قرر المعارض السياسي والمعتقل السابق "عمار الشيخ حيدر" الإضراب عن الطعام والكلام والاعتصام أمام باب القنصلية الكندية في اسطنبول (الاثنين) احتجاجاً على تجميد ملف توطينه ولم شمله بعائلته التي لم يرها منذ سنوات.
وكتب "حيدر" على صفحته الشخصية في "فيسبوك" قائلا: "لم أعد أكثر من وزن زائد على وجه هذه الأرض ولا فائدة من وجودي إلا لقاء ابنتي"، قررت ما يلي التزام الصمت والامتناع عن الكلام والإضراب المفتوح عن الطعام.
وكان "عمار الشيخ حيدر"، وهو شقيق وزير ما يُسمى بـ"المصالحة الوطنية" في حكومة النظام "علي حيدر"، قد اعتقل في الشهر الخامس من عام 2010 وبعد اعتقاله بثلاثة أشهر لجأت عائلته إلى الأردن، وفي عام 2011، تم الإفراج عنه من المعتقل.
ويروي "حيدر" الذي يتحدر من مدينة "مصياف" لـ"زمان الوصل" أنه لم يرغب بعودة عائلته آنذاك إلى المدينة كي لا تتعرض لمضايقات وخصوصاً أنه كان قد أعلن انحيازه للثورة بعد اندلاعها وبقي -كما يقول- الى عام 2014، حيث اختطفه حزب الله في منطقة "دمر البلد" بدمشق وتعرض –كما يروي- للتعذيب في مركز يقع في منطقة جبلية مرتفعة تابع للحزب، وبعد شهر تم الإفراج عنه فشعر باستحالة العيش داخل سوريا، فآثر الانتقال إلى لبنان التي لم يكن الوضع أفضل فيها في ظل سيطرة حزب الله على مفاصل الحياة هناك، مما جعله -كما يقول- يسافر إلى تركيا. ومضى "حيدر" سارداً فصول معاناته حيث لم يتمكن طوال تلك الفترة من استقدام عائلته بسبب عدم استقراره أولاً وعدم توفر الإمكانيات المادية ثانياً، كما لم يتمكن من السفر إلى الأردن لاشتراطها بعد العام 2011 السفر بالرحلات الجوية وليست البرية.
في العام 2015 حاول محدثنا الهجرة إلى أوروبا بطريقة غير شرعية أكثر من مرة كغيره من آلاف السوريين عله يتمكن من لمّ شمل عائلته، لكن محاولاته باءت بالفشل، ونظراً لعدم تمكنه من توفير نفقات السفر بحراً، آثر السفر براً وقام -كما يقول- بأربع محاولات كان البوليس اليوناني يعيده فيها إلى تركيا رغم وصوله إلى الحدود اليونانية، والمحاولة الرابعة أُفشلت من قبل الجندرمة التركية قبل أن يجتاز الحدود، وعندها -كما يروي- يأس من النجاح ولم يبق أمامه سوى السفر بحراً فلجأ إلى تجار التهريب وفضّل أن يصعد إلى البحر كسائق للبلم كي يوفر تكاليف الرحلة وذهب إلى "أزمير" على هذا الأساس رغم تبعات الأمر القانونية وخطورته، غير أن هذه المحاولة لم يُكتب لها النجاح ثانية.
ويضيف محدثنا أنه قدم ملفه وملفي زوجته وابنته إلى وزارة الهجرة الكندية في نهاية عام 2017 بمساعدة سيدة سورية تُدعى"صبا خضور"، فتم رفض الملف في المرة الأولى لأن ابنته "مروة" كانت فوق الـ 18 سنة فتم تقديم ملفها بمفرده وملفه وملف زوجته معاً.
وكشف محدثنا أن السفارة الكندية في العاصمة الأردنية حددت موعد مقابلة لابنته في الشهر الثالث من العام الماضي 2018 وأجرت مقابلة وكانت النتيجة إيجابية وبعد تحديد موعد الفحص الطبي في الشهر الرابع من العام ذاته تم تجميد ملفها إلى الآن، ولفت المعتقل السابق إلى أن السفارة الكندية في اسطنبول حددت له موعداً في 1/8/ 2018 وأجرى مقابلة وكانت الأمور تسير على ما يرام حتى أنه -كما يقول- أجرى فحصاً طبياً وحصل على شهادة صحية، وفي الشهر التاسع أجرى مقابلة جديدة وأُعطي ورقة تثبت انه لا مانع من ركوب الطائرة، غير أن ملفه جُمد هو الآخر إلى الآن، أما زوجته -كما يؤكد- فلم يتم تحديد موعد مقابلة لها أو ما يشعر بالموافقة على طلب اللجوء.
وأردف محدثنا الذي كان يعمل في المقاولات في "مصياف" قبل سنوات الحرب أنه خسر كل شيء ويعيش حالياً من مساعدات بعض الأصدقاء حتى أنه -كما يقول- لم يعد يملك سوى جواله والثياب التي يرتديها ومصنف لجوئه الذي بات بمثابة وطنه-الجديد، ولذلك قرر -كما يقول- أن لا يقف مكتوف الأيدي ويستسلم لواقعه، وكانت أمامه عدة خيارات اختار الأقل سوءاً والأكثر عقلانية بينها وهو الإضراب عن الطعام والاعتصام أمام السفارة الكندية في تركيا إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وبدورها روت "مروة حيدر" أن معاناة عائلتها بدأت بعد اعتقال والدها بسبب نشاطه السياسي منتصف العام 2010 وكانت تقدم آنذاك امتحان الصف الثاني الثانوية وبعد انتهاء الامتحانات اضطرت للجوء إلى الأردن التي تعيش فيها مع والدتها إلى الآن وقدمت البكالوريا والتحقت بالجامعة الأهلية- قسم غرافيك وبعد السنة الثالثة لم تتمكن من إكمال دراستها بسبب الأقساط المادية الباهظة فاضطرت لسحب أوراقها من الجامعة لتعمل كموظفة استقبال في ناد رياضي بمدينة "اربد" الأردنية.
وكشفت محدثتنا أنها قدمت مع عائلتها على طلب لجوء إلى كندا عام 2017 فتم رفض الطلب لأنها كانت قد تجاوزت عمر الـ 18 وفي أواخر العام ذاته قدمت العائلة بملفين منفصلين وأجرت مقابلات في السفارة الكندية بعمان وإلى الآن لم يتواصلوا معها أو يخبروها بنتائج هذه المقابلات.
وعبّرت "مروة" عن خوفها على وضع والدها الذي لم تره منذ 10 سنوات وقراره بالإضراب عن الطعام، متمنية أن يصل صوته بأسرع وقت للمعنيين ويجتمع شمل العائلة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية