يعاني النازحون في مخيم "الكوش" في مدينة "جرابلس" شرقي محافظة "حلب"، واقعاً معيشياً متردياً وأوضاعاً إنسانية صعبة، بسبب غياب الخدمات عن المخيم، وعدم قدرة الجهات المحلية على العمل لوحدها في دعم وتحسين الوضع المعيشي فيه.
في هذا الشأن قال "أحمد عمران" مهجّر من ريف "حلب"، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل"، يقطن في مخيم "الكوش" حوالي 100 عائلة في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة اليومية، كما أنهم يواجهون ظروفاً معيشية وصحية غاية في السوء، نتيجة غياب الصرف الصحي والطرقات المعبدة، ما يمنع دخول سيارات الإسعاف والخدمات لنقل المرضى في المخيم.
وأضاف "يواجه قاطنو مخيم (الكوش) في الوقت الراهن صعوبات عدّة تتمثل في البحث عن مصادر بديلة تقيهم برد الشتاء، حيث لا تستطيع العائلات المتواجدة فيه تأمين احتياجاتها بسهولة، نظراً لطبيعة الأرض التي يوجد بها المخيم فهو يتحول لأرض طينية لا يمكن التحرك فيها؛ وبالتالي فإننا نصاب بحالة شلل تام في أوقات هطول الأمطار".
وأشار "عمران" إلى أنه وعلى الرغم من غرق أرض مخيم "الكوش" بالمياه والأوحال على مدى أشهر الشتاء، إلا أن الوضع لا زال على حاله دون اكتراث من المنظمات المعنية والجهات المسؤولة لتحسين وضع الطرقات فيه بما فيها الطريق الرئيس الذي يمر في المخيم، بالإضافة إلى وضع الحجارة بين الخيام لإنهاء معاناة الأهالي القاطنين به.
*حياة مستحيلة
يتجلى سوء الأوضاع الإنسانية في مخيم "الكوش" بالخيم المهترئة، والطرق الترابية التي سرعان ما تتحول إلى أراضٍ طينية قابلة للانجراف مع اشتداد تساقط الأمطار، إضافةً إلى غياب الدعم بما يخص التدفئة من محروقات وملابس وحتى بطانيات، وانقطاعٍ شبه كامل بحليب الأطفال ومستلزمات الرضع.
ولفتّ "محمد زينو" وهو رب أسرة في الـ 43 من عمره، يقطن مع أفراد أسرته المكونة من 5 أفراد في مخيم "الكوش" إلى أن المعيشة داخل مخيم "الكوش" أصبحت مستحيلة، مطالباً في الوقت نفسه المنظمات الإنسانية بنقل الأهالي إلى مساكن جديدة بعيداً عن منطقة المخيم الذي أقيم فوق أراضٍ زراعية تجرفها سيول الأمطار في أيام فصل الشتاء الذي كانت أمطاره استثنائية لهذا العام.
وبينّ "زينو" في حديثه لـ"زمان الوصل" قائلاً "موقع المخيم بعيد عن الطرق المعبدة لكونه يقع في منتصف الأراضي الزراعية، وهذا ما يصعّب حركة النازحين داخله، وغالباً ما ينقطعون عن المناطق المحيطة بهم، الأمر الذي يدفع بغالبية العائلات فيه على عدم إرسال أطفالهم إلى المدرسة لعدم قدرتهم على الخروج والحركة في ظل وجود الأوحال التي تملئ المخيم".
ولا يعتبر غياب الطرق المعبدة وشبكات الصرف الصحي التي تصرف مياه الأمطار عن مخيم "الكوش" المشكلة الأبرز أمام قاطنيه، إذ أكدّ "زينو" على أن المياه سواء المخصصة منها للشرب أو للأشغال اليومية غير متوفرة في مخيم "الكوش" رغم المطالب الكثيرة التي وُجِهت إلى عدد من المنظمات للعمل على توفيرها.
ونبّه أيضاً إلى أن دور المنظمات الإغاثية شبه معدوم في مخيم "الكوش"، باستثناء بعضها التي قدّمت مساعدات ضئيلة تقاسمتها عشرات الأسر فيما بينها، وسط انتشار البطالة وضعف القدرة الشرائية لهم، وعدم إمكانية استبدال الخيام على نفقتهم الخاصة.
واستطرد قائلاً "بعض الأسر عاجزة عن شراء ربطة خبز".
يبلغ عدد المخيمات التي يُشرف عليها المجلس المحلي في منطقة (جرابلس) أربع مخيمات نظامية، ووفقاً لما أشار إليه الأستاذ "مصطفى الحسن" رئيس مكتب الخدمات الاجتماعية في محلي "جرابلس"، فإن هناك مساعٍ لتحسين وضع المخيمات العشوائية بشكلٍ عام، كما سيتم في الفترة القادمة العمل على بناء وحدات سكنية من قبل المنظمات الداعمة والهلال الأحمر "التركي".
وأضاف لـ"زمان الوصل" قائلاً "لا يختلف حال مخيم (الكوش) عن حال بقية المخيمات الأخرى الموجودة في منطقة "جرابلس"، فجميعها عشوائية وأقيمت فوق أراضٍ زراعية مؤجرة، لذلك لا نستطيع أن نقدم لقاطنيها أي خدمات سواء من مياه أو صرف صحي".
يحوي ريف "حلب" -وفق مصادر محليّة متطابقة- على ما يزيد عن 40 مخيماً بين عشوائي ونظامي، تأسست بسبب الأعداد الكبيرة للمهجّرين الذين وفدوا على مدار السنوات الثلاث الماضية إلى المنطقة، وتعتبر مخيمات (زوغرة، الجبل، الملعب) من أبرز وأكبر المخيمات التي تؤوي نازحين في مدينة "جرابلس" وريفها.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية