يزاوج الفنانان السوريان "عمر بقبوق" و"وليد أبو راشد" من خلال عملهما المسرحي المشترك "خيال كورديللو" بين تقنيات المسرح المعهودة والفرجة المسرحية المعروفة باسم "خيال الظل" إلى جانب توظيفهما لتقنيات التواصل الاجتماعي وفيديو السيلفي.
ويتحدث العمل الذي تقدمه "فرقة مياس المسرحية" ويُعرض في مدينتي بيروت (الزيكو هاوس) وسراقب (صالة باريش) في آن معاً عن قضايا المعتقلين في سجون النظام، مع التركيز على قصة الفنان "زكي كورديللو" وريث فن خيال الظل الذي اعتقل مع ابنه من منزلهما في منطقة دمر -غرب مدينة دمشق قبل زهاء 7 سنوات وتم اقتيادهما إلى جهة غير معروفة ولا يزال مصيرهما مجهولاً إلى الآن.
ولد المخرج الشاب "عمر بقبوق" في دمشق عام 1987 ودرس الفلسفة في جامعة دمشق والدراسات المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية، وأسس "فرقة مياس المسرحية" عام 2013 التي قدمت 4 عروض في مناطق الحصار داخل دمشق هي "مياس" و"F.B Syrialism" و"مجتمع" و"ريتشارد الثالث" وبعد لجوئه إلى لبنان قدم أربعة عروض أخرى وهي "سرير طابقي" و"الزير سالم" و"رجل الثلج المبني للمجهول" وصولاً إلى عمله الجديد "خيال كورديللو".
بعد تقديمه لعرضه ما قبل الأخير "رجل الثلج المبني للمجهول" شعر بقبوق -كما يقول لـ"زمان الوصل" أن هناك مشكلة حقيقية بالنسبة له كمخرج وهي "لمن سيقدم المسرحية" و"من هو الجمهور المتلقي"، وتابع أنه وجد صعوبة في تقريب المسرحية من الجمهور اللبناني ومع ذلك أعجبتهم ولم تعجب السوريين، ففكر بتقديم مسرحية للجمهور السوري، وهذا الأمر دفعه لطرح العديد من من الأسئلة وحاول-حسب قوله -جمع الجمهور السوري من خلال المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وتقنياتها المختلفة، ومن هنا جاءت فكرة استخدام السلفي ضمن عرضه الجديد "خيال كورديللو".
ولفت الفنان المقيم في بيروت إلى أن اختياره لخيال الظل كلغة تعبير مسرحية هي لكونه أحد الأنماط الفنية الشعبية الذي أنهاه النظام من خلال اعتقال الفنان "زكي كورديللو" وبسبب قضية الفنانين المعتقلين وواقعهم في هذه الظروف بعد سنوات من الثورة، وكيف أُجبر البعض منهم على أن يعملوا أي شيء ليؤمنوا قوت يومهم وبات البعض منهم في أقبية النظام يعانون من التعذيب، فيما لا يزال آخرون مجهولي المصير لا أحد يعلم عنهم شيئاً ومنهم "زكي كورديللو" وابنه "مهيار" الذي كان زميله في معهد الفنون المسرحية بدمشق، كما يقول.
وأوضح محدثنا أنه أراد من مسرحية "خيال كورديللو" جمع الجمهور السوري بعرض واحد أينما كان، سواء في المناطق المحررة داخل سوريا أو في دول الجوار، مشيراً إلى أن "العرض الحالي هو بمثابة عرض افتتاحي ومن المقرر أن يكون العرض الثاني بعد ثلاثة أشهر أي في 11/ 8/ القادم وهو ذكرى اعتقال "زكي كورديللو" وابنه "مهيار".
ونوّه مخرج "خيال كورديللو" إلى أن العمل الذي يمتد لـ 45 دقيقة "يتناول موضوع العزلة والخوف اللذان يعيشهما السوريون سواء في الداخل أو الخارج، ويحاول أن يجمع الجمهور المسرحي السوري على منصة واحدة بعد أن شتتهم الحرب والتهجير القسري والحصار، من خلال الاستفادة من تقنيات البث المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد محدثنا أن "زكي كورديللو" سيُذكر في واحد من فيديوهات السلفي الموجودة في آخر العرض في نسختها الموجهة لغير العرب حيث سيترجم العرض بلغة البلاد التي سيقدم فيها، وأحد الفيديوهات يشرح قصة كورديللو لمن لا يعرفه.
وتابع أن "مهمة صنّاع المسرحية الاشتغال بنفس النمط الذي كان يعمل عليه الفنان المغيّب وبشكل يتناسب مع قضيته التي تحولت إلى قضية إنسانية بعد اعتقاله".
وأكد المخرج الشاب أنه لم يتقصد تقديم عرض توثيقي لفنان خيال الظل المعتقل إنما أراد أن يكون هذا العرض بمثابة تحية ووفاء له، وهذا أقل ما يفترضه الواجب الإنساني والأخلاقي إزاء الفنانين السوريين المغيّبين في سجون النظام.
تتميز مسرحية "خيال كورديللو" بقالبها الجديد متعدد الوسائط الذي يكسر الحدود ما بين لبنان وسوريا الخارجة عن سيطرة الأسد، في سراقب (صالة باريش) وفي بيروت (الزيكو هاوس) -كما يقول الفنان "وليد أبو راشد" -أحد الممثلين المشاركين فيها، مضيفاً أن العمل يجمع كافة فئات المجتمع على خشبة المسرح.
وروى "وليد" لـ"زمان الوصل" أن التدريب على المسرحية كان على غير المعتاد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي" فيسبوك" ودام التدريب عليها لمدة شهرين.
وتتألف المسرحية -حسب قوله- من شخصيتين هما "كركوز" و"عيواظ" وشخصيتين ثانويتين وسيكون العرض في نفس اليوم من خلال مجموعة على "فيسبوك" تجمع جمهور "سراقب" بجمهور لبنان، وكل مشارك في المسرحية سيستخدم جواله في التفاعل والأداء كلاً على حدة، ليبوحوا بمشاكل وأوجاع بعضهم البعض، وفي نهاية العرض سيكون هناك مشهد سيلفي يضم 4 شخصيات تتحدث كل واحدة منها عن قصة عاشتها في الثورة، وسيختار الجمهور الشخصية التي يرغب بسماع قصتها في بث للسيلفي في "فرنسا" و"تركيا" و"بيروت" و"سراقب".
ونوّه أبو راشد إلى أن العمل يتحدث عن المعتقلين السوريين في سجون النظام وعن قصة" زكي كورديللو" بشكل خاص الذي يعد آخر المظللين المحافظين على هذا النوع من المسرح قبل اعتقاله، مضيفاً أن الفكرة من العمل المسرحي كانت جمع كل السوريين المهتمين بالمسرح وبقضية المعتقلين في جميع أنحاء العالم على خشبة واحدة رغم كل الحواجز والمسافات عبر الإنترنت وكاميرا السيلفي.
وكشف مؤسس ومدير فريق "الحارة" المسرحي أن ديكور المسرحية في "سراقب" سيكون عبارة عن مسرح لخيال الظل شبيهاً بالمعتقل في قبو تحت الأرض للحفاظ على سلامة الجمهور في محاكاة لأوضاع النازحين واللاجئين السوريين الذي يعيشون الآن في أماكن أشبه بخزانات مغلقة، إن كان في سوريا أو في لبنان، ويتقاسمون معاناة اللجوء والنزوح نفسها.
ويشارك في العرض: وليد أبو راشد، نادر عبد الحي، باسكال جلوف، عمار المأمون وآخرون، وهو من تأليف وإخراج عمر بقبوق، وسينوغرافيا: نور عويتي.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية