أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

" سيريا بانكسي".. جداريات فنية تتغنى بالأمل والحرية في ريف إدلب

جدارية للشابة السودانية "آلاء صلاح" في ريف إدلب - نشطاء

على حائط غير مكسي تتناثر حوله أزهار وأعشاب يانعة بأحد مناطق ريف إدلب المحرر ترتفع جدارية للشابة السودانية "آلاء صلاح" التي تحولت إلى أيقونة للثورة السودانية في الأيام الماضية.


وبدت في اللوحة الغرافيتية وهي تقف في مكان عالِ وترفع يدها عالياً وسط حشود المتظاهرين، وكأنها تمثال الحرية، هذه الجدارية هي أحد ثمار مشروع "سيريا بانكسي" الذي أطلقته منظمة "كش ملك" لمناصرة الثورة السورية منذ أسابيع قليلة ويديره "حليم كاوا" وهو ناشط إعلامي درس إدارة الأعمال بجامعة حلب واضطر للانقطاع عام 2012 وعمل في مجال الإعلام والمجتمع المدني، وبعد حصار حلب والتهجير القسري اضطر للخروج إلى تركيا نهاية 2016.


نهاية العام 2011 لم تكن "كش ملك" منظمة مجتمع مدني بل عبارة عن تنسيقية صغيرة تقوم ببعض الأعمال الثورية السلمية واللاعنفية ضد النظام من خلال عدة أنشطة أُقيمت آنذاك، ومع الوقت وتغير الظروف وخروج نصف مدينة حلب عن سيطرة النظام ودخول المقاومة السورية إليها نشأت الحاجة لدور منظمات المجتمع المدني -كما يروي "كاوا" لـ"زمان الوصل" ـ وفي نهاية العام 2012 إثر استشهاد "مصطفى كرمان" أحد مؤسسي "كش ملك"، والذي كان لديه حلم بنظام تعليمي مختلف عن النظام التعليمي الذي عهدناه في سوريا، أصر فريق "كش ملك" على المُضي قُدماً في حلم "مصطفى" ومن هنا كانت البداية بتأسيس "مدرسة مصطفى كرمان الابتدائية" في حي "بستان القصر" بمدينة حلب.


خلال عامي 2011-2012 عملت "كش ملك" على حشد المظاهرات المناهضة لنظام بشار الأسد، ومناصرة قيم الثورة من خلال توزيع المناشير التوعوية السرية والدعوات للمظاهرات، إضافة إلى تنظيم حملات مناصرة ذات مغزى سياسي وثوري حول التطورات الراهنة.


ومن مبادرات المنظمة ـ حسب المصدر- العمل على تمكين النساء داخل سوريا وتحقيق المساواة بين الجنسين، ودعم وتمكين اليافعين من خلال مراكزها الثقافية "هوية بلد " في ريف حلب الغربي والشمالي، والتي يقام فيها أنشطة ثقافية مختلفة منها نادي الكتاب وعروض سينمائية ومعارض فنية وغيرها، وكذلك مشروع "تعافي" الذي يهدف لدعم الناجين من الاعتقالات في سوريا وتشكيل شبكة تضامن للعمل على التصدي لقضية الاعتقال التعسفي، وهناك –كما يقول- مشروع الحوكمة الذي يهدف إلى دعم منظمات ومبادرات المجتمع المدني الناشئة في سوريا من خلال بناء قدراتها وإمكانياتها بالإضافة لإجراء إجتماعات دورية بين فئات المجتمع المختلفة والمجالس المحلية لتطبيق مبدأي المشاركة والشفافية في عمل المجالس المحلية في المناطق المحررة.


وإيماناً بدور الفن في مناصرة ودعم الثورة أطلقت منظمة "كش ملك" مشروع "سيريا بانكسي" وهو عبارة عن رسومات غرافيتية في مناطق مختلفة داخل سوريا، واختار القائمون على المشروع هذه التسمية تيمناً بأحد أشهر رسامي العالم تأثيراً وشهرة في مجال الرسم الغرافيتي وهو "بانكسي" الذي اشتهر برسوماته المحمّلة برسائل نبيلة في تناولها لموضوعات سياسية وثقافية واجتماعية وأخلاقية، ورغم شهرته الواسعة إلا أن شخصيته-كما يقول محدثنا- لا زالت مجهولة حتى الآن وهو يتنقل بين عدة بلدان ويرسم ويختفي دون أن يعرف أحد من هو في الواقع.


مدير المشروع لفت إلى أن هدف "سيريا بانكسي" الأساسي هو مناصرة قضايا الثورة السورية ونقل الصوت المدني من سوريا إلى العالم وإبراز قيم الحرية والعدالة والديموقراطية التي يسعى لها السوريون الأحرار، بالإضافة إلى محاولة لفت أنظار العالم إلى ما يجري في سوريا من جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان، كما يقول.


أول نتاجات "مشروع سيريا بانكسي" لوحة غرافيتية للصحافية الأمريكية "ماري كوليفن" التي جاءت إلى سوريا عام 2012 وذهبت إلى حمص لنقل انتهاكات حقوق الإنسان التي يقوم بها النظام وقتلت جراء قذيفة هاون استهدفت مكان وجودها مع المصوّر المرافق لها في حي "بابا عمرو".
ونوّه محدثنا إلى أن فريق "كش ملك" استخدم إحدى عبارات كوليفن في آخر مقابلة ظهرت فيها على إحدى المحطات الأمريكية من داخل حمص حين قالت إن "جميع الكلمات على ألسن الناس هنا تقول لماذا تم التخلي عنا".


والرسمة الثانية -حسب المصدر- كانت عن "فتى البيض" وهو فتى كان موجوداً في مقابلة لسيناتور أسترالي معروف بعنصريته وكراهيته للاجئين، وحمّل المسلمين أسباب جريمة نيوزلندا، فما كان من هذا الفتى الذي كان يقف خلفه إلا أن ضربه على رأسه ببيضة كان يحملها ليتم اعتقاله بعدها.


وأشار محدثنا إلى أن أحد أكثر أوجه الكراهية والعنصرية في العالم هو بشار الأسد، ولذلك تم تجسيد نفس الحادثة في رسم غرافيتي مع تبديل صورة السيناتور بصورة رأس النظام لإيصال رسالة بأن الأسد لا يختلف شيئاً عن هذا السيناتور بل يبدو أسوأ منه، وتم كتابة عبارة تخاطب فتى البيض: "إذا كان عندك مشكلة في اتخاذ القرار في اختيار التالي فهذا الرسم يمكن أن يساعدك"، وثمة رسم يمثل عودة اللاجئين ودوّن بجانبها عبارة أن "الأسد انتصر ويرحب بعودة اللاجئين بضمانات دولية تحفظ سلامتهم" وكُتب أسفل الرسم "هل صدقت؟ إنها كذبة نيسان" وتم تدشين اللوحة ونشرها في 1 نيسان ابريل الحالي.


وحول فكرة لوحة الثورة السودانية ودوافع رسمها يقول مدير المشروع إن انتشار صورة الشابة "آلاء صلاح" وتحولها إلى أيقونة جميلة أوحى لفريق "كش ملك" بأن الأمل بالتغيير والمستقبل لا زالا يعتملان في الصدور، رغم ما يجرى في سوريا وعدة بلدان عربية، ولذلك تم رسم لوحة للثائرة الشابة وهي تقف وتمد يدها وكأنها تشبه تمثال الحرية، ودوّن تحتها عبارة "الحرية لم تعد تمثالاً بعد الآن إنها حية من لحم ودم"، وتم تمييز كلمة "SHE" باللون الأحمر وأحرف كبيرة للدلالة على دور المرأة في الثورات وتحديداً في الربيع العربي.


وشدد "حليم" على أن ما يميّز المشروع هو روح فريق العمل في "كش ملك"، حيث تتم مناقشة أفكار الرسومات الجدارية بشكل جماعي ومحاولة تقريب وجهات النظر المختلفة ضمن الفريق حتى الوصول لأفضل ما يُمكن، حيث يستمر تطوير الفكرة شيئاً فشيئاً خلال مراحل التنفيذ والتي تبدأ بالفكرة وتنتهي بجدارية على حائط. مضيفاً أن فكرة المشروع تركز بالأساس على مخاطبة الرأي العام الغربي من خلال الفن لمناصرة الثورة السورية، ومحاولة تطوير الرسومات وصولاً إلى أفضل مستوى فني وفكري مع السعي للتركيز على فرادة الفكرة وتميزها ووصولها للجمهور المنشود وإحداث حالة من التغيير والتأثير قدر الإمكان.


وأبان كاوا أن الرسومات وإن كانت موجهة للعالم الغربي، إلا أنها بدأت تلاقي صدىً في الداخل السوري وبخاصة اللوحة الغرافيتية الأخيرة التي تجسد الثائرة "آلاء صلاح" التي حظيت بتفاعل كبير، إذ توافد عشرات الشبان والشابات إلى مكان تنفيذ الرسمة ليلتقطوا صوراً تذكارية أمامها وينشرونها على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي


وأردف محدثنا أن إسقاط بشار الأسد ونظامه هو أول خطوة لبناء سوريا التي نحلم بها كسوريين لذلك أُطلق على المنظمة اسم "كش ملك" نسبة للعبة الشطرنج التي تفضي إلى إسقاط الملك في نهايتها إشارة إلى بشار الأسد الذي ورث الحكم عن أبي.


وختم أن شعار منظمة "كش ملك" هو "لنرجّع سوريا جمهورية" في إشارة لرؤية "كش ملك" في سوريا الديموقراطية المدنية الحرة وتحقيق العدالة ومحاسبة كل المجرمين.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(197)    هل أعجبتك المقالة (217)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي