أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كهرباء الحسكة.. نموذج مصغر عن فساد شركات الأسد وإعادة الإعمار تبدأ بترميم صورته

فيصل المقداد مع ديفيد اكوبيان في 7 - 12 - 2017

"يا استاذ يستاهل سيادة الرئيس"، جملة قالها موظف لجنة المشتريات بشركة كهرباء الحسكة لإحراج مديره "أنور العكلة" بهدف التوقيع على شراء إطار خشبي لصورة بشار الأسد مع اقتراب انتهاء إعادة إعمار أبنية الشركة وتركيب الشبابيك والشروع بشراء الأثاث.

وطلب رئيس لجنة المشتريات "رائد الدرعان" من مديره التوقيع على شراء إطار من الخشب (60x 40 سم) لصورة بشار الأسد بقيمة 40 ألف ليرة سورية بهدف تعليقها في أحد المكاتب، وقيمته الحقيقية لا تتجاوز مئات الليرات وربما بضعة آلاف، واستخدم جملته هذه لقطع الطريق أمام نقاش قد يفتح المدير، الذي سأل هل من المعقول أن يكلف إطار الخشب هذا عشرات الآلاف؟!

تبجح الموظف أمام أصدقائه بأنه حين كان بلجنة المشتريات اشترى إطارا لصورة "الرئيس" من الأموال المخصصة لإعادة الإعمار، ولا يعتبر هذا الأمر غريبا في مؤسسات النظام والتي تحول الفساد فيها من ظاهرة إلى عقلية متجذرة.

وتفتح حادثة إطار صورة الأسد من أموال إعادة الإعمار وهي عملية تدعمها برامج منظمة الأمم المتحدة، الباب أمام تساؤلات كبيرة حول حجم الفساد المستشري داخل الجمعيات وعمليات إعادة بناء مؤسسات الدولة المتضررة جراء القصف، بينما تترك منازل السكان والمساجد مدمرة في قرى الريف البعيد بسبب المعارك ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" أو غارات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي والنظام.

ودخلت أبنية المديرية العامة لشركة الكهرباء بالحسكة ومديرية المشتركين ضمن برنامج إعادة الإعمار، بعد تعرضها لقصف جوي خلال المواجهات مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، والذي احتل مبانيها لفترة وجيزة عام 2015 قبل إخراجه بمساعدة طيران التحالف من الأحياء الجنوبية للمدينة.

ويأتي هذا، بالتزامن مع إعلان الشركة عن تحسن التحصيل وتضاعف التحصيل مطلع العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، بفضل قرار محافظ الحسكة بعدم تنفيذ أي معاملة بالدولة إلا بعد تقديم براءة ذمة من الكهرباء، وهنا برز اسم موظف مكتب الجباية محمد حميد والذي شرع ببيع براءة الذمة بمبلغ 5000 ليرة سورية، مستغلا عدم رغبة الناس بالدفع للإدارة الذاتية قرابة ألفي ليرة شهريا وتسديد المترب عليهم في الشركة على مدى سنوات رغم الانقطاع المتكرر للكهرباء واعتمادهم على المولدات.

وحتى المستخدم ضمن المديرية المالية، مفتاح الجميع، "خالد العثو" يشارك بالفساد ضمن مجموعة مؤلفة من بائع براءات الذمة "محمد حميد" ومدير المالية بالشركة "إدريس خلف"، الذي لا يمرر أمر صرف دون الاستفادة منه ويقبض رشى كبيرة من المتعهدين الذين ينفذون العمل.

في حين مازال مدير المشتركين "محمد فرحان" مستمرا على نهج الفاسدين، فقبل الثورة السورية كان رئيس قمع المخالفات لذا كان يبتز الموظفين، وحاليا يثابر على توقيع أوامر صرف بين الفينة والأخرى قيمة الواحد منها 100 ألف ليرة مقابل استئجار سيارة لخدمته الشخصية.

أمّا مدير الشؤون القانونية بالشركة "صبح الجلود" فيهوى التلاعب بالقوانين لتمرير مصالحه الشخصية، فسبق أن عين ابنه قبل سنوات كموظف بالشركة رغم إقامة الشاب في السعودية.

والحال هكذا، فإن عمليات إعادة الإعمار وخاصة التي تدعمهما برامج الأمم المتحدة، تشكل بيئة مناسبة لمثل هؤلاء الفاسدين الموجودين بكل المؤسسات الحكومية، وذلك عبر التوقيع على استلام المواقع المنفذة من قبل المهندسين والمتعهدين، فيما تسجل تكلفة كل قطعة أثاث جديدة أو مصلحة بـ 3 أضعاف سعرها الحقيقي.

وبدأت الدوائر الحكومية بترميم الأبنية وتأثيثها من خلال برنامج إعادة الإعمار وبدأ تجهيز الجيوب الفاسدة للاستفادة، فكل الأبنية المتضررة من الحرب كالمدارس والمشافي والدوائر حكومية، يستفيد من إعادة إعمارها الفاسدون ضمن مديريات حكومة النظام عبر إعداد دفاتر الشروط.
ويشتكي الموالون من عدم تفعيل آليات المراقبة و المحاسبة لمحاربة الفساد والمحسوبية المستشرية بمؤسسات الدولة سواء بالحسكة أو حتى دمشق ذاتها وخاصة الرشى.

ورممت مديرية التربية التابعة لحكومة النظام ومنظمة "يونيسيف" عشرات المدارس في الحسكة والقامشلي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ضمن مشاريع تنموية ومدنية ينفذها البرنامج مع هيئات ومؤسسات عدة في المنطقة الشرقية والجزيرة.

وفي نهاية عام 2017، أعلن المدير القطري للبرنامج "ديفيد اكوبيان" عن استعدادهم للإسهام في العمل على تحسين نوعية الحياة في المناطق التي تعرضت للضرر خلال لقائه مع فيصل المقداد نائب وزير خارجية النظام بعيد السيطرة على مدينة دير الزور في إطار خطة "التعافي المبكر" التي تروج لها دمشق.

زمان الوصل
(132)    هل أعجبتك المقالة (128)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي