أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إسرائيل تريد رفات إيلي كوهين... عدنان عبدالرزاق*

كوهين - أرشيف

ليس جديداً، رغم الوجع ووصول "القيح للحنجرة" أن نقول إن نظام الأسد الذي حفظ لإسرائيل عظام زخاريا باوميل، لستة وثلاثين عاماً، هو ذاته من أحرق آلاف جثث السوريين بعد نقلهم بشاحنات القمامة، من المشفى العسكري بالمزة أو من السجون المنتشرة على أرجاء الوطن المعطاء.

وهو ذاته أيضاً، من يجبر آل المعتقلين، على التنازل، حتى عن حقوقهم باستلام جثث ذويهم المقتولين تحت التعذيب، لينالوا ولو حق زيارة ضريح إنسان قال لا لعصابة الأسد أو تمادى وطالب بالحرية والعدالة والكرامة.

والنظام نفسه، من يتفنن باغتصاب وتعذيب أخواتنا بالمعتقلات، بل ولم يتوان عن قتل الشعب السوري، بكل ما أتيح، بما في ذلك البراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي. يخرج بعد كل ذلك، ويقول إنه ممانع ومقاوم ومستهدف من العالم بأسره، ولعل النكتة التي باتت تضحك، حتى الكلاب، أنه يدعي معاداة إسرائيل، بعد حفظه لحدودها منذ اتفاق فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل. "اتفاقية موقعة في 31 مايو 1974م بين سوريا وإسرائيل بجنيف بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية".

في محاولة، أظنها فاشلة مسبقاً، كي أكظم كل ما فيّ من غيظ وألم وأحاول أن أسأل، ليس النظام المقاوم، بل من حوله ممن دخلوا ولا شك، بنفق التيه، كما كل السوريين، بعد التصريح الروسي المكافأة لبشار الأسد، وطي صفحة إسقاطه.

كيف استعاد جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، الموساد، العام الفائت، ساعة الجاسوس"إيلي كوهين" المسمى سورياً كامل أمين ثابت والذي تم إعدامه بدمشق، عام 1965 "على فكرة إعدامه كان قبل وصول الأسد للسلطة أو لوزارة الدفاع، وعلى الأرجح، لو كان لما حدث للمأسوف على شبابه كوهين ما حدث".

وهل من ضامن اليوم، ألا يُكمل نظام الأسد، معروفه وحسن النية وروابط الخضوع والصداقة لإسرائيل، ويبحث عن مكان جثة "كوهين" ويسلمها، ليغنم بضمانات أكثر؟!

كيف استعادت إسرائيل منتصف 2016 دبابة "ميركافا" الإسرائيلية، وألم يشكر نتنياهو علانية، صديقة فلاديمير بوتين، على "هدية الدبابة" التي شاركت في معركة "السلطان يعقوب" إبان حرب لبنان الأولى في يونيو/حزيران 1982 وتم نقلها إلى المتحف العسكري في موسكو، ليتم تسليمها لتل أبيب خلال الذكرى السنوية الـ25 لقيام العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين.

والأهم والأكثر فجورا وطزاجة اليوم، كيف تم تسليم رفاة الجندي "زخاريا باوميل" المقتول منذ معركة السلطان يعقوب عام 1982.

متابعة للأسئلة، وكالة الأنباء الرسمية "سانا" قالت "لا علم لسورية بموضوع رفات الجندي الاسرائيلي، وأن ماجرى هو دليل جديد يؤكد تعاون المجموعات الارهابية مع الموساد" ليخرج "المناضل" أنور رجا، الجبهة الشعبية-القيادة العامة، ويعزف على الوتر ذاته معتبرا أن "تنظيمي داعش وجبهة النصرة ، هما من نبشا مقبرة مخيم اليرموك القديمة، وعثرا على جثة القتيل الإسرائيلي فيها، ثم قاما بتسليمها إلى الموساد الإسرائيلي، بعد خروجهما من المخيم، وتهجير من تبقى من أهله إلى الشمال السوري، عشية استعادة السيطرة على المخيم في شهر أيار 2018، وأيضاً من خلال التنسيق مع تركيا ونقل الرفات إلى إسرائيل عبر أراضيها".

ليأتي التصريح الروسي الرسمي، ويؤكد أن "روسيا وبالتعاون مع النظام السوري، هي من عثرت على الرفات، دون تحديد المكان، وهي من قامت بتسليمه إلى الحكومة الإسرائيلية"

هامش: معلومات قرأتها لصديق فلسطيني مطلع "المخابرات السورية تعلم بمكان دفن القتلى في مقبرة اليرموك القديمة، وقد شاهد الكثيرون منهم، في عام 1999 بعد مفاوضات الشرع- باراك، قيام المخابرات السورية، باقتحام المقبرة وتغطيتها بسرادق، كي لا يرى سكان البنايات المحيطة بها، ما يجري بداخلها من نبش لقبور معينة، وخروج عناصر المخابرات وبأيديهم أكياس سوداء. 

تكرر هذا المشهد في عام 2007، ولكن بترتيبات أمنية أكبر، شملت إغلاق كافة الحارات المؤدية للمقبرة، أما آخر هذه المشاهد فقد تمت في 19 آذار من العام الجاري، حين قامت القوات الروسية بالدخول إلى نفس المقبرة، وإبعاد عناصر النظام والميليشيات عن المنطقة، وبقيت داخل المقبرة لمدة ثلاثة أيام متواصلة، قبل أن تغادرها بعد إنجاز مهمة خاصة، يبدو أنها كانت وثيقة الصلة بعملية تسليم رفات زخاريا باوميل، والتي أعلنت عنها روسيا مؤخراً، وكشفت في تصريحاتها، دور النظام ومساعدته في إتمام هذه "العملية الهدية".

نهاية القول بأمرين
الأول يحتاج لمخيلة مكتظة بكل مافي هذا العالم من وجع، كم أم فلسطينية وضعت زهوراً وآساً على قبر "باوميل" خلال زيارة مقبرة الشهداء القديمة بمخيم اليرموك، وأنا من سكن لنحو 15 عاماً بجوار تلك المقبرة، وكنت أرى السيدات الفلسطينيات، خلال المناسبات والأعياد خاصة، كيف يوزعن "الآس" على القبور "اليتيمة" ظناً منهن أنها لشهداء فلسطينين، أهلهم بعيدون أو لا يستطيعون زياراتهم..أو لم يتبق لهم أهل. هذا الوجع أيضاً قرأت مامعناه لصديقة فلسطينية.

وأما الأمر الثاني، إلى متى يمكن أن يداري نظام الأسد ومن معه بجوقة الممانعة، علاقاتهم مع إسرائيل، وإن عبر وسطاء، وإلى متى سيبتزون الشعوب بكذبة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

أم ترى، سنرى وبمساعي الأستاذ فلاديمير بوتين، أن يتم طي هذه الصفحة، كما طوى صفحة إسقاط الأسد وكما تطوي بلدان خليجية صفحات وتتسارع للهرولة نحو إسرائيل، ويكون بشار الأسد، وكيلاً حصرياً وعراباً لإسرائيل، بعد أن أدى كامل الدور الوظيفي الذي طلب منه ولم يتسن للسيد الوارث القيام به؟!

*معارض وكاتب سوري - من كتاب "زمان الوصل"
(221)    هل أعجبتك المقالة (226)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي