تباينت المواقف والآراء والمشاعر التي رصدتها "زمان الوصل" من خلال استطلاعه في مخيمات اللاجئين السوريين في مخيمات البلدة تزامنا مع حلول الذكرى الثامنة لانطلاقة الثورة السورية.
*"سوريا لينا وماهي لبيت الأسد"
كان الشعار اليتيم والوحيد الذي تمكنت الذاكرة المتعبة للثمانينية العجوز "أم صبري" من استحضاره ليكون فاتحة بوحها وهي تشرح موقفها من الثورة السورية مع بدء عامها الثامن.
تقول الثمانينية "أم صبري" الهاربة بذكرياتها من بلدتها "القصير" وقد بدا عليها عدم الاكتراث بعدد السنوات وتعاقب الشهور داخل خيمتها الرثة: "تركت خلفي ثلاثة قبور لأبنائي وعشرات القتلى والمعتقلين من أقربائي وجيراني، أنا لست أعلم بالتحديد لماذا تم قتلهم واعتقالهم، لست أعلم لماذا تم تهجيرنا من بلدتنا وبيوتنا، لكني أذكر كيف كانت تنهال علينا القذائف من كل حدب وصوب من دبابات ومدافع الثكنات العسكرية القريبة عندما تعالت هتافات أهل بلدتي بأهزوجة (سوريا لينا وماهي لبيت الأسد)".
وأضافت "لقد أرعبتهم الأهازيج التي راحت تصدح بها حناجر الأطفال والشباب والنسوة على طول شوارع وساحات بلدتنا، فواجهوها بالقتل والمدافع والرصاص".
وتختم "أم صبري" قائلة "كل ما أرجوه من الله وأنا أعيش أيامي الأخيرة أن أكحل عيني برؤية نهاية من قتل أولادي وشردنا من بلدتنا، لأتمكن من العودة لبلدتي وقراءة الفاتحة على قبور أولادي الثلاثة".
من جانبة يقول اللاجئ أبو أحمد - مدرس وجامعي من إحدى بلدات القلمون الغربي: نحن لم نأت إلى مخيمات لبنان للسياحة، لقد أتيناها هاربين من نظام قاتل متعجرف دموي قتل أبناءنا ودمر بيوتنا وهجر شعبنا".
وأضاف لـ"زمان الوصل" قائلا "إننا في مخيمات عرسال ورغم كل ما يفرض علينا من ضغوط وتحديات، نجدد عهدنا على المضي في ثورتنا ضد هذا النظام القاتل المجرم، نجدد العهد على وفائنا لدماء شهداء ثورتنا ومعتقلينا وجرحانا رغم كل ما نكابده من الهم والقهر والأسى داخل هذه الخيام".
ويختم أبو أحمد بالقول "لن نحيد عن مطلبنا ببناء سوريا تتسع للجميع بعيدا عن حكم نظام الأسد وطغمته القاتلة المجرمة".
الطفلة السورية "ضحى 12 عاما قالت "لست أذكر الكثير من معالم قريتي في ريف القصير الشمالي، لكني مشتاقة كثيرا لرؤية والدي ومعرفة مصيره بعدما اعتقله النظام عام 2013".
وتضيف "أتمنى أن أتابع دراستي لأصبح محامية وأحاكم من اعتقل أبي وغيره ومن قتل السوريين".
ستون ألف لاجئ سوري أو يزيد يفترشون آمالهم وآلامهم تحت تلك الخيام في بلدة "عرسال" الحدودية شرقي لبنان على مدى ثمانية سنوات مرت وهي تلوك أحلامهم وأمانيهم ولقمة عيشهم ومستقبلهم.
منهم من زادته هذه السنوات الثمانية صلابة وإصرارا على المضي قدما في تحقيق أهداف ثورتهم وعلى رأسها إسقاط النظام الشمولي الأمني، ويرفضون أي تسوية أو مصالحة تعيدهم لحظيرة قاتلهم بشار الأسد.
ومنهم من أرهقته الغربة وعصفت بجوارحه نفحات الحنين ليكون لسان حاله ما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش يوما "لا أريد أن أنتصر على أحد.. ولا أريد أن يهزمني أحد".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية