أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ماذا عن قتلة ولصوص النظام.. دعوات مريبة لمحاربة أثرياء الحرب في سوريا

أرشيف

قد تكون جرأة غير عادية أو أنها أوامر أمنية للإشارة إلى هذا الأمر الذي يضرب عمق نظام الأسد، ويبتر أيدٍ ساهمت في صموده في سنوات الحرب، وقتلت وهجرت السوريين ونهبت أملاكهم تحت عناوين كبيرة كالدفاع عن الوطن والدولة ومحاربة الإرهابيين، واستيلاء على أموالهم وتعفيش ما يمكن من أرزاقهم.


جريدة "الأيام" الموالية نشرت تحت عنوان (قبل أن يفروا إلى الخارج.. هل تعلن الدولة حرباً ضد #أثرياء_المال.. أم تتبع سياسة الاحتواء وقصقصة الأجنحة؟)..التقت فيه مجموعة من أبواق النظام وممن حسبوا على معارضة الداخل لسؤالهم عن دور أثرياء الحرب في الأزمة وماذا على حكومة النظام أن تفعل لوقف تغولهم فيما تناست عن عمد كيف فتحت الأجهزة الأمنية لنفس السلطة مخازن السلاح لهم وسمحت لهم بتشكيل العصابات، وعملوا معها على تهريب الطعام والوقود إلى الأماكن المحاصرة بالعملة الصعبة؟.


المقدمة المفرطة في الوطنية الرومنسية تحاول أخذ الشيطان إلى مرتبة الملاك البريء: (على جثث آلاف القتلى الذين خطفت يد المنون أعمارهم وأضافتها إلى عمر الأزمة، بنوا ثرواتهم القذرة، وعلى حساب ملايين الفقراء والمهمشين).


ولكن ستسأل من هم هؤلاء الذين فعلوا كل هذا، وهل تعرفهم ما تسمى الدولة: (فتحوا حساباتهم البنكية بالعملات الوطنية أو بالدولار. إنهم أثرياء الحرب ومحدثو النعمة، طبقة ظهرت في ظروف استثنائية منفلتة من كل القوانين والدساتير والأخلاق).


ببساطة يجيب أي سوري إنهم رجال ألأمن والأعمال والشبيحة الجدد والمرتزقة الذي صنعوا في المذبحة السورية ليبقى الأسد جاثماً على صدور السوريين، ولكن سيأتي السؤال الغريب: (فكيف سيعيدون بناء أنفسهم ضمن كيان الدولة وناموسها وهم الخارجون عن كل الشرائع، من دون أن يحملوا معهم إرثهم المافيوي الناقض لكل نظام وبناء اجتماعي واقتصادي سليم ومستقر).


*إعلام متواطئ ومرهون
تطرخ الصحيفة تساؤلاً حول جدية النظام في التعامل مع هؤلاء، وتبرز رأي برلمانيين يرون أن لا جدية ولا إرادة لاجتثاث هؤلاء أو حتى مساءلتهم.


وتورد مثالاً عن تواطؤ إعلامي مع هؤلاء عندما حذفت قناة "الإخبارية" عن موقعها الإلكتروني لقاءها مع "فارس الشهابي" رئيس غرف الصناعة دون سبب، ولكن المقال يشير إلى أن السبب هو إشارة الشهابي إلى حملة مكافحة التهريب وأنها لن تطال من أسماهم الرؤوس الكبيرة التي تعرفها (الدولة)، وأن أحدهم يفرض إتاوات على المعامل ويحاربون الصناعة الوطنية.


*حرب غير كلاسيكية
بسام أبو عبد الله أحد أبواق النظام التشبيحية يصف الحرب في سوريا بأنها حرب غير كلاسيكية، وأنها حرب هجينة تجمع بين العسكرة والاقتصاد والحرب النفسية.


ويرى أبو عبد الله أن (من الطبيعي أن يظهر في الأزمات أولئك الذي يستغلون هذا الواقع الشاذ وحاجة الناس والدولة للمواد الأساسية، فينشأ من هنا أثرياء الحرب سواء الذين نهبوا أو سلبوا أو ممن استغلوا مواقعهم وخانوها لجني المليارات).


أبو عبد الله يقر بتشكل طبقة جديدة، ولكنه أيضاً لم يحدد ماهيتها فقط عنوان عريض اسمه أثرياء الحرب: (سنجد أنفسنا بعد أن تضع الحرب أوزارها في مواجهة طبقة جديدة تسمى أثرياء الحرب، وهؤلاء في قسم منهم لديهم أموال ضخمة في مقابل ثقافة ضحلة).


ثم يعود للتلميح إلى منبت هؤلاء من عديمي الثقافة والحال: (أثرياء الحرب سيحملون ثقافة معهم، ثقافة استفزاز الشارع من خلال الاستعراض، ذلك أن الكثير منهم إما من معدمي الحال أو ممن لا يملكون ثقافة، كما أنهم سيضعون أموالهم في مجالات ليست منتجة اقتصادياً من أجل مزيد من النهب).


*مافيات النظام
يعود أبو عبد الله في سؤال آخر للاجاية المخفية عن ماهية المافيات التي شكلها النظام دون تسميتها: (وكلما فك الحصار الاقتصادي عن البلاد، استعادت المؤسسات الحكومية دورها وخفت الحاجة لأثرياء الحرب، لأن بعضهم كان مكلفاً بتأمين بعض الحاجات الأساسية التي كانت الدولة غير قادرة على القيام بها، في مثل هذه الظروف بسبب الحصار وخروج المناطق عن السيطرة).


ويضرب لذلك مثلاً ما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفيتي: (استمرار هؤلاء فيما بعد الحرب سيؤدي إلى سيادة سلوك مافيوي، وهو ما حدث في روسيا مثلاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي).


ولكنه في نفس الوقت يدعو لاحتوائهم : (قبل أن يفر هؤلاء الذين لا وطن ولا انتماء لهم سوى مالهم الذي جنوه، أن تحتويهم وتأخذ جزءاً من أموالهم بالقوة ووضعها في خدمة البلد وخاصة أسر الشهداء والجرحى، وترك جزء آخر ليعمل به هؤلاء من دون أن يخرجوا عن إطار الدولة).


*أثرياء المعابر والنفط
محلل آخر يبرر سلوك النظام بالتعاون مع مافيات المعابر وتجار النفط بحاجتها اليهم لكسر الحصار المفروض عليها حين كانت المجموعات المسلحة تسيطر على مساحات كبيرة من الجغرافية السورية: (أفرز أمراً واقعاً بحتمية تعاون الدولة السورية مع هذه المجموعات بعمليات النقل والصيانة والإصلاح والاستجرار، سواء إن كانت مواد أولية أو نواتج المحاصيل الزراعية والصناعية والمواد الأولية، وثم نقل هذه المواد إلى مستودعات الدولة الرسمية وإدخالها بطرق نظامية عبر هؤلاء الوكلاء لإدخال نوعاً من القانونية المسماة، قوننة الأمر الواقع).


هؤلاء هم الطبقة الجديدة التي يلامس بها هذا المحلل بعض ما يسمى بالقوات الرديفة (الشبيحة) وداعميها: (كل هؤلاء الوسطاء مع شركات الحماية ومتعهدي المعابر والمهربين وناقلي النفط والغاز والمواد الغذائية وبعض تجار الأزمة الذين استغلوا ظروف المدنيين ومآسيهم، والوسطاء لدى الأجهزة المختصة وتجار العملة والمهربين كانوا طفرة جديدة غير معهودة على المجتمع السوري، جعلت منهم أصحاب رؤوس أموال ومافيات بما يملكه البعض منهم من قوة عسكرية على الأرض، أو داعمين بأموالهم لبعض القوات المقاتلة الرديفة ما ساعدهم على دعم سلطاتهم وتسهيل أمورهم المالية والاقتصادية ومنحهم سلطات أمنية وعسكرية).


*دون حساب
مازن بلال معارض داخلي وكاتب سياسي يرى أن إحدى ظواهر الحروب هي إعادة إنتاج شرائح وطبقات اجتماعية، ووفق الصحيفة يقول بلال: (مصطلح أثرياء الحروب يفرض أمراً واقعاً جديداً يتم تجاهله سريعاً بعد انتهاء الحروب، لذلك لا أحد قادر على التعامل مع هذا الأمر، ومعظم تجارب الدول التي دخلت حروباً لا تحوي محاسبة جدية لهذا الموضوع).


ويرى بلال أن (الدولة) لن تقدر على تحقيق محاسية جماعية لأثرياء الحرب: (وغالباً ما تخرج الدول منهكة من الحروب، لذلك لن تكون قادرة على إيجاد ظروف محاسبة جماعية لكل الأثرياء خلال الحرب).


أما الواقعية بحسب بلال فهي: (أثرياء الحرب سيدخلون ضمن الدورة الاقتصادية للبلاد، وعلينا بكل واقعية استيعاب أن الحروب تفرض قوانينها).

*حكمة واقعية
محلل آخر التقته الصحيفة- (أنس جودة) رئيس حركة البناء الوطنية- دعا التعاطي بحكم مع أثرياء الحرب حتى لا يتم إخافة رؤوس الأموال: (لا يجوز رفع سيف محاكم التفتيش وقتال كل من جمع مالاً مما يؤدي لخوف رؤوس الأموال من الاستثمار في وقت نحن أحوج ما نكون لعودة وتوطين رأس المال الوطني).


جودة يؤكد أيضاً ان لا خطة واضحة للتعاطي مع هؤلاء: (إن محاسبة أثرياء الحرب أو قوننة أعمالهم ضمن إطار الدولة وتجريدهم من فكر المافيات، خياران أحلاهما مر، فلا خطة واضحة للتعامل معهم في الأفق القريب، رغم الأحاديث المعلنة عن مكافحة التهريب).


*دعوة مريبة
ما سبق من آراء يبدو أنها تأتي من قبيل تصفية الحسابات التي يريد النظام منها القصاص ممن باتوا يشكلون خطراً أميناً وقانويناً على وجوده إن صحت نظرية النصر التي يروجها، وهؤلاء كلهم مدانون قانويناً وأخلاقياً، ويمكن أن ينقلبوا عليه في أية لحظة فهم اعتادوا القتل والمال، ودعمه لهم في أزمته لا يعني أنه بمنأى عن ارتزاقهم، وهو من اعتاد أيضاً تصفية حلفائه في عقيدة وجوده.

ناصر علي - زمان الوصل
(103)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي