يواصل المصمم السوري الشاب "تامر التركماني" مشروعه الذي بدأه عام 2015 في توثيق شهداء الثورة بأسمائهم وصورهم، مركّزاً جهده هذه المرة على صور ضحايا النظام من مجهولي الهوية، انطلاقاً من قناعته بأن هؤلاء ليسوا مجرد أرقام، علاوة على أن قضية مجهولي الهوية من القضايا التي لم تحظ بالاهتمام اللازم من قبل منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المعنية بالتوثيق.
وروى التركماني لـ"زمان الوصل" أنه اعتاد منذ بدء عمله في توثيق شهداء الثورة السورية على رؤية صور لشهداء مجهولي الهوية ومعهم أرقام، وبعضها من العام 2011، لم يتعرف عليها أحد حتى ذويهم، خاصة أن الهجرة وحالات اللجوء ازدادت في العام 2013 والكثير منهم لم يعد يتابع أحوال الثورة والأحداث التي تجري، ومن هنا-كما يقول- بدأ بفكرة توثيق هذه الصور وخاصة بعد أن كثرت صفحات التنسيقيات، وباتت هناك حالة من التشويش على الأخبار المتعلقة بضحايا النظام.
ورأى أنه من الواجب تسليط الضوء على هذه الفئة من الشهداء المظلومين إعلامياً، وفي الوقت نفسه ترك المجال للناس لمعرفة إن كان أولادهم أحياء أم في عداد الأموات.
واستدرك محدثنا أن هناك حوالي 200 ألف شخص بين مختفٍ قسري ومفقود أو مجهول المصير منذ العام 2011 وإلى الآن لا أحد يعرف مصيرهم.
ولفت "تركماني" إلى أن التركيز على هذا الملف سيدفع ذوي المفقودين ومجهولي المصير للبحث عنهم وبشكل مركز بعد هدوء الأوضاع والهدن في سوريا، وخاصة بعد إغلاق أغلب التنسيقيات التي كانت توثق للشهداء بشكل يومي بعد نزوح القائمين عنها.
وأردف محدثنا أن المفقودين ومجهولي الهوية هي أكبر شريحة منسية في المجتمع السوري وهي بمثابة جرح كبير لا يندمل، وتابع المصور المتحدّر من مدينة حمص متسائلاً عمن يكون مجهول الهوية وأضاف أنه شخص مثلي ومثلك ومثل ملايين البشر الذين يعيشون الآن ولكن الفرق أنه وقع بين أيدي مجرمين لا يعرفون الرحمة والرأفة بعيدين عن الإنسانية، وقتلوه دون أن نعرف عنه شيئاً.
وأردف أن هناك أكتر من 20 ألف ضحية من مجهولي الهوية صورهم موجودة ولكن هوياتهم وأسماءهم مجهولة، فهل يعقل أن لا تعرف 20 ألف عائلة أولادها إن كانوا أحياء أو أمواتاً.
وأكد الموثق الشاب أنه تمكن من توثيق ما يقارب 9 آلاف صورة لمجهولي الهوية من أصل 20 ألفاً حتى الآن ومن المتوقع أن ينهي مشروعه باستكمال ما تبقى مع الذكرى الثامنة للثورة السورية.
ولفت إلى أن توثيقه اعتمد على الإشارة لعلامة فارقة في الشهيد إن كان قُتل إعداماً أو تعذيباً أو محروقاً أو مدهوساً أو مخنوقاً، مضيفاً أن عمله كان بغاية التعقيد والصعوبة، لأن توثيق 100 ألف من معلومي الهوية –حسب قوله- أسهل من توثيق 500 من مجهوليها، أضف إلى ذلك فالموضوع يمسّ الجانب الإنساني والمشاعر داخل أي شخص يعمل في هذا الملف.
وكشف محدثنا أن أغلب الصور التي وثقها كانت لضحايا إعدامات ميدانية بطريقة وحشية وحقد كبير من قبل الشبيحة تجاه كل من ينتمي للثورة ويناصرها وأغلبهم من الشبان، وهناك جزء من الشهداء ضحايا مجازر القصف الروسي أو السوري بالطيران الحربي.
وحول الصعوبات والعراقيل التي واجهته في هذه المرحلة من مشروعه التوثيقي أكد "تركماني" أن الصعوبة الأكبر هي نشر الصور وهي في حالة التشويه، وخصوصاً أن مشاعر الناس لا تتحمل مشاهد كهذه، ولكن الضرورة أجبرته -كما يقول- على نشرها.
وتابع أن الألم النفسي الذي شعر به أثناء توثيقه يضاهي توثيق مليون شهيد من معلومي الهوية، مشيرا إلى أنه سيقوم بنشر ما يقارب 50 صورة للتعرف عليهم بالتوازي مع محاولته إحصاء وجمع أسماء أخرى من مجهولي الهوية في الثورة السورية، لافتاً إلى أن هناك مفاجأة كبيرة ضمن مشروعه في توثيق وأرشفة الثورة السورية سيعلن عنها بعد الانتهاء من الأرشفة والترتيب.
وزود تركماني "زمان الوصل" بصور لـ 1000 من مجهولي الهوية ..اضغط هنا.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية