أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"كفريا ـ الفوعة".. الموت قبل وبعد الإخلاء

قصف على ريف إدلب - جيتي

لم يدر في خلد أي من سكان بلدتي "كفريا" و"الفوعة" وهم يتابعون المقاتلات الحربية بكل تركيز، أن القصف سيطال المنطقة، هذه المرة، وهي سابقة لم تحدث من قبل على الرغم من مضي أشهر طويلة على إخلاء البلدتين الواقعتين شمالي إدلب وإقامة مئات العائلات (الغالبية من مهجري محافظات دمشق وريفها ودرعا وحمص) داخل المنازل المدمرة بعد عمليات تأهيل وترميم طالت معظم البيوت. وكأن الموت أبى أن يغادر هذه المنطقة حتى بعد إخلائها من السكان.


يتذكر "أبو أمجد" من سكان مدينة "بنش" التي لا تبعد عن "الفوعة" أكثر من كيلومترين فقط كيف كانت القذائف تنهال على المنازل السكنية في بلدته بسبب جوارها للفوعة.


على مدار سنوات استعصى سكان "الفوعة" و"كفريا" الموالون للنظام في منطقتهم. الثوار الذين شنوا هجمات مركزة نهايات العام 2015 تمكنوا من تحرير آخر المدن الخاضعة لنفوذ النظام في محافظة إدلب. وبقيت "الفوعة" و"كفريا" تحت الحصار.


"نتيجة لحصارها من قبل المعارضة كانت الفوعة تقصف بنش بالمدفعية باستمرار" يتحدث أبو أمجد.


يلقي نظرة عابرة على الأبنية والبيوت التي لم تسلم من الدمار ثم يتابع"قذائف المدفعية لم تكن هي الأقسى. فعندما كنا نقصفهم للضغط على النظام لوقف قصف إدلب يكون الرد قاسيا جدا.. المقاتلات الحربية دمرت المنطقة بغاراتها شبه اليومية".

كان هذا قبل الإخلاء. فما هو الحال بعده؟.

في الدقائق الأخيرة قبل الرابعة من عصر يوم الجمعة الماضي شهدت سماء (سرمين-بنش-الفوعة-كفريا) تحليق 4 مقاتلات حربية، نفذت الغارة الأولى على أطراف بلدة "كفريا"، مع حلول الرابعة تماما نفذ الطيران الحربي ثاني غاراته على البلدة، بعد ذلك توالت الغارات على المنطقة لتنتهي قرابة الرابعة و 45 دقيقة بحصيلة تمثلت ب14 غارة نالت "كفريا" منها 6 غارات في حين استهدف الطريق الزراعي الواصل بينها وبين "الفوعة" بـ8 غارات.


حالة الذعر التي سادت داخل المنطقة التي تضم أكثر من 4500 عائلة تسببت بلجوء عشرات الأشخاص إلى الاحتماء بالأشجار عوضا عن البقاء داخل منازلهم خوفا من استهدافها. تقول "أم علي" إحدى سكان الفوعة "نخشى من سقوط البيوت على رؤوسنا بسبب الهزات التي تنتج عن القصف فأغلب البيوت تعرضت للتهديم خلال حصار المعارضة للسكان الأصليين. لذلك، هي غير آمنة".

"محمد" وهو من سكان المنطقة لم يكن يتوقع قصف النظام لبيوت موالين، يشير محمد إلى "الشعور بالارتياح قبل هذه الغارات الذي كان سائدا داخل البلدتين". لكن ومع استهدافهما بهذا الشكل يضيف محمد "بتنا نخشى من استفحال قصف المنطقة فلا أحد يدري ما هو المخطط الحالي الذي يعمل النظام والروس على تنفيذه".


"أبو حسن" يشاطر محمد نفس الشعور تجاه ما تخفيه الأيام والأسابيع القادمة. فـ"هذه الغارات أثبتت أن النظام لا يميز بين بيوت مواليه و ممتلكات المعارضة". الجميع -حسب أبو حسن- مستهدف. والنظام مستعد لتدمير ممتلكات مواليه قبل معارضيه إذا استلزم الأمر.


حالة من الشلل سادت المنطقة أثناء تنفيذ الغارات. لكن وبعد الهدوء الذي أعقب القصف عادت الحياة في المنطقة إلى طبيعتها. مع ذلك يخشى السكان من غارات مماثلة تدمر ما تبقى من البلدتين لدرجة أن بعض السكان بات يفكر جديا بالمغادرة نحو مناطق أكثر أمنا.


انتهى "محمود" أخيرا من عمليات الترميم والإصلاح التي يحتاجها المنزل الذي يقيم فيه ببلدة "الفوعة". يضرب كفيه ببعضهما البعض كمحاولة للشكوى مما يحدث. "كتب علينا ألا نشعر بالأمان أبدا.. كنت مقيما في بنش عندما كان السكان الشيعة محاصرين في الفوعة ونتعرض للقصف كل يوم تقريبا. واليوم بعد استقرارنا في الفوعة عوضا عنهم بدأت المنطقة تتعرض للقصف".


يردف "محمود" ملخصا ما يسميه ب"المعادلة العسيرة على الفهم" بعدة كلمات "قبل الإخلاء وبعده كانت الفوعة جالبة للموت والدمار.. هذه المنطقة لا تعرف الاستقرار على الإطلاق".

محمد كساح - زمان الوصل
(114)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي