أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السبب "عروس داعش" حقا؟.. بريطانيا تحرم عشرات آلاف السوريين من ملايين الدولارات

تواجه المنظمات الإغاثية العاملة في إدلب حاليا مأزقا حقيقيا جراء القرار البريطاني - جيتي

عبرت منظمات إغاثة تعمل في سوريا عن "صدمتها البالغة" إزاء خطوة المملكة المتحدة قطع أي شكل من أشكال المساعدات المالية المباشرة عن مناطق شمال شرق سوريا (إدلب وجوارها)، بذريعة الخشية من وصول هذه الأموال إلى تنظيم "الدولة".


وبينما أقر متحدث باسم وزارة التنمية البريطانية بخطوة قطع المساعدات النقدية التي تقدر بملايين الدولارات سنويا، فقد قامت عشرات المنظمات الإغاثية بإصدار بيان ينتقد القرار البريطاني ويفند مسوغاته، وفق تقرير لصحيفة "ناشونال" تولت "زمان الوصل" ترجمته.
المتح

دث باسم وزارة التنمية رأى أن ما قامت به لندن يندرج ضمن بند الإجراءات الاحترازية، مؤكدا في الوقت ذلك استمرار بريطانيا بتأمين "الغذاء والمأوى والرعاية الصحية لأولئك الناس في سوريا الذين هم بأمس الحاجة إليها".


لكن 58 منظمة غير الحكومية (ذات صبغة دولية) تعمل في سوريا، شجبت قرار بريطانيا واصفة إياه بأنه "ذو دوافع سياسية"، منوهة بأن قطع المعونات النقدية سيؤثر سلبا على الفئات السكانية الهشة، وهو قرار "مخيب للآمال ولا يمكن شرحه أو تبريره" أمام الجهات المحلية، وفق رسالة وقعت عليها هذه المنظمات ووجهتها إلى وزارة التنمية البريطانية.


وزارة التنمية الدولية البريطانية رصدت نحو 152 مليون جنيه إسترليني (205 ملايين دولار تقريبا) لدعم سوريا في ميزانيتها 2019/2020 ، من ضمنها 40 مليون جنيه إسترليني (نحو 52 مليون دولار) مخصصة لمنطقة شمال شرق سوريا.


تاريخيا، كانت منظمات الإغاثة تقوم بتوزيع الكثير من المساعدات في صورة عينية (الطعام، الملابس..)، لكن خلال العقد المنصرم بدأ توجه وكالات المعونة نحو دفع الأموال النقدية إلى مستحقيها مباشرة، باعتبار هذه الطريقة ذات كفاءة عالية ولا تتطلب تكاليف تنفيذ عالية مقارنة بالطرق التقليدية، فضلا عن قدرة المساعدات النقدية على صون كرامة واستقلالية المستفيدين.


وفي بيان رسمي أصدرته العام الماضي أقرت وزارة التنمية البريطانية بفوائد المساعدات النقدية وقدرتها على تبسيط وتقصير الطريق بين المانح والمستفيد، ووصولها إلى المستحق مباشرة، ومع ذلك فقد عمدت لندن إلى تجاهل كل ذلك وأصدرت قرار قطع المساعدات عن شمال شرق سوريا، بحجة أن هذه الأموال قد تصل إلى عناصر من تنظيم "الدولة" يشاع أنهم تدفقوا بكثرة على المنطقة بعد هزيمة التنظيم.


وتقول تقديرات أنه منذ بداية العام الجاري، فر نحو 60 ألف شخص من آخر معاقل التنظيم في سوريا، تم نقل غالبيتهم إلى مخيم الهول بالحسكة، وقد جاهر بعضهم باستمراره في تأييد نهج التنظيم، وهذا ما شكل مادة دسمة للصحافة الغربية –والبريطانية ضمنا- حركت الرأي العام، مستفيدة بالذات من قصة البريطانية "شيماء بيجوم" التي أطلق عليها لقب "عروس داعش".


وفي هذا الجو المشحون، اتخذت لندن قرار قطع المساعدات النقدية، وهو ما يعني، حسب "فيه كاجاهستيان" الخبيرة في المجلس النرويجي للاجئين "تجريد عشرات الآلاف من السوريين الذين فروا من عنف التنظيم، من مساعدات تعد الأكثر مناسبة لحفظ كراماتهم (تقديمات نقدية)"، بجريرة امرأة واحدة شغلت قصتها الإعلام.


ويبلغ مقدار المساعدة الشهرية المقدمة للفئات الضعيفة، نحو 120 دولار للأسرة الواحدة، وهو مبلغ لن يشكل كنزا لتنظيم "الدولة" إذا افترضنا أن بعض الأسر ستحول جزءا منه أو حتى ستحوله كله، حسب ما يجادل عاملون في القطاع الإغاثي، ينتقدون قرار لندن.


ويبدو أن حجة لندن لقطع المساعدات النقدية تبدو ضعيفة، قياسا لتقديرات تشير إلى أن لدى التنظيم حتى بعد هزيمته مدخرات تقارب 400 مليون دولار، فضلا عن إمكانية حصوله على تمويل مستمر مستفيدا من حركة عناصره بين العراق وسوريا، وما لديهم من "استثمارات خاصة".


وتواجه المنظمات الإغاثية العاملة في إدلب حاليا مأزقا حقيقيا جراء القرار البريطاني، يتمثل في صعوبة التحول من جديد نحو أسلوب المساعدات العينية، بكل ما يحمله هذا التحول من عوائق في وجه المنظمات نفسها وفي وجه الأسر المستفيدة التي اعتادت قبض مساعداتها في صورة نقد تتدبر به أمورها كيف تشاء.


وليس ذلك فحسب، بل إن قطع المساعدات النقدية من شأنه أن يؤثر على مجمل النشاط الاقتصادي في شمال شرق سوريا، وذلك حسب رأي الخبيرة "كاجاهستيان" التي تقول: "أصحاب المحلات الصغيرة والتجار والخبازون وموردو المياه والوقود ومقدمو خدمات النقل، معرضون الآن لخطر فقدان أعمالهم لأن السوريين النازحين سيفقدون قدرتهم الشرائية".


وفيما اتخذت بريطانيا قرارها بقطع المعونات المالية عن شمال شرق سوريا، فإن التخوف أن يكون هذا القرار مقدمة لقطع هذه المعونات عن مناطق أخرى، وبنفس الذريعة (تمويل التنظيم)، ما سيفاقم معاناة السوريين في مناطق ما زالت تنتظر ضخ الكثير من الأموال حتى تستعيد عافيتها.

زمان الوصل - ترجمة
(107)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي