أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ناجية تروي لـ"زمان الوصل" تفاصيل من مجزرة "البرج" في تلكلخ

تلكلخ - عدسة شاب تلكلخ

عشية الثلاثين من آذار مارس/ 2012 وأثناء حصار قوات النظام لمدينة "تلكلخ" وإغلاق المعابر الحدودية مع لبنان دخل عشرات الشبيحة وعناصر من حزب الله إلى عدد من بيوت حي "البرج" وارتكبوا مجزرة ذهب ضحيتها 10 مدنيين بينهم 8 سيدات وطفلان من ذوي الاحتياجات الخاصة تم قتلهم بدم بارد وسط تكتم إعلامي بعد قطع الاتصالات وخدمة الإنترنت مع بقاء الاتصالات الأرضية قبل يومين من المجزرة.

كان الصمت والوجوم يخيمان على ذلك الحي المتربع على سفح جبل (جنوب تلكلخ) ذلك المساء بعد يوم دام من القصف بكافة أنواع الأسلحة، وحدها قهقهات شبيحة الحاجز الأمني أسفل الحي وكلماتهم البذيئة كانت تتعالى، وكانت ثمة حركات مريبة تجري داخل وخارج الحاجز، وفجأة تسلل عشرات العناصر الملتحين بلباس أسود إلى منازل الحي ليرتكبوا المجزرة.

وتروي أم غالب -اسم مستعار- الناجية من المجزرة أن إحدى جاراتها اتصلت فيها حينها وأبلغتها أن عدداً من المليشيات الإيرانية وعناصر الحاجز توجهوا إلى منزل أهلها فأغلقت الجوال وصعدت إلى درج منزلهم لتراقب ما يجري مع ابنها الصغير رغم خطورة الأمر وسمعت أحد العناصر يقول لرفاقه: "ما قلتلكم ما تفوتوا على هادا الشارع .. هادا الشارع بيخوّف" فعادوا، واقتربوا من منزل آخر فاتصلت بأصحابه لتحذيرهم من قدوم الشبيحة.

وتضيف أم غالب أنها ذهبت بعدها إلى جارتها وبدأتا تتصلان بجيرانهما للإطمئنان عليهم دون أن يردوا، وكان القصف على الحي شديداً بكل أنواع الأسلحة.

وتمضي محدثتنا ساردة تفاصيل ما جرى تلك الليلة الرهيبة التي لم تنم فيها–كما تقول- إذ كشف الفجر عن مجزرة طالت العديد من الضحايا ومنهم "فتاة مراد" وابنها المعاق "سامي" 25 سنة وابنتها 3 سنوات و"بدرية مراد" وابنها محمد المنغولي و"نجود الخطيب" وابنها "خالد حنوف" الذي كان خاطباً وحُدد عرسه بعد أيام، و"صباح عويد" زوجة أحد أبطال حرب تشرين وابنتها "فاطمة كدالم" 37 عاماً وشاب يدعى "رائد قندقجي" كان يغسل كليتيه فتم إخراجه من مشفى في "البرج" عنوة من تحت أجهزة الغسيل ورفضوا أن يتركوه إلى صباح اليوم التالي وتم قتله وتحطيم رأسه بحجر.

وأضافت الناجية من المجزرة أن الشبيحة حبسوا من يريدون من الرجال كبار السن في الحمامات وقتلوا النساء والأطفال، بإطلاق الرصاص في أفواههم ورؤوسهم وبعضهم تم ذبحه بالسكاكين وتقطيع أوصالهم والتمثيل بجثثهم، وأفاد عدد من الشهود آنذاك أن غالبية الجثث كانت مشوهة، وأحدها مفصول الرأس عن الجسد ولم تُعرف هويتها بداية بسبب التشوه الشديد بمعالم الوجه.

وأردفت محدثتنا أن لهجة القتلة لم تكن مفهومة وبعضهم لهجته كانت لبنانية، إضافة إلى عناصر الحاجز الأمني، مشيرة إلى أن أحد عناصر الحاجز الذي كان مع الشبيحة وهو من "مسكنة" بريف حلب قتل على يدهم لأنه دخل إلى عائلته في الحي وحذرهم من فتح الباب أو الوقوف على الشبابيك. 

وتروي محدثتنا أنها هرعت مع أول دقائق الفجر إلى بيت جارتها فاستوقفها عناصر الحاجز وسألوها عن سبب خروجها من المنزل في هذا الوقت المبكر فقالت لهم إنها جاءت لتطمئن على جارتها ودخلت إلى منزلها لتخرج معها بعد دقائق قليلة ولكن عناصر الحاجز منعوهما من الخروج لأنهم كانوا يعلمون بوقوع المجزرة –حسب قولها- وتابعت أم غالب أن أحد عناصر الحاجز ويدعى "كنان" جاء إليها وقد غيّر من هيئته بعد أن كانت لحيته طويلة وحالته رثة ليقول لجارتها أن العقيد سيرسل سيارة لأخذها حيث سيأتي فريق من تلفزيون النظام للتصوير وعليها أن تقول إن "العصابات الإرهابية المسلحة" هي من ارتكبت المجزرة في الحي. وأردفت أن عناصر النظام جمعوا عدداً من شبان الحي وأخذوهم عنوة للتصوير وأحدهم -كما تقول- كان يرتجف أثناء التصوير الذي تمت إعادته أكثر من مرة وفي المرة الأخيرة قال الضابط إذا لم "يزبط" التصوير أطلقوا النار على الشاب. 

وكشفت السيدة الأربعينية أن شبيحة النظام احتجزوا جثث الشهداء في مشفى تلكلخ الذي كان يُسمى "الثقب الاصفر" لأنه كان قاعدة للحرس الثوري الإيراني في المدينة، وامتنعوا عن تسليمها إلا بعد إقرار الأهالي بأن أبناءهم قتلوا على يد العصابات المسلحة -حسب زعمهم- مضيفة أن مخابرات النظام لم يسمحوا لأكثر من شخص من كل عائلة من ضحايا المجزرة للمشاركة في التشييع الجماعي.

في اليوم التالي تمكنت محدثتنا من أن تستقل سيارة مع عائلة شقيقها ووالديها وعائلتها الصغيرة والمجازفة بحياتهم للانتقال إلى حارة مجاورة، فالمكان كان مراقباً بالرادار من قبل قوات النظام وأي حركة كانت كفيلة بتدمير السيارة ومن فيها ولكنهم –كما تقول– نجوا دون أن يصيبهم أي أذى لتبقى مشاهد المجزرة ماثلة في ذاكرتهم لا تنسى.

في هذا الفيديو توثيق للشهداء عبر قناة النظام التي اتهمت "الإرهابيين" بقتلهم... وهو ما اعتاد نظام الأسد على قوله في كل المجازر التي ارتكبها جنوده... 


فارس الرفاعي - زمان الوصل
(153)    هل أعجبتك المقالة (190)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي