شفة أمام بيريس وما فعله من إجرام في تاريخه الإرهابي المعروف، وتجاوز ذلك بلقائه أعتى عتاة الإرهاب نتنياهو. وفوراً طار البابا لزيارة نصب المحرقة اليهودية، ليذكّر بضحاياها وأحزان اليهود ومسكنتهم، لكنه لم يفكر أبداً بالتوجه لزيارة جدار الفصل العنصري الذي يريد أن يضع أهل فلسطين في قفص كبير ويجعل من فلسطين التاريخية دولة يهودية لا يقبل فيها مسلم ولا مسيحي.
لم يفكر البابا بل دعونا نقل أنه لم يجرأ على التذكير بمحرقة الصهاينة لأهل فلسطين والإبادة المنظمة التي انطلقت منذ ستين عاماً. تجاهل البابا كل ذلك، بل وتجاوز كل لباقة بتنقله بطائرة عسكرية، فأي بابا هذا الذي يحلق فوق القدس الشريفة بطائرة عسكرية صهيونية قد تكون قتلت عشرات الأطفال من برءاء فلسطين .
شدد البابا على أنه سيحارب كل من يعادي السامية، وهو لا يقصد بذلك السامية أبداً بل يقصد من يحارب الصهاينة، فالعرب هم أولاد سام بن نوح عليه السلام. وإنما يردد البابا الألفاظ والمصطلحات التي يقررها الكيان الصهيوني ويفرضها على الفاتيكان وغيره.
نسي البابا أن موسى وعيسى عليها السلام ولدا وترعرعا ودعوا إلى الله في أرض العرب، وهو اليوم في أرض العرب التي أنبتت الأنبياء إنباتاً، ونشرت المحبة والسلام، وأن أرض العرب هذه، لم تكن مغتصبة يوماً حتى عرفت شذاذ الآفاق الذين قدموا من وراء البحار،عصابات ومرتزقة فقهروا أهل البلاد من أهل الرسل وسيطروا على أرضهم واقتلعوهم من ديارهم بل وأمعنوا فيهم تقتيلاً.
فعن أي سلام ومحبة يتحدث البابا، وأي نص في الإنجيل ذلك الذي يجيز للمجرمين من قطاع الطرق وعصابات الإجرام احتلال أرض الغير والسيطرة عليها بالقوة، ثم يأتي البابا ليبارك المغتصب ويتعامل معه على أنه دولة قائمة الكيان.
تجاهل البابا زيارة سورية، بسبب الأوامر الصهيونية، وإمعاناً في الضغط على سورية، ولو كانت زيارة الرجل دينية كما ادعى لكان أولى به أن يمر من دمشق تاريخ الإيمان والمؤمنين ففيها بعض معالم طريق الحج المسيحي، ولكن الزيارة كانت سياسية بامتياز وجاءت بضغط من الصهاينة لتجميل صورة الكيان الغاصب بعد إجرامه منقطع النظير في هجومه الوحشي على غزة.
لقد جاءت زيارة البابا تماماًُ بعد أن أعلن الكيان الصهيوني عن حملة دولية لتجميل صورته أمام الرأي العام العالمي، وللأسف فقد شارك البابا في تجميل هذه الصورة.
لما رأيت حركات وإشارات البابا وسمعت تصريحاته ولهفه على الكيان الصهيوني الغاصب ظننته موظفاً لدى الحكومة الصهيونية، فلا يتحمس لهذه الحكومة إلا أركانها من إرهابيين وقتلة، أو ممن يسيطر عليهم اللوبي الصهيوني المنتشر كالسرطان في كل مكان. لا يليق بهذا الرجل أن يمثل أحداً وصدق الله العظيم إذ قال" قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية