أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وفاة المفكر السوري "طيب تيزيني"

تيزيني - أرشيف

ودعت حمص أمس الجمعة المفكر السوري المعروف "د. طيب تيزيني" عن عمر ناهز الـ 85 عاماً بعد صراع مع المرض.


ونعت صفحة على "فيسبوك" باسم الفيلسوف السوري وكتبت "بكل الأسى والحزن والجلال، ‏ننعي إليكم مفكرنا الكبير د. طيب تيزيني الذي وافاه الأجل ‏مساء يوم الجمعة الواقع في ١٧/٥/٢٠١٩ في مدينة حمص ‏‏(سوريا) وذلك عن خمس وثمانين سنة‎". ‎


وأضافت: "وبهذا... ينغلق باب من أبواب حمص، وتهوي شرفة من شرفات سوريا، ويمضي عنا من لا يمكن للموت ‏‏تغييبه. وبهذا... يحمل الرجل الطيب، ابن مدينة الشمس، يومه الأخير في قلبه المضيء، ويلوح لنا تلويحة الوداع‎". ‎


ويقف "تيزيني" الذي عمل لسنوات أستاذاً لمادة الفلسفة والدراسات الاجتماعية في جامعة دمشق في الصف الأول من جيل المفكرين العرب المعاصرين، وتم اختياره من قبل مؤسسة "كونكورويا" الفرنسية الألمانية للفلسفة كواحد من مائة فيلسوف في العالم للقرن العشرين عام 1998.


ولد "مؤذّن حمص وفيلسوف العرب" عام 1934 وغادر إلى تركيا بعد أن أنهى دراسته الأولية ومنها إلى بريطانيا ثم إلى ألمانيا لينهي دراسته للفلسـفة فيها ويحصل أولاً على الدكتوراه في الفلسفة عام 1967 ثم الدكتوراه في العلوم الفلسفية عام 1973.


وأصدر أول كتاب له باللغة الألمانية عام 1972 بعنوان "تمهيد في الفلسفة العربية الوسيطة" نشر مئات البحوث والدراسات حول قضايا الفكر العربي والعالمي.


شارك في العديد من المؤتمرات العربية والإقليمية والدولية والعالمية كما أشرف على الكثير من طلاب الدراسات العليا السوريين والعرب والأجانب، وعمل ناشطاً في مجال حقوق الإنســان وسـاهم منذ عام 2004 بتأسـيس المنظمة السـورية لحقوق الإنسـان "سواسية" كما شــغل منصب عضو مجلس إدارتها.


ومن مؤلفات المفكر الراحل "مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط – دمشق 1971"، "حول مشكلات الثورة والثقافة في العالم الثالث، الوطن العربي نموذجاً – دمشق "1971"، "روجيه غارودي بعد الصمت – بيروت 1975"، "من التراث إلى الثورة – حول نظرية مقترحة في قضية التراث العربي- بيروت ودمشق 1976"، "الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى– دمشق 1982-" "من يهوه إلى الله (في مجلدين)- دمشق 1986" "مقدمات أولية في الإسلام المحمدي الباكر نشأةً وتأسيساً- دمشق 1996"، "النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة– دمشق 1997"، "من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي- دمشق 1997" وغيرها الكثير من المؤلفات والمحاضرات في أعرق الجامعات العالمية.


وفي حوار أجراه كاتب هذه السطور مع المفكر الراحل قبل سنوات روى أن هناك جذوراً تشده إلى السياسة فكراً وممارسة لأنه ساهم –كما قال - في بعض الأحزاب اليسارية التي نشأت في سوريا لفترة زمنية وكان يعود بعدها إلى العمل الفكري خصوصاً بصيغة الفكر السياسي لذلك فالتجارب التي عاشها- في أحزاب سياسية معينة -حسب قوله- كانت تقدم له تجربة عميقة، سعى ويسعى إلى التنظير لها في إطار الفكر العربي السياسي.


وأردف المفكر الراحل في الحوار المذكور أن هذا الاتجاه تعمق لديه حين لاحظ ضرورة العودة إلى الفكر السياسي العربي في التاريخ العربي على نحو العموم، فكتب مثلاً بعض كتاباته التي امتزجت باهتمام عميق بالسياسة وبالفكر السياسي.


ولفت المفكر الذي عاش شطراً من حياته في ألمانيا إلى أنه ليس نادماً على ما قدمه من نشاط سياسي وطروحات سابقة، كان قد أخذ بها في مرحلة منصرمة، لكن بالمقابل يحرص منذ ذلك الحين على بناء طروحاته في سياق فكري منهجي، يرى أنه أكثر تقدماً.


وأشار "تيزيني" في الحوار المومى إليه إلى أن تاريخه الفكري بأخطائه وتصويباته، يبقى تاريخه الخاص الذي عليه أن يقرأه بصورة متجددة، وعلى أساس أن هذا التاريخ هو في أحد معانيه تاريخ أخطائه، فالخطأ هنا مفهوم ينطوي على بُعد قد يكون عميقاً من المعرفة الدقيقة.


وكشف ابن حمص عن بعض هواياته التي يمارسها امتداداً لعمله الفكري -حسب قوله- فالمهنة والهواية كلاها مكمل للآخر، وبالتالي فحياته ذات مستوى واحد، بوجوه متعددة ، وأضاف بأنه يلعب الرياضة، ويسمع موسيقى بصورة مطردة ، ويقرأ الأدب من رواية وشعر ... الخ.


وأردف أن السفر هنا قد يكون أحد هذه التجليات الهامة فحين يسافر يبقى في حالة من اللهاث وراء آراء وأفكار جديدة، يسمعها هنا وهناك لينسقها ويؤرشفها علَّها تقدم مادة فكرية لبحث ما لاحق، وبهذا المعنى فحياته تمتلك بعداً واحداً بأوجه قد لا تُحصى.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(101)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي