أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

خنازير ... شوقي حافظ

في زمن الأوبئة تسقط الحواجز بين غني وفقير، متقدم ومتخلف، ويصبح الجميع عرضة لخسائر بشرية مروّعة قد تتقوّض معها دعائم المجتمعات.. وانفلونزا الخنازير التي تضرب بوابات المدائن تهدد مئات الملايين من البشر بالموت بفيروس محوّر جينيا داخل بدن خنزير حاضن، يمكنه نقل العدوى من إنسان لآخر، وهنا تكون الخنازير هي من يحدد زمن إعلان وفاة جماعي في شموله للملأ وعامة الناس، وللمجتمعات المتقدمة والأخرى المتخلفة من خلال (ممارسة ديموقراطية) لا تستثني أحدا، وتجعل الجميع سواسية أمام طغيان الوباء وحصاد مناجل الموت!
والكلام كثير حول الخنزير وعاداته وطبائعه، التي يرى البعض أنها تنتقل إلى من يقتات لحمه من البشر، ومن أبرزها عدم الغيرة على الزوجات لأن الخنزير يرحب كثيراً بمن يعاشر أنثاه، وأغلبنا يعرف أسباب تحريم لحم الخنزير في الشريعة الاسلامية، لكن ربما لا يدرك الجميع أن الخنزير نذير شؤم في الموروث الشعبي للعديد من الأمم، فعندما قبعت الخنازير منتصف الليل في حظائر المقر الشتوي لقياصرة آل رومانوف، كان ذلك إيذانا بابادتهم الجماعية بواسطة البلاشفة في اليوم التالي.. كما تقول مصادر روسية!
العالم كله مهدد بكارثة جماعية، والمسألة أصبحت مرتهنة بمزاج خنزير يتحول ـ طائعا أو مرغما ـ إلى معمل بيولوجي حاضن لتزاوج فيروس انفلونزا البشر مع ذلك الذي يضرب الخنازير، وانجاب نوع ثالث محوّر جينيا يمكنه نقل الوباء من إنسان لآخر وهنا قد تقع واقعة ربما تشمل الجميع بآثارها الكارثية: تنهار حضارة الحاسبات الآلية والنت وبطاقات الائتمان وأنظمة الصرف الصحي مع أخرى بدائية لمن يقتاتون الخضراوات النيّئة ويتخلصون من فضلاتهم في العراء، وربما يتساوى (بو) كلب الرئيس أوباما مع سخل يملكه مزارع كيني في الموت بانفلونزا الخنزير.. مثلا .. وعندما ينحسر الوباء يطلع من بين الناجين من يحاسب ويحاكم الملأ في عالمنا الذين ملأوه جورا وطغيانا وفسادا حتى حلّت الكارثة، وعندما يجمعهم في قفص الاتهام يبدأ المدعي العام مرافعته بالقول: إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم!



جريدة الوطن العمانية

(111)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي