لا أعتقد أنّ مسلسلاً قد نال حظّه من التكهّنات والتخمينات والشائعات كمسلسل «باب الحارة». فلا يكاد يخلو أسبوع من إطلاق شائعة أو تفنيد أخرى، ولا من إعلان انسحاب أو عودة عنه. ربّما يظنّ بعضنا أنّ صنّاع العمل ومنتجيه يفتعلون كلّ هذا الضجيج كي يبقوا المسلسل على الألسن حتّى في حالة عدم العرض.
يمارسون التشويق (والتسويق؟) عبر إثارة الشائعات وطرح بعض السيناريوهات المفترضة، من قبيل أنّ البطولة المطلقة ستكون من نصيب هذه الشخصيّة أو تلك، أو أنّ الكاتب أو المخرج قد بخس بعض الشخصيّات حقّها في البطولة، وقلّص من المشاهد التي كان ينبغي أن تؤدّيها.
كنّا قد قرأنا عن رفع دعاوى بين كتّاب العمل، حول أبوّتهم للعمل، وعن الخلاف «بين مروان قاووق وآخرين» كما قرأنا عمّا نُشر عن اشتراط المنتجين على الكتّاب عدم كتابة نصوص عن البيئة الشاميّة لحين انتهاء «باب الحارة». كما ظهرت تصريحات عن العمل الإخراجيّ المشترك في الجزء الثاني.
كذلك جرت مؤخّراً مساجلات واحتجاجات وحروب كلاميّة أعقبتها مهادنات، كلّها قبل البدء بتصوير الجزء الرابع، منها انسحاب الممثّل نزار أبو حجر «أبو غالب» احتجاجاً على حرق الشخصيّة، وانسحاب وائل شرف «معتزّ» واعتزام سامر المصريّ «العكيد» الانسحاب في حال عدم تلبية شروطه، وكذلك اشتراطات غيره من الممثّلين، كما قرأنا عن اعتذار البعض عن تأدية الأدوار في المسلسل، وعن تلفيقات على لسان البعض الآخر، ثم عن بوادر حسن نيّة قامت بها جهات غير معلن عنها حرصاً على نجاح استمراريّة وديمومة العمل.
يبدو أنّ هناك سِجالاً واستغلالاً من قبل بعض المشتغلين في المسلسل لنجاحه «المنقطع النظير» الذي تحقّق في المواسم الثلاثة الماضية، وبالتالي التمادي في طلباتهم ورغباتهم «أجراً وبطولةً»، هذا عدا عن تدخّل قناة «أم بي سي» التي تبدو كمن يملي طلباته أيضاً، ومن ذلك الإعلان الذي تبثّه القناة حول إمكانيّة تلبية رغبات الراغبين في الظهور في مسلسل «باب الحارة» من مختلف الدول، ذلك عبر إرسال رسالة من الجوّال..
إنّ حربَ التصريحات والانسحابات تثقل كاهل العمل، تضاعف العبء عليه، لا سيّما أنّه يحظى باهتمام شعبيّ كبير وانتقاد أكبر من معظم المثقّفين، وهو انتقاد يطال تحديداً الصورة المتخلّفة التي يظهرها والقيم البالية التي يروّج لها في حنين ماضويّ مَرَضيٍّ، هذا عدا عن حمّى الثأر التي تنطلق من وجوب الاقتصاص رداً على كلّ شاردة وواردة، والتغلغل في عالم نسوانيّ مشين للمرأة الشاميّة.
وبعد كل هذا، لا يعود يشفع للعمل إقحام قصص بطوليّة وطنيّة ضدّ الفرنسيّين، كي يدخله في مصافّ التاريخ لأنّه يبدو مهموماً بهموم حارة تنشغل بصراعات بنيها مع بعضهم البعض ومع غيرهم من الحارات.
قيل إنّ العمل انتكس بغياب شخصيّاته الرئيسة، أو أنّ غياب الشخصيّة الفلانيّة قد أطلق رصاصة الرحمة على العمل، لكنّ العمل كان ولا يزال يحظى بالاهتمام نفسه، فهل يجب النظر بالتخفيف من الضجة الدائمة حوله؟
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية