أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عندما "داسوا بالمعجن".. تماثيل الأوهام وحدائقها في دير الزور

تمثال باسل الأسد في ساحة الشبيبة بدير الزور

عندما يقف مسؤولو النظام على الحد الفاصل بين أبنية دير الزور المهدمة بفعل صواريخ وقنابل "جيش الوطن" وبين الأحياء العامرة غرب المدينة ليحتفلوا بعيد الجلاء عبر بناء مجسم للجسر المعلق في دوار "المدلجي" بعد يوم واحد من نصب تمثال "باسل الأسد" بساحة "الشبيبة"، فإن الاستهزاء بالشعب السوري وخاصة في وادي الفرات قد وصل إلى حدود لا تطاق، أو كما يقال محلياً "داس بالمعجن".


ولا يقول أهل الجزيرة والفرات كلمة "داس بالمعجن"، إلا حين يفوق الظلم والاستفزاز دون وجه حق حدودا لا يمكن السكوت عنها ومن الواجب الرد عليها بما يعيد للناس كرامتهم، وهنا يمعن النظام في الاستهزاء بالشعب الذي استعان لقمع ثورته منذ ثمانية اعوام بقوات أجنبية وميليشيات طائفية.


وأثارت احتفالات مسؤولي نظام الأسد في ساحة "المدلجي" سخرية النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها ولدت حرقة في قلوب سكان المدينة الذين يعاينون دمار مدينتهم كل يوم، فإذا سلك الإنسان شارعا من هذه الساحة إلى قلب السوق نحو دوار التموين يلاحظ كيف دمرت مدافع "الجيش الباسل" وصواريخه وقنابل الطائرات المساكن والأبنية العامة والساحات.


ويمكن أيضا الولوج إلى بقايا الجسر المعلق المرتبط بالمدينة منذ قرن، فيرى أعمدته وجسمه مغمورة بماء نهر الفرات، ما يزيل عن عيني الإنسان الوهم المسوق له في "دوار المدلجي" أو ما سماه النظام "دوار الانتصار"، الواقع بين أحياء "القصور والجورة والوادي" غرب المدينة وبين قلب المدينة المهدم المهشم.


كما نصب فرع "شبيبة الثورة" التابعة لحزب "البعث" تمثالا لـ"باسل الأسد" في ساحة مقرها بدير الزور، فيما كان "سومر العرسان" يرد على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الجولان، مستذكرا قولا دونكيشوتيا لحافظ الأسد: "فسنعمل على أن يكون الجولان في وسط سوريا وليس على حدودها".


ويأتي نصب تمثال "باسل الأسد" بعد ستة أشهر على إعادة تمثال حافظ الأسد إلى دوار "السبع بحرات" في المدينة، العاجزة عن استقبال أبنائها المهجرين في أبنيتها المدمرة.


"العرسان" وهو يجتر الكلام الفارغ خلال حفل "إعادة الصنم" كما يصفه أهل الدير، تناسى حال أهل مدينة دير الزور ومعاناتهم المعيشية والخدمية، كما تجاهل جميع المسؤولين المحتفلين بـ"الانتصار" تحليق الطائرات الأمريكية فوق مدن الجزيرة، أو ربما تخشبت مشاعرهم كما هي خطاباتهم، فباتت تمرّ بهم الحياة مرورها بالتماثيل المنصوبة، كما يقول "مصطفى الرافعي".


وهل يوجد إحساس وشعور لدى من يجبر أهله على التصفيق للقاتل مقابل السماح لهم بالعودة إلى بلداتهم وقراهم المنهوبة في البوكمال والميادين؟! طبعا لا، وقرى "الجلاء والطواطحة والسيال" خير وأقرب مثال على ذلك.


وفي حين تحتفل "شبيبة البعث" بـ "أعياد نيسان" وتتفنن باسلوب الاحتفال والتزلف لعائلة الأسد، كانت شبيبة حزب "الاتحاد الديمقراطي" تطارد الاطفال واليافعين لتجنيدهم وإعدادهم ليكون وقودا لحرب "الامة الديمقراطية" المدعومة أمريكيا ضد "الموالين والمعارضين" وضد كل فصيل تصنفه الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب.


وسبق "الآبوجيون" –نسبة لمؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله اوجلان المعروف بتركيا باسم "آبو"- سبقوا البعثيين في الاحتفال على أرض دير الزور بأعياد "نيسان"، فاعلنوا زراعة 700 شجرة في بلدات "الكسرة والصعوة والبصيرة وأبوخشب والشعيطات"، لكنهم والحق يقال خجلوا من قول إن: زراعة الحدائق بالأشجار يوم 4 نيسان جاء احتفالا بميلاد أوجلان، فقالوا: احتفالا "بدخول الربيع والنصر على الإرهاب".


وتقتصر أسبقية أتباع "أوجلان" على بيع الأوهام والاحتفالات واختلاق مناسبات العطل، فإنها مازالت تحاول إعادة إصلاح جسر "المنصور" بالرقة" منذ عامين، رغم أن بناءه قبل ثمانين عاما استغرق أقل من نصف سنة.


ملخص القول: وقع أهل الفرات وجزيرته وقعوا بين جيش من المتزلفين عرفوهم سابقا وملوهم ثم ثاروا علي فسادهم وظلمهم وبين نفاق فاق كل توقعاتهم، حتى باتوا يجبرون على الاحتفال بعيد ميلاد شخص أجنبي بداية كل نيسان، فيما كانوا يحتفلون بميلاد البعث قبل اندلاع الثورة السورية ضده 2011.


والأمر كذلك، بقي أن يظهر في الناس من يرد على الظالم ظلمه ويحطم تماثيل الاوهام ويكسر ساق كل من تسول له نفس أن "يدوس في المعجن"(إناء العجين).

زمان الوصل
(129)    هل أعجبتك المقالة (192)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي