أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

آخر روايات "أصحاب الشعرة".. "تيزيني" كان مصابا بعطب في الدماغ أفقده المحاكمة السليمة

الراحل " تيزيني"

ما تزال أخبار وفاة المفكر السوري "طيب تيزني" تخيم بأجوائها على موالي النظام، الذين سارع قسم كبير منهم لشتمه وتخوينه بوصفه نصيرا للثورة (الفورة أو العورة بمنطقهم)، بينما فضل البعض التمسك بما يمكن تسميته "شعرة معاوية"، لاسيما أن الراحل لايختلف كثيرون على كونه قامة فلسفية يصعب تجاوزها أو إنكارها.

وللمتمسكين بـ"شعرة معاوية" من الموالين في قضية "تيزيني" مذاهب، فبعضهم يعز عليه جدا أن يكون الفيلسوف خارج سرب المولاة، ما أفقد النظام ورقة أخرى كان من الممكن أن يستثمرها كما استثمر أوراق مفكرين آخرين، وبعض "أصحاب الشعرة" يبدو يريد أن يظهر مفكرا ونصيرا للمفكرين، ولكنه في نفس الوقت لايريد –ولا يسمح- بأن ينتقص ذلك حبة خردل من ولائه وتقديسه للنظام... فما الحل إذن؟!، وما الحيلة في تخوين رجل يعده البعض فليسوف سوريا و"بوابة حمص الثامنة".

حلول وحيل عديدة "ابتكرها" الموالون الذين تجنبوا إظهار الشماتة بموت "تيزيني" أو تخوينه ولعنه علنا، محاولين أن يقدموا لجمهور الموالاة تبريرات وروايات متعددة، علها تخفف من غلواء وتطرف هذا الجمهور تجاه رجل لم يحمل يوما سلاحا ولا حتى عصا، بل حمل عقلا ولسانا ناطقا ليعبر به عما يدور في ذهنه.

ورغم غرابة بعض الروايات والتبريرات التي ساقها أصحاب "الشعرة" من الموالين، فإن أكثرها إيغالا في الغرابة و"الهرطقة"، هي ما ساقاه طبيب مؤيد من اللاذقية يدعى "ب. ح".

وقبل أن نبدأ بالرواية التي ساقها "بركات"، يستحسن بنا الإشارة -باختصار إلى أن هذا الشخص ليس نكرة في محيطها، فهو أولا ابن منطقة القرداحة، ومن عائلة متغولة فيها، وهو ثانيا طبيب تخرج من الاتحاد السوفياتي، وهو ثالثا والأهم الذي قد لايعلمه كثيرون، مارس أدوارا متعددة في الاتصالات مع السوفييت (والروس لاحقا) وكان له يد في إبرام صفقات كثيرة بما فيها صفقات التسلح، وهو اليوم كما كان بالأمس من أشد المؤيدين لروسيا حتى ولو استولت على غرفة نومه، ويبكي على قتلى الروس ويعزي بهم أكثر مما يفعل مع قتلى طائفته (ربما يأتي يوم نفرد فيه تقريرا خاصا عن ب.ح).

ولأن الطبيب المثقف "ب.ح" لايجوز أن تمر حادثة بوزن وفاة الفيلسوف "تيزيني"، دون أن يدلي بدلوه، فقد انبرى للقول إن الفيلسوف كان معتنقا للفكر الماركسي ومؤمنا به إلى أن سقط الاتحاد السوفيتي، وعندها خلط الرجل (أي تيزيني) ماركسيته بنكهة قومية.

ولكن وبعد موجة الربيع العربي، حسب الطبيب "ب.ح"، أصيب الفيلسوف بتصلب في شرايين دماغه!، ما أدى إلى نقص في التروية انعكس على قدراته العقلية، فصار مؤيدا للثورة ومناهضا للنظام.

وأقر "ب.ح" بأن الفيلسوف الراحل هاجم جيش النظام وأدانه بالقتل والإجرام، وأيد الثورة السورية بل لم يمانع في تدخل خارجي يطيح بالأسد، ولكن كل ذلك مرده إلى فقدانه الاتزان العقلي، نتيجة نقص التروية الدماغية.
وحتى تظهر رواية "ب.ح" وكأنها بالفعل رواية علمية وعقلانية متماسكة، فقد أبدى هذا الطبيب المتخرج من جامعات الاتحاد السوفيتي أسفه على عدم تشريح جثة "طيب تيزيني"، في سبيل إثبات ما ذهب إليه (أي ب.ح) من أن المفكر المعروف أصيب بعطب حجب دماغه عن المحاكمة السليمة، ولو حدث هذا التشريح لالتمس الموالون للفيلسوف الراحل "عذرا" وكفوا عن لعنه بكرة وعشيا.

*هامش
لا حاجة إطلاقا لبذل أي جهد في تفنيد ما ادعاه "ب.ح" حول إصابة "تيزيني" بعلة عقلية عطلت مداركه، فمقابلات الرجل المرئية وحواراته وتصريحاته خلال سنوات الثورة تثبت أنه كان في كامل قواه وذاكرته، إن لم يكن في أوجها.. ولكننا ننقل رواية "ب.ح" من باب تسليط الضوء على الذهنية الموالية التي تستطيع أن تجادل في إنكار وجود الشمس مهما كانت ضياؤها ساطعا ودفؤها منتشرا، وعندما يعدمون كل الحيل يقفون في الظل متسائلين بتوتر: أين هي الشمس؟!

إيثار عبد الحق - زمان الوصل
(104)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي