أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صحفي يكشف ما دار بين "طيب تيزيني" والأسد وحكاية الرجل الواقف بينهما

الراحل "تيزيني"

كشف الصحفي "شعبان عبود" قصة واقعية سمعها من الدكتور الراحل "طيب تيزيني" داخل قصر الأسد في غمرة ما عُرف بربيع دمشق وبعد أشهر قليلة من استلام بشار الأسد مقاليد الحكم، وكان "تيزيني" من بين الذين أراد "الرئيس" الجديد أن يلتقي بهم ويستمع إليهم.

واعتبر "عبود" أن هذه فرصة طيبة له كصحافي ومراسل لصحيفة "النهار" أن يلتقي بالطيب تيزيني ويسأله عما جرى وماذا دار من أحاديث وكيف كان انطباعه عن "الرئيس" الشاب.

وروى "عبود" في منشور على صفحته الشخصية في "فيسبوك" أنه اتصل بتيزيني واتفقا على أن يلتقيه في منزله في "دُمّر" مساءً، وحمل آلة التسجيل ودفتراً صغيراً وقلماً ليدون الملاحظات.

وتابع مراسل قناة "تلفزيون سوريا" في واشنطن حالياً أن الاعتقاد السائد وقتذاك أن الرئيس الجديد شاب ومنفتح وأنه ينوي إحداث تغييرات كبيرة وعملية إصلاح لذلك كان يلتقي بين الفينة والأخرى بباحثين ومفكرين واقتصاديين وفنانين وغيرهم. وأضاف عبود أن تيزيني سأله إن كان يرغب بمعرفة جقيقة ما جرى في قصر بشار أم يريد إجراء مقابلة صحفية عن هذا اللقاء فحسب عندها قال له بكل تأكيد "ما يهمني أولاً رأيك الحقيقي باللقاء وبالرئيس" فطلب شيخ الفلاسفة العرب منه إطفاء آلة التسجيل وعدم نشر شيء عما سيقوله.

وسرد المفكر الذي أغمض عينيه منذ 3 أيام لـ"عبود" حقيقة ما جرى في تلك المقابلة التي أكدت له أن "لا أمل بالإصلاح في سوريا"، وتابع وقد بدت ملامح الإحباط واضحة على وجهه: "اتصلوا فيني منذ عدة أيام وأخبروني أن الرئيس يود أن يلتقي بك ويستمع إليك وأنه حريص على اللقاء بشخص صريح ومفكر مثلك... قلت لهم يشرفني أن التقي مع سيادته وأشكره على هذا الاهتمام بالمفكرين والباحثين في البلد".

وتابع تيزيني –كما ينقل عبود- :"في يوم اللقاء، وصلت إلى مكان إقامته وأدخلوني إلى قاعة انتظار، كان هناك شخص طويل القامة وعريض المنكبين، متجهم الوجه هو من استقبلني ورافقني إلى قاعة الانتظار.. ثم بعد دقائق أدخلني إلى مكتب الرئيس".

واستدرك المفكر الحمصي: "استقبلني بشار الاسد بابتسامة ودودة مرحباً وكان مهذباً بحيث جلسنا سوية على كرسيين متقابلين، وسألني ماذا أحب أن أشرب قلت له: أشرب ما تشربه يا سيادة الرئيس. قال لي إني أشرب زهورات.. قلت له "سأشرب مثلك إذن".

وروى الطيب أن الرجل الطويل وعريض المنكبين، كان يقف خلفه فأومأ له الرئيس بأن يتم إحضار كأسين من الزهورات..لكن الرجل غادر لنصف دقيقة فقط وعاد ليقف بيني وبينه وظل واقفاً ومتجهماً، واستطرد المفكر الراحل -حسب عبود- أن حديث الرئيس كان حديث مجاملة طبيعياً واعتيادياً، لكن ما كان يشغل ذهن "تيزيني" ذلك الرجل، لماذا بقي واقفاً، ومتى سيغادر حتى يتكلم مع مضيفه بأريحية".

وسأل "عبود" محدثه: "لكن ماذا جرى، هل أخذ الرئيس رأيك بمسألة ما، هل سألك عن نصيحة، هل حدثك عن أفكاره ومشاريعه وغيره ؟" فأجاب "تيزيني" بحسرة: "انقضت نحو ساعة على هذا المنوال، الرئيس كان يتحدث عن نفسه، وأنا استمع وذلك الرجل بقي واقفاً".

وعبّر الراحل "تيزيني" عن اعتقاده بأن إصرار الرجل أن يبقى واقفاً ومستمعاً، وربما يكون ضابطاً، ودون أن يطلب منه الرئيس أو أن يتجرأ على أن يطلب منه المغادرة يشي باحتمالين: الأول أنه لا يملك زمام كل شيء، وأن هناك من يحكم، والشيء الثاني أن الرئيس لا يملك التجربة الكافية أو الذكاء الكافي للانتباه لمثل هذه الأمور..".

وأضاف "تيزيني" أن بشار لم يقل شيئاً وختم "لم أقل شيئاً، استمعت واستمعت...ثم انتهى اللقاء".

وبدوره أشار الصحفي الذي عمل مراسلاً لصحيفة "النهار" اللبنانية في تصريح خاص لـ"زمان الوصل" إلى أن الشخص أو الضابط الذي كان موجوداً خلال استضافة الأسد للدكتور الراحل طيب "تيزيني" -حسب ما روى- كان يقف خلف بشار الأسد بمعنى أن وجهه كان على مرمى نظر الدكتور "تيزيني"، وكان يقف متسمّراً طول مدة اللقاء، مما تسبب ـ حسب قوله- بعدم الارتياح للراحل الذي شعر حينها بالارتباك وفقدان خصوصية المجالس واللقاءات، حيث من المفترض أن تكون مثل اللقاءات صريحة وتسمي الأشياء بمسمياتها.

وكان الانطباع السائد أن الأسد كان يلتقي بعدد من الباحثين والمفكرين والاقتصاديين والفنانين، وكان يود الاستماع لهم ولآرائهم.

كان "الطيب تيزيني" -حسب محدثنا- يعتقد أن الفرصة قد تحققت له ليقول كل شيء ويدلي بكل ملاحظاته ونصائحه، لكن ذلك لم يتحقق.

وأردف أن "تيزيني" اتخذ -قراراً ضمنياً- حسب ما فهم منه- بأنه لن يتحدث لأنه لم يشعر بالارتياح لهذا الوضع غير الطبيعي، وتابع أنه "قرر أن يجامل ويستمع نحو ساعة من الزمن دون أن يقول شيئا جدياً"، واستدرك: "لقد أخبرني بصريح العبارة أن بشار الاسد "لا يبدو أنه هو من يحكم.. أو ربما لن يدعوه يحكم مثلما يريد".

وكشف"عبود" لــ"زمان الوصل" أن المفكر الراحل طلب منه عدم التطرق لما جرى في القصر الرئاسي أو يأتي على ذكر الأسئلة، أو يورد رأيه فيه لأنه -حسب المصدر- كان محبطاً ويائساً من إمكانية حصول تغيير جدي، كان يعتقد أن الدولة الأمنية هي من تحكم وتتحكم بكل شيء، وهي من تحكم وتتحكم ببشار الأسد ذاته، وكان الحوار-بحسب عبود- ضمن سلسلة حوارات أجراها مع عدد من الكتاب والمفكرين والسياسيين بهدف استطلاع آرائهم بعملية الإصلاح غداة ترويج النظام ومثقفيه لفكرة الإصلاح الاقتصادي أولاً بهدف الهروب من الاستحقاق السياسي أو استحقاق وأولوية ومركزية الإصلاح السياسي لبلد مثل سوريا.. والطيب كان ممن يؤمنون بأسبقية وأهمية الإصلاح السياسي.

في بداية اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا رفض "تيزيني" ظاهرة إطلاق النار على المتظاهرين، وطالب في مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في تموز يوليو/ 2011 بإخراج السجناء السياسيين من المعتقلات وتأسيس دولة القانون، ووضع خطة "الخروج من الأزمة" لكن الجهات المعنية لم تبدِ اهتماماً للخطة ولم تعمل بها، بل رمتها في سلة المهملات، وتعرّض المفكر الكبير بعدها لاعتداء على يد أحد الشبيحة أثناء اعتصام نفذه عشرات الناشطين أمام وزارة الداخلية.

ولفت محدثنا الذي يعيش في أمريكا منذ العام 2006 إلى أن ما حصل في ساحة "المرجة" لم يكن عفوياً أو غير مقصود لأن أجهزة الأمن في ذلك الوقت كان لديها غالباً تقارير مسبقة عن كل التحركات، ومن هم الأشخاص الذين سيقومون بها، وما هي مطالبهم وماذا سيقولون أو يرفعون من شعارات.

وتابع المصدر أن عناصر الأجهزة الأمنية كانوا يسبقون الآخرين في الوصول إلى منطقة الحدث، مضيفاً أن عناصر الأمن تعمدوا إيذاء الدكتور "تيزيني" من أجل إيصال رسالة له ولغيره من الأكاديميين والمثقفين، فحواها أنكم ستعاملون معاملة سيئة إذا تضامنتم مع الحراك الشعبي، لأن النظام يخاف كثيراً من تبني المثقفين للحراك الشعبي، فما بالك إذا قرر شخص مثل "تيزيني" أن ينزل إلى الشوارع ويعلن دعمه لمطالب الناس وأحلامهم، حسب "عبود".

زمان الوصل
(116)    هل أعجبتك المقالة (138)

أبو حمزة

2019-05-20

ماجاء بجديد ، فالذي يحكم في سوريا هم أتباع الماسونية ، والنصيريون هم أدواتهم في هذا الأمر مقابل إمتيازات يأخذونها. بنهب ثروات البلد ،.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي