روى معتقلان أردنيان سابقان أهوال ما تعرضا له في سجون نظام الأسد، مؤكدين أن الحياة أشبه بالجحيم وأنه "يستحيل على الآدمي الاستمرار معها".
ورغم أن "علاوي البشابشة" قضى في سجون الأسد 31 يوما فقط، إلا أنه وصف هذه السجون لصحيفة "الشرق الأوسط"بـ"الكابوس خشي أنه لن ينتهي"، مؤكدا بأن "الحياة التي يستحيل على الآدمي الاستمرار معها".
وتشارك "البشابشة" المعتقل الأردني "بشار صبري الربيع" تصريحات أدليا بها لصحيفة "الشرق الأوسط" التجربة المريرة التي عاشاها في المعتقل بعد دخولهما سوريا.
وتشبه حالة اعتقال "البشابشة" إلى حد كبير "الاختفاء القسري" حيث لم توجه له أي تهمة، كما مُنع من الاتصال بأي من أفراد أسرته، ومع كل هذا أفاد بأن: "هذا الكابوس رغم حقيقة أن الأردنيين تلقوا معاملة أفضل من الجنسيات الأخرى التي جاورها في المهاجع والزنازين ذاتها".
وقال "البشابشة" إنه أراد فقط زيارة دمشق لكن المطاف انتهى به لدى فرع الأمن السياسي في مدينة درعا، مع أنه "كان قد سأل قبل دخوله الحدود، عن انتهاء مدة حكم منعه من الدخول إلى سوريا على خلفية قضايا مالية شملها العفو العام، ومرت عليها خمسة أعوام، ما يعني أن القرار صار لاغياً بالتقادم".
ويروي "البشابشة" لــ"الشرق الأوسط" أن رحلة اعتقاله بدأت من درعا في استجوابات وتحقيقات، مروراً بفرع "الفيحاء" للأمن السياسي في دمشق، وصولاً إلى المخابرات الجوية التي لا تتعامل مع المعتقلين بأسمائهم، بل عبر أرقام، حيث على السجين أن يحفظ رقمه، ويحجز له متراً وبضع سنتمترات في زنزانة مساحتها ضيقة جداً تستضيف عدداً من المحتجزين.
وأضاف أن "معاملة السوريين له في السجن لم تكن خشنة، لمعرفة المحققين بقضيته، فهي بعيدة كل البعد عن تهم الإرهاب، أو الإساءة لشخص "الرئيس"، فهاتان القضيتان "تحملان العذاب لمن تجرأ على الاقتراب منهما".
ووصف "البشابشة" تفاصيل الحياة اليومية للسجناء في الزنازين السورية قائلا: "تفوق الخيال الإنساني، حيث يقدم لهم طعام لا يستقر في جوف إنسان، كما يجبر كل منهم على استخدام الحمام لمدة دقيقة واحدة في الصباح وأخرى في الليل، مع إجبارهم على خلع ملابسهم الداخلية، والذهاب إلى الحمام عراة، دون توفير مستلزمات النظافة الشخصية".
وأوضح أنه بقي ينتظر مصيره المحتوم يرسم في مخيلته سيناريوهات مظلمة، حتى أجرى معه المحققون آخر إفادة حول خلفيات القضية المالية السابقة التي شملها العفو الرئاسي العام، ثم طلب منه أن "يبصم" على أقواله، لينتقل بعدها إلى سجن "الجماعية"، حيث عرف من خلال زملائه في السجن، أن هذا النقل قد يحمل له بداية إفراج محتمل.
ويضيف: "بعد أن استقر في سجن الجماعية، ناداني أحد العناصر الأمنية، وقادني إلى مكان آخر في السجن، حيث ترك لي حرية استخدام الحمام والاستحمام، وتناول الطعام، وارتداء ملابس نظيفة. شعرت حينها أن ثمة شيئاً ما سيحدث، لكن سرعان ما اختفى الشعور بعد أن أعادوني إلى زنزانتي القديمة".
ولفت إلى أنه بُلغ لاحقاً بقرار الإفراج، والخروج تحت طائلة التصريح بمكان إقامته في العاصمة دمشق، إلى حين ترتيب ظروف عودته إلى مدينته.
وأوضحت "الشرق الأوسط" بأن "علاوي البشابشة" كان أحد الذين تم الإفراج عنهم بين 45 أردنياً اعتقلوا فترة فتح الحدود، ومشيرة إلى أن السلطات الأردنية أعلنت مؤخراً عن الإفراج عن 8 جدد.
وبينت الصحيفة بأن المعلومات المتواترة من أطراف برلمانية ورسمية ومن أهالي المعتقلين، تفيد بأن غموضاً لا يزال يحيط بملف المعتقلين، حيث تم الإفراج عن أربعة من الثمانية، ولم يعرف مصير الأربعة الآخرين حتى الآن.
وبحسب النائب الأردني "طارق خوري" بأن الأربعة الآخرين المفرج عنهم، قرروا البقاء في سوريا، فيما تفيد معلومات تسربت من وزارة الخارجية بأن هناك أردنيين مفرج عنهم عالقون بسبب احتجاز جوازات سفرهم.
وقالت الصحيفة إن من الأربعة الذين تأكد وصولهم إلى الأراضي الأردنية، الشاب العشريني "بشار صبري الربيع"، الذي أفرج عنه في التاسع من نيسان أبريل الحالي، وعاد إلى قريته في الرمثا، بعد اعتقال استمر لنحو شهر.
ويقول "الربيع" إنه "خلال تلك التجربة، لم يكن يتصور أنه سيعود إلى بلاده مرة أخرى. ورغم زيارته لسوريا عدة مرات منذ افتتاح الحدود، غير أنه في المرة الأخيرة، اعتقل بسبب استخدامه لكاميرا هاتفه في تصوير مناظر سياحية، واتهمه الأمن السوري بتصوير حاجز أمني".
وأضاف إنه "لم يتعرض للتعذيب خلال التحقيقات معه، سواء في فرع الأمن العسكري في السويداء، الذي أقام فيه نحو 8 أيام، أو فرع فلسطين في دمشق، وقد أقام فيه 23 يوماً، مع نحو 50 محتجزاً آخرين، فيما أشار إلى أن الكثير من السجناء السوريين ومن جنسيات أخرى تعرضوا إلى صنوف مختلفة من إساءة المعاملة".
وتابع: "أبلغونا مراراً أنهم لا يريدون مشاهدة أي سجين يصلي، سواء جماعة أو فرادى"، لافتا إلى أنه سمع عن وجود عدد السجناء الأردنيين في مركز فرع فلسطين الأمني في دمشق، إلا أنه لا يعرف ما آلت إليه مصائرهم، فيما علم، لاحقاً، أنه تم الإفراج عن 5 أردنيين كان هو سادسهم، من هذا الفرع.
وكانت صحيفة "زمان الوصل" نشرت قائمة بنحو 9 آلاف أردني مطلوبين لنظام الأسد، مؤكدة أن الأسد يتربص بهم فور قدومهم لتوقيفهم.
وضمت القائمة شخصيات عامة أردنية عديدة، مثل رئيس مجلس النواب الأسبق "عبداللطيف عربيات"، ورئيس حزب جبهة العمل الإسلامي "مراد العضايلة"، ورئيس بلدية الزرقاء "علي أبو السكر"، ومدير قناة الجزيرة السابق "ياسر أبو هلالة"، والكاتب "ياسر الزعاترة"، ومدير فضائية اليرموك "خضر المشايخ"، والنائبين "سعود أبو محفوظ"، و"سعد الدين الزميلي"، ونقيب المحامين السابق "صالح العرموطي"، وأمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي الأسبق "حمزة منصور"، والمراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين "همام سعيد"، والقيادي في الجماعة "أحمد الكفاوين"، والقيادي "ارحيل غرايبة".
كما ضمت القائمة أطفالا ونساء، وأبناء عشائر أردنية غالبيتها من محافظات شمال المملكة، وأبرزهم من عشائر منهم مواليد (1910)، كما يوجد أطفال من مواليد 2003 عندما تم تسطير المذكرة بحقه كان عمره 7 سنوات.
وسبق أن أجرت "زمان الوصل" لقاء مع الصحفي الأردني المتخصص في الشأن السوري، أكد خلاله أن "قائمة الأردنيين المطلوبين لنظام الأسد أكبر من القائمة التي نشرتها الصحيفة بكثير، فطبيعة هذا النظام لا تستوعب أي خلاف، وتاريخه لا يشي بغير ذلك".
وشدد على أنه "يمكنك وبكل ثقة وضع صفر أو صفرين على يمين الرقم تسعة آلاف، وذلك لن يكون غريبا مع عصابة قتلت نصف مليون سوري وشردت نصف الشعب".
وقال: "لا أرى تفسيرا لسلوك الأسد باعتقال الأردنيين سوى رغبته بالعودة إلى المعادلات القديمة لما قبل الثورة مع الأردن، وهو سلوك يبدو أنه حريص على تأكيده حتى داخليا، وهو بذلك يتكئ إلى عصا الميليشيات الطائفية التي تتسلل إلى الحدود مع الأردن بشكل خطير جدا، كما يتكئ على أن ظهر الأردن المكشوف دوليا سواء من جهة الولايات المتحدة أو من روسيا التي ثبت أنها لا تقيم وزنا كبيرا لعلاقاتها مع عمان رغم الصداقات الشخصية بين المسؤولين".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية