أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"مطانيوس خوري" معارض ومعتقل سابق يفارق الحياة في منفاه

خوري

"غادرت على عجل ولم يتسنَّ لي توديع رفاق السجن في "صيدنايا".. أودعكم من هنا .. من برزخي وأقول: "سلاماً لسوريا .. سلاماً للسوريين" بهذه الكلمات المؤثرة نعى ناشطون المعارض والمعتقل السوري السابق "مطانيوس خوري" الذي فارق الحياة في منفاه بإمارة "لوكسمبورغ" بعيداً عن وطنه وقريته "كفرام" الخميس الماضي عن عمر ناهز 50 عاماَ، بعد صراع مرير مع المرض، وكان مثالاً للمناضل والإنسان النبيل في تعامله مع رفاقه وأصدقائه ومحيطه الاجتماعي، وفق مقربين.

وروى "ناصر ديوب" صديق المعارض الراحل ورفيق زنزانته لـ"زمان الوصل" أن خوري المولود في بلدة "كفرام" بريف حمص الغربي عام 1968 يتحدر من أسرة وطنيةٍ اهتمت بالشأن العام، وكانت -حسب قوله- "أسرة سورية بامتياز، تشعر بالانتماء للإنسانية أولاً ولسوريا ثانياً، أما بقية الإنتماءات الدينية والمذهبية فهي غائبة وليس لها أهمية".

بعد إكمال دراسته الإعدادية والثانوية في بلدته التحق "أبو أوسكار" بمعهد التعويضات السنية بدمشق، ولمس ككل الشرفاء أن نظام الأسد ديكتاتوري مستبد وقائم على الاستغلال الطبقي، ونهب ثروات البلاد بيد قلة قليلة فيما يعيش غالبية الشعب على الفُتات، إضافة إلى شعوره بالاضطهاد السياسي والطبقي المعاشي، وكل ذلك –كما يقول المصدر- دفعه للانخراط في العمل السياسي ضد هذا النظام فالتحق سراً بصفوف "حزب العمل الشيوعي" الذي كان سابقاً منظمة باسم "رابطة العمل الشيوعي" وقبل أن يكمل دراسته تم اعتقاله عام 1987 ضمن حملة القمع التي طالت كوادر الحزب المحظور آنذاك من منزل شقيقه الأكبر في حي "باب الدريب" بحمص، وتم اقتياده مصفداً إلى فرع الأمن العسكري في حي "المحطة" (الفرع235)، وتناوب على التحقيق معه وتعذيبه رئيس الفرع "علي اسماعيل" من مدينة "القرداحة" ورئيس قسم التحقيق المقدم "أحمد اليوسف" ورائد يدعى "أمير كنعان" ونقل بعدها إلى فرع "فلسطين" في دمشق الذي كان يرأسه "مظهر فارس" وتعرض لجولات جديدة من التعذيب وبقي هناك لأشهر.

وأردف محدثنا أن المعتقل الراحل نقل بعد ذلك إلى فرع التحقيق العسكري كمحطة عبور باعتباره فرعاً مركزياً، ومن هناك نقل إلى سجن "صيدنايا" الذي أمضى فيه جلّ فترة اعتقاله.

ولفت "ديوب" إلى أن صديقه الراحل "حوّل بعدها إلى محكمة أمن الدولة العليا التي كان يرأسها القاضي "فايز النوري" وتم اتهامه مع رفاقه بمعاداة مبادىء الثورة في الوحدة والحرية الاشتراكية رغم أنه شيوعي للمفارقة، وبتشكيل منظمة سرية غير مرخصة تهدف لقلب نظام الحكم وزعزعة الاستقرار والأمن والسلم الاجتماعي".

بعد انقضاء فترة اعتقاله التي امتدت لسبع سنوات أطلق سراح "مطانيوس خوري" وهو في حالة صحية سيئة للغاية، وتم تجريده كغيره من المعتقلين السياسيين من حقوقه المدينة والعسكرية، ومنعه من التوظيف أو العمل في أي مؤسسة حكومية فتوجه -كما يقول المصدر- إلى العمل في الزراعة -مهنة عائلته- وسافر بعدها إلى روسيا فراراً من الأوضاع السيئة في البلاد وبحثاً عن فرصة عمل لأكثر من عقدٍ ونصف قبل أن يعود ثانية إلى قريته، ومع بدء الثورة السورية هاجر من جديد إلى إمارة "لوكسمبورغ" وقدم لجوءاً فيها عام 2015 وأصيب بمرض السرطان منذ أشهر ليفارق الحياة بعيداً عن بلاده التي دفعت أبناءها للموت قهراً في كل أرجاء المعمورة!

وختم محدثنا أن خوري "كان محبوباً وشهماً وكريماً ودمث الخلق في التعاطي مع الآخرين، ومحباً للمساعدة وظل وفياً لأفكاره ومبادئه حتى وفاته، ولم يشعر في وقت من الأوقات بالندم على تجربة الاعتقال رغم مرارتها، بل على العكس شعر بأنها أغلى وأغنى تجربة أقدم عليها في حياته".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(120)    هل أعجبتك المقالة (130)

هيثم الجندي

2019-05-20

لروحه السلام والعزاء لأهله ولرفاقه.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي