أقر المخرج "طلال ديركي" أنه قام بمخادعة "جبهة تحرير الشام" وقادتها عندما كذب عليهم ليتمكن من تصوير فيلمه المثير للجدل "عن الآباء والأبناء"، مدعيا أمامهم ندمه على ما فات من حياته وميله نحوهم باعتبارهم يمثلون "الإيمان الصحيح".
كلام "ديركي" جاء في مقابلة أجرتها معه صحيفة "Süddeutsche Zeitung" الألمانية، وتولت "زمان الوصل" ترجمة الأجزاء المهمة منها.
وفي المقابلة سألت الصحيفة "ديركي" عن الطريقة التي تعرف بها إلى الشخصية الرئيسة في فيلمه (الأصولي أبو أسامة)، فأجاب المخرج أن عمله في فيلمه السابق "العودة إلى حمص"، وامتهانه التصوير لصالح وكالات الأنباء، وقيامه بتدريب عدد من المصورين الميدانيين أتاح له التعرف على عدد من الأشخاص، منهم رجل يعمل الآن "قياديا في القاعدة"، وهو الذي يعرف "أبو أسامة" وتوسط لديه من أجل تصويره وتصوير أطفاله.
وهنا سألت الصحيفة الألمانية: هل وافقت النصرة (تحرير الشام) على الفيلم؟، فرد: "كنت أعمل بشكل سري (تجسسي) هناك، أخبرتهم أن ما مضى من عمري كان خاطئا، وأن شعوري حيالهم أفضل، لأن عقيدتهم هي الصحيحة.. أخبرتهم أنني أريد دعمهم وأن الفيلم سوف يمجد الحركة الجهادية".
وأقر "ديركي" أنه أخفى حقيقة موقفه حتى عن المصور الذي كان ساعده الأيمن في الفيلم، مبررا ذلك بالقول: "لم أكن أريده أن يصاب بالذعر، إنه متدين، لكنني لا أريد التحدث عنه الآن، حتى لا يسبب له ذلك أي مشاكل.
وقال "ديركي" أنه أمضى في تصوير فيلم "عن الآباء والأبناء" عامين ونصف، قضى منها 300 يوم في إدلب، حيث أخذ الجزء الأكبر من لقطات العمل.
وسألت الصحيفة الألمانية "ديركي" عن سر اختفاء النساء في فيلمه وعدم ظهورهن إطلاقا، فأجاب: "النساء هن أكبر ضحايا هذا المجتمع. إنهن موجودات، لكنهن يعشن في مجموعات منفصلة ولا يُسمح لهم بالتحدث مع الغرباء. ولا حتى مع الأولاد. بما في ذلك أبنائهن (!!)، يمنعهن إيمانهم الأصولي. كانت زوجة أبو أسامة دائما وراء الجدار، تطبخ وتنظف، لم أر وجهها مطلقا. أردت فقط إجراء مقابلة صوتية معها، لكن الزوج قال: "ولا بأي حال من الأحوال، فهذا يتعارض مع تقاليدنا".
وأفاد "ديركي" أن فيلمه اكتفى بعرض عائلة "أبو أسامة" وطريقة عيشها وتفكيرها، دون أن يتدخل المخرج في ذلك نقدا أو تعليقا، مدعيا أنه كان مجرد مراقب مهمته "فهم وإظهار" حياة الناس هناك، ومحاولة الوصول إلى "أصل الدافع، وغسل الدماغ الذي يتم خلف الأبواب المغلقة".
وعقب: "المفارقة الكبيرة هي العلاقة بين الأب وأبنائه: إنه يحبهم - يمكنك أن ترى ذلك في الفيلم - وفي الوقت نفسه يضحي بهم من أجل إيديولوجيته عن طريق إرسالهم إلى المعركة في سن مبكرة جدا".
وختمت " Süddeutsche Zeitung" بسؤال "طلال ديركي"، هل يمكنك يوما ما العودة إلى سوريا؟، فأجاب: "لا ، هذا سيكون انتحارا. بالنسبة لي سأبقى إلى الأبد في المنفى. اعتدت على كلمة المنفى. فلسفتي أن الوطن هو كل مكان تشعر فيه بالسلام. بالنسبة لي، الوطن هو برلين. مكان يقبل الثقافات المختلفة ويصهرها لينبثق منها شيء جديد، هذه هي قوة برلين".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية