نسور أوروبا جائعة، لهذا هبطت من عليائها الى السفح بحثا عن غذاء في أبدان الخراف والابقار الشاردة بشمال اسبانيا، حتى انها حطت فوق حاويات القمامة في بروكسل بحثا عما تقتات به من فضلات طعام البشر، والاتحاد الاوروبي قلق حول مستقبل نسوره لاسباب تتعلق بالتوازن الاحيائي للبيئة، لكن النسر كرمز للشموخ والكبرياء لا يدخل في حسابات دول الاتحاد، التي هبطت ـ هي الاخرى ـ من قمم الحرية والاخاء والمساواة الى سفوح المعايير المزدوجة والغش والكذب والتعصب العنصري الصارخ..لقد هوت النسور كما هوت بلدانها الى الحضيض بسياساتها.
لقرون ظل النسر الاوروبي يحلق في الذرى الشاهقة، ويقترن بمعاني العظمة والكبرياء والقوة، حتى ان الاوروبيين اطلقوا اسم النسر الكبير على السلطان العثماني محمد الفاتح الذي كان مجرد ذكر اسمه يثير رعب ممالك وامارات اوروبا، وشعار الدولة البيزنطية الذي ورثه قياصرة روسيا كان رأس نسر مزدوج يتطلع باحدهما ناحية الشرق والآخر في اتجاه الغرب، والولايات المتحدة اتخذت النسر الأصلع رمزا وطنيا لها بدلا من الديك الرومي، وانتشر شعار النسر على رايات الامارات الاوروبية تقود جيوشها من معركة الى اخرى..كان النسر معززا مكرما بحجم طموحات وعزائم من اتخذوه شعارا.
الآن هبطت بلدان اوروبا الى مستنقعات النفاق والعنصرية وهبطت معها نسورها ـ جائعة ـ من شاهق مثل نسر عمر ابو ريشة، الذي فقد مكانه ومكانته في الآفاق فهوى من القمة الى السفح جائعا مهيض الجناح، فدائما تأتي على قدر الكرام المكارم، وعلى قدر ومكانة المدائن والبلدان تكون مرتبة نسورها..سقط الأوروبيون فسقط معهم كل شيء حتى النسور التي كانت يوما رمزا للأنفة والكبرياء، وهبطت نسور بروكسل الى حاويات القمامة مثلما هبط الناتو للجيفة..عم صباحا أيها النسر الكسيح!.
جريدة الوطن العمانية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية