يبدو أن قانون المطبوعات السوري الجديد والذي يجري التداول بشأنه منذ ما يقارب السنوات الثلاث قد وضع على نار حامية مؤخرا جدا، وخاصة لجهة وجود تعديلات وبنود جديدة من المتوقع إضافتها إليه تلحظ الإعلام الالكتروني.
وعلمت "كلنا شركاء" من مصادر مطلعة أن اللجنة المعنية بدراسة قانون المطبوعات الجديد قد عقدت جلسة غير علنية لها في بحر الأسبوع المنصرم، وناقشت جملة من البنود المستجدة والتعديلات على القانون القديم للعام 2001، والذي يبدو ان صيغه ومواده الأساسية ستظل على ماهي عليه، خاصة فيما يتعلق بمنح الرخص الإعلامية وحجبها، بحيث أنها ستظل "استثنائية" وبيد رئيس مجلس الوزراء السوري.
كما لايزال تجريم الصحفيين قائما وفق المادة 51- آ (معدل) في حال نشرهم موادا أو أخبارا تنال ".. من هيبة الدولة أو مس كرامتها أو مس الوحدة الوطنية أو معنويات الجيش والقوات المسلحة .." أو تلحق ضررا "بالاقتصاد الوطني وسلامة النقد .."، في ظل ما يرى مراقبون إعلاميون أنه ضبابية في التعريفات -غير المعرفة بنص قانوني- والتي تتناول هيبة الدولة، والوحدة الوطنية، ومعنويات الجيش، وغيرها مما يستخدم عادة لاعتقال بعض الصحفيين، وإخضاعهم لمحاكمات مدنية وعسكرية.
والجديد في القانون هذه المرة هو تشميله الإعلام الالكتروني السوري في منظموته المقترحة. ذلك الإعلام الذي ظل حتى الساعة من وجهة النظر الرسمية خارج قيود الأطر القانونية المباشرة، في حين يرى حقوقيون أنه كذلك فعلا، لخضوع القائمين عليه لأحكام القوانين الجزائية المعمول بها أصلا بصفتهم مواطنين سوريين، وهو ما يجادل كثير من الإعلاميين بأنه كاف، ويغني عن وجود أية قوانين خاصة بالإعلام الالكتروني، والتي في حال صدورها لن تنجح -وفق الحقوقيين- سوى في إضافة مزيد من القيود على حرية التعبير في البلاد.
وتساوي المسودة الأخيرة لقانون المطبوعات المتوقع صدوره بين أسبوع وآخر بين الكلمة المطبوعة والكلمة الرقمية المنشورة عبر الانترنت، الأمر الذي ينظر إليه صحفيون محليون بعين الريبة ويعدونه انتكاسة حقيقة للنزر اليسير الذي حققه الاعلام الاكتروني السوري مؤخرا.
وفيما يلي بعض المواد والتعديلات التي تخص الإعلام الالكتروني والتي وردت في النسخة الأخيرة من مسودة قانون المطبوعات السوري التي نوقشت قبل أيام:
المادة 2
يضاف إلى المادة الثانية التعاريف التالية:
1- الصحيفة الالكترونية:
هي كيان إخباري رقمي مرتبط بتواتر الأحداث ويقوم بانتاج ونشر الأخبار والمقالات والصور والتصاميم الفنية الرقمية والوثائق السمعية أو البصرية والنصية ذات العلاقة بالحدث (كليا اوجزئيا) معتمدا على التحديث الدائم للمعلومات المنشورة بما ينسجم مع تواتر الحداث وينشر عبر الانترنت ووسائله كافة.
2- الناشر الإلكتروني: هو من يحصل على ترخيص الصحيفة الالكترونية.
3- النشر الالكتروني: هو إتاحة المعلومات أو الأخبار بشكلها الرقمي من خلال نشرها على الشبكة الالكترونية أو الشابكة (الانترنت) وذلك من خلال النص أو الصوت أو الصورة الثابتة أو المتحركة.
المادة 4
بعد التعديل:
يعد المحرر الصحفي ورئيس التحرير في المطبوعات والصحف الالكترونية مسؤولين بالتكافل والتضامن أمام القضاء ويمثلهم المدير المسؤول.
المادة 7
ب - تخضع الصحف الالكترونية إلى نظام الأرشفة المعتمد في الوزراة.
المادة 10
بعد التعديل:
على كل مطبوعة خارجية الحصول على موافقة دخول إلى الأسواق السورية من وزارة الإعلام للمرة الأولى وللوزير ان يمنع تداول المطبوعات الخارجية إذا تبين أنها تمس السيادة الوطنية أو تخل بالأمن أو تننافى مع الآداب العامة.
المادة 11
د - فيما يتعلق بالصحيفة الالكترونية يمنح الترخيص بقرار من الوزير، يجب أن يتضمن طلب الترخيص :
1 - اسم الصحيفة ومنهجها (سياسية علمية ادبية رياضية فنية...إلخ)
2 - اسم مديرها المسؤول وكنيته وجنسيته ومحل إقامته وسنه وشهادته العلمية.
3 - اسم رئيس التحرير وكنيته وجنسيته ومحل إقامته وسنه وشهادته العلمية.
4 - اسم صاحب الصحيفة والشركاء غيها وأصحاب رأس المال ومحال إقاماتهم وجنسياتهم وأعمارهم وشهاداتهم ومقدار المبلغ المساهم به والمساعدة المالية الممنوحة.
5 - عنوان الصحيفة الالكترونية على الشابكة (الانترنت) والمخدم الذي يستضيفها.
6 - مركز الادارة والتحرير.
7 - اللغة التي ستحرر بها.
المادة 12
آ- تمنح الرخصة بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح يرفعه الوزير خلال ثلاثة أشهر من استكمال الأوراق الثبوتية إلى الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية.
المادة 13
بعد التعديل:
يجوز نقل مكان الترخيص بقرار من الوزير و إن عدم صدور قرار بالموافقة على طلب النقل خلال شهر من تقديم الطلب يعد رفضا للطلب.
المادة 15
بعد التعديل:
ب - تخضع الصحف الالكترونية المرخصة لتأدية ضمان يودع خزينة الدولة أو لكفالة مصرفية بمبلغ قدره مئتي الف ليرة سورية ويجوز قبول الكفالة التجارية بالمبلغ نفسه.
المادة 19
ب - أما رئيس تحرير الصحيفة الالكترونية فيجب ان يكون مستوفيا الشروط التالية:
1 - ان يكون عربيا سورية أو من في حكمه من اكثر من خمس سنوات.
2 - أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية.
3 - أن يكون متقنا للغة التي يصدر بها الصحيفة.
4 - أن يكون قد أتم الخامسة والعشرين من عمره.
5 - أن لا يكون بأي صورة كانت بخدمة دولة أجنبية.
6 - أن يكون غير محكوم بجرم شائن أو طرد من الوظيفة.
7 - أن يكون مقيما في الجمهورية العربية السورية.
8 - أن لا يجمع بين مهنة الصحافة ووظيفة عامة.
9 - أن يكون حائزا على إجازة جامعية و منتسبا إلى اتحاد الصحفيين.
المادة 22
ب - يلغى ترخيص الصحيفة الالكترونية بقرار من الوزير في الحالات التالية:
1 - إذا لم يتم تحديث الصحيفة خلال ثلاثين يوما لأسباب غير تقنية.
2 - إذا صدر بحق الصحيفة خمسة أحكام جزائية خلال سنة واحدة.
3 - إذا تكرر ترقين أو تجميد الترخيص ثلاث مرات سنويا.
4 - إذا ثبت على أحد المسؤولين فيها إحدى الجريميتين المنصوص عليهما في المادة 55 من هذا القانون.
ج - لا يحق لأي مطبوعة إصدار ملحق لها إلا بعد موافقة وزارة الإعلام ويجب ان يكون غير دوري وأن لا يؤرخ أو يرقم وأن يأخذ نفس اسم الصحيفة وأن يشار إليه مع العدد وأن يوزع معه مجانا.
المادة 55
بعد التعديل:
كل مطبوعة أو صحيفة الكترونية تدعو إلى تغيير دستور الدولة بطرق غير دستورية أو إلى العصيان ضد السطات القائمة بموجب أحكام الدستور أو يثبت تقاضي المسؤولين فيها أموالا من دول أو من ممثليها وعملائها أو من شركات أجنبية مقابل نشر وترويج سياسات واتجاهات أوحملات تحريض تعمل على الإخلال بالوحدة الوطنية السورية، يعاقب المسؤولون عنها بإلغاء رخصتها علاوة على العقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة.
تضاف مادة إلى قانون المطبوعات نصها:
- تلتزم جميع المطبوعات والصحف الالكترونية المرخصة باللغة العربية أن تكون اللغة العربية الفصحى هي وسيلة التعبير الأساسية فيما يتم نشره أو بثه أو تداوله عليها على أن يشمل ذلك الإعلانا ت الترويجية.
يذكر ان قانون المطبوعات المعمول به حاليا في البلاد والذي يحمل الرقم "50" لعام 2001، لقي كثيرا من الانتقادات إبان صدوره، نظرا لأنه ينص على سجن الصحفيين، ويحمل معايير فضفاضة لما يمكن أن يحاكم الصحفي على نشره.
ويعتقد مراقبون إعلاميون أن الإيفاء بالمعايير الدولية للصحافة وحرية التعبير تقتضي عدم وجود قانون خاص بالإعلام والمطبوعات، والاكتفاء بالقوانين الجزائية المعمول بها. ويدعو كثيرون إلى إلغاء وزراة الإعلام كليا، كما هو الحال في عدد كبير من الدول في العالم ومن بينها دول عربية مثل الأردن وقطر، وإنشاء مجلس أعلى للإعلام تكون مهمته محصورة في مراقبة المعايير المهنية للأداء الإعلامي المحلي لا أكثر.
ويبدي هؤلاء المراقبون خشيتهم من إقرار مسودة هذا القانون فيما يتعلق بالإعلام الالكتروني على الخصوص، لما تشكله بنودة هذت القانون من خطورة بعد وضعها هذا الإعلام بتصرف مزاج شخص واحد تقريبا هو وزير الإعلام، وبسلطات مطلقة لا رقيب عليها.
إضافة إلى إلزامه -القانون المقترح- الصحفيين تحصيل عضوية اتحاد الصحفيين السوري، الذي يوصد أبوابه حتى الآن أمام الصحفيين المستقلين وصحفيي القطاع الخاص على الجملة، ناهيك عن قوانينه ونظامه الداخلي الذي اكل عليه الدهر وشرب، والذي لا يلحظ الإعلام الالكتروني أصلا.
ولاتقدم مسودة القانون المقترح تعريفا واضحا للموقع الالكتروني السوري، ولا تحدد اطرا للعلاقة مع كل تلك المواقع الالكترونية التي تعد نفسها سورية وتعمل من خارج البلاد.
ويتوقع مراقبون أن يثير القانون المقترح بلبلة في صفوف الإعلاميين السوريين، وخاصة منهم أولئك الذين لا تدعمهم جهات رسمية، وليسوا محسوبين على متنفذين ومسؤولين وأولاد مسؤولين. ما ينذر بطبع الساحة الإعلامية السورية مجددا بلون واحد على ما كان دارجا فيما مضى، وتلحق ضررا بالغا بمساحة الحرية الضئيلة التي يتحرك ضمنها وبحذر الإعلام الالكتروني المحلي حاليا رغم التضييقات الأمنية وسياسة الحجب الرسمية.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية