تلقى ذوو الشهيد "علي عثمان" مؤخرا شهادة من السجل المدني في حمص تفيد بوفاته مع شقيقه ابراهيم داخل المعتقل بعد سبع سنوات من اعتقالهما، وكان "علي" الملقب بـ"الجد" من أوائل المتظاهرين في حمص ومن الناشطين الذين وثقوا مظاهرات حي "بابا عمرو" وحراكه السلمي ورافق الصحفيين الغربيين الذين دخلوا الحي ليغطوا أحداث الثورة وساهم في إنقاذ حياة بعضهم من الموت في ذروة استهداف الحي من قبل قوات النظام.
وورد اسم "علي محمود عثمان" الذي يلقبه ناشطون أيضاً باسم "عيون حمص" في تسريبات "زمان الوصل" ضمن قائمة الـ 100 ألف مطلوب في سوريا.
وبحسب البيانات فإن "علي عثمان 34 عاماً" مقيم بحارة الجسرين كان مطلوباً لشعبة المخابرات.
وروى الناشط "خالد أبو صلاح" لـ"زمان الوصل" أن "عثمان" من مواليد بابا عمرو 1978، وكانت عائلته من أوائل العائلات التي انخرطت بالثورة.
وأردف أن الناشط "عثمان" لم يكن يتقن التصوير أو العمل الصحفي، ولكنه أحب أن يعمل في مركز بابا عمرو الإعلامي، وكان شاباً شجاعاً دأب على مرافقة الصحفيين الغربيين الذين دخلوا إلى حي "بابا عمر" إلى أماكن القصف والدمار والمشافي الميدانية، حيث كان يقلهم بسيارة السوزوكي الصغيرة التي كان يملكها، ومن هنا نشأت علاقة صداقة وود بينه وبينهم.
ونجح "عثمان" الذي عمل بالأصل كبائع خضار في تقديم المساعدة للصحفية الفرنسية "إديث بوفييه"-والبريطانيين "وليم دانيلز"، و"بول كونروي"، والصحافي الإسباني "خافيير اسبينوزا" عندما كانوا عالقين في "جحيم بابا عمرو" بعد استهداف المركز الإعلامي في 22 شباط/فبراير 2012.
وأدى دوراً أساسياً في ترحيلهم إلى لبنان عبر الأنفاق، وكان أول من دخل إلى المكان الذي قتلت فيه الصحفية "ماري كولفين" وزميلها المصور وصورهما.
أثناء الاجتياح الأخير لحي "بابا عمر" بتاريخ 4/ 2/ 2012 وقصفه بالصواريخ والمدفعية اضطر الأهالي للخروج من أماكن غير آمنة وبقي مئات المفقودين الذين لم يُعرف مصيرهم إلى الآن، وفي هذا الوقت –كما يقول أبو صلاح- اختار "عثمان" البقاء حتى بعد استيلاء جيش النظام وإحكام قبضته عليه بعد قصف متواصل استمر لشهر، وكان –حسب محدثنا- يختبئ في بيت بحي "الإنشاءات" المتاخم لـ"بابا عمرو"، ولكنه اضطر بعدها للخروج إلى حلب، وهناك تم اعتقاله بعد استدراجه برسالة نصية على جواله ولم يُعرف مصيره إلى حين إعلان وفاته. وكشف محدثنا أن مخابرات النظام اعتقلت في تلك الفترة والد علي الذي ناهر عمره 70 عاماً الذي توفي فيما بعد و7 آخرين من أفراد عائلته بمن فيهم خال له 65 سنة وابن خالته وزوجته بتاريخ 8 أيار مايو/2012 في منطقة "صحنايا" بريف دمشق.
وأشار أبو صلاح الذي عاش مع علي في المركز الإعلامي طوال فترة الهجوم على حي "بابا عمرو" إلى عدم توفر معلومات عن اعتقال علي وشقيقه ولا أماكن اعتقالهما، ولكن تلفزيون النظام أظهره في أكثر من 20 حلقة مع الإعلامي المحسوب على النظام "رفيق لطف" وحاول أن يكذب من خلاله رواية ناشطي الحي بخصوص ما يجري وإلصاق صفة "الإرهابيين" بالثوار.
وتابع محدثنا أن ناشطي الثورة في "بابا عمرو" آثروا آنذاك عدم الرد على ما أُجبر "عثمان" على قوله تحت الإكراه على شاشة تلفزيون النظام حفاظاً على حياته، وخصوصاً أن آثار التعذيب كانت بادية على وجهه، إضافة إلى نحوله الواضح. وأضاف محدثنا أن كل اعترافات "علي" آنذاك بدت منتزعة بالقوة، وإذا ثبت أنه توفي في المعتقل، فالنظام و"رفيق لطف" هما المسؤولان عن وفاته.
ولفت محدثنا إلى أن سبب التركيز على الناشط "علي عثمان" لأنه كان صيداً ثميناً لإعلام النظام ولأن حمص كانت آنذاك عاصمة الثورة، وكان حي "بابا عمرو" أحد أهم الأحياء الثائرة في المدينة، واعتقد النظام واهماً بأنه إذا شوّه صورة الثورة في "بابا عمرو" فإنه يستطيع تشويهها في المدينة كلها ويهدم رواية الثورة السورية والناشطين.
واستعاد أبو صلاح جوانب من شخصية "عثمان" الذي كان يتسم -كما يقول- بالشجاعة والنخوة والشهامة وخفة الدم والمزاح، وربطته علاقة وطيدة مع عدد من الإعلاميين بما فيهم الصحفيون الأجانب الذين كانوا يشيدون بشجاعته ولمسوا منه مواقف إنسانية نبيلة، وكتب معظمهم على حساباتهم عند اعتقاله ونشروا تقارير على كبرى وسائل الإعلام مناشدين العالم الإفراج عنه، وكتب وزير خارجية بريطانيا الأسبق "وليام هيغ" "إني أناشد السلطات السورية لتفرج عن سراح السيد عثمان والسجناء السياسيين الآخرين فوراً، وسيُحاسب النظام السوري كمسؤول عن سلامة عثمان والمعاملة التي يتعرض لها"،وبدوره غرّد السيناتور الأمريكي "جون ماكين"على "تويتر" قائلاً: "تحصلت على تقارير تُفيد أن الصحفي السوري علي محمود عثمان معتقل ويتعرض للتعذيب على يد قوات الأسد"، وأضاف أن "على العالم أن يُطالب بإطلاق سراحه"، وذكرَ "بول كونري" من موقع "هافينغتون بوست" أنّ عثمان "هو أحد أبزر النشطاء السوريين في وسائل الإعلام".
وتابع أنه "كان يأخذ الصحفيين إلى الخط الأمامي أو إلى المستشفيات الميدانية أو في أي مكان من أجل توثيق كل ما يحصل في سوريا".
وأشار "كونري" نقلاً عن ناشطين إلى أن عثمان" اعتقل من قبل فرع المخابرات العسكرية في حلب وتعرّض هناك لتعذيب شديد قبل أن يتم نقله إلى دمشق.
وأبلغ أحد أفراد الأسرة الذين يعيشون خارج سوريا منظمة العفو الدولية أن العائلة علمت من مصدر غير رسمي أن "علي محمود عثمان" نُقل إلى سجن "صيدنايا" العسكري أو "المسلخ البشري" كما تصفه منظمات حقوقية دولية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية