بعد سنوات من الانتظار والمحاولات المتكررة التي عطلتها روسيا بالذات، تمكن فريق من المحامين من رفع أول قضيتين ضد بشار الأسد أمام محكمة الجنايات الدولية، التي كان الطريق إليها مسدودا نتيجة استخدام موسكو حق النقض في مجلس الأمن ضد تحويل ملف الانتهاكات بسوريا إلى المحكمة.
المحامون الذي رفعوا القضية ضد بشار، اعتمدوا على شهادات 28 لاجئا سوريا في الأردن، هجروا بسبب القصف والملاحقات، وكانوا شهودا على بعض المجازر التي ارتكبها النظام وجيشه.
المحامون استطاعوا الوصول إلى "الجنايات الدولية" ورفع دعوة أمامها (كان رفع الدعاوى بما يخص الملف السوري غير متاح)، استفادوا من سابقة سجلتها المحكمة عندما نظرت في شكاوى للاجئين من الروهيجنا (مسلمي ميانمار)، ممن فروا إلى بنغلاديش هربا من المجازر المرتكبة ضدهم.
وحكومة ميانمار (بورما) هذه، مثل حكومة بشار الأسد، من الرافضين للتوقيع على ميثاق روما الذي أسست على قواعده "محكمة الجنايات الدولية"، وذلك لعلم الحكومتين بإجرامهما وبإمكانية محاسبتهما عليه، ومن هنا تعذر وفق لصلاحيات المحكمة النظر في أي قضية واردة من ميانمار أو سوريا.
لكن قبل شهور، رفع محامون قضية تخص "الروهينجا" أمام المحكمة، معتمدين على شهادات لناجين منهم يعيشون حاليا في بنغلاديش، وهذه الأخيرة هي من البلدان الموقعة على ميثاق المحكمة.
وقد وجد قضاة في المحكمة الدولية أن لديهم صلاحية البت بدعوى "الروهينجا"، بما إن هؤلاء يعيشون على أرض دولة تعترف بالمحكمة (بنغلاديش)، وهذا ما شجع محامين على اعتماد نفس الخطوة فيما يخص الملف السوري.
وبما إن "الأردن" منضوية تحت نظام المحكمة الجنائية وموقعة على ميثاقها، فقد تم اعتماد شهادات 28 لاجئا سوريا فيها لتكون نواة قضيتين، تولى رفعهما للمحكمة كل من: "مركز غورنيكا للعدالة الدولية"، وفريق من المحامين البريطانيين.
"رودني ديكسون"، الذي يقود فريق المحامين البريطانيين، اعتبر أن القضية تشكل "تطورا مهما للضحايا السوريين"، منوها بوجود "نافذة قانونية فتحت أخيرا لمدعي المحكمة الجنائية الدولية، تمكنهم من إجراء تحقيقات بشأن الأشخاص الأكثر مسؤولية".
وكان تحويل أي قضية تخص الانتهاكات المرتكبة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية مستحيلا طوال السنوات الأخيرة، فلا حكومة بشار من الموقعين على ميثاق المحكمة، ولا مجلس الأمن يقبل بتحويل ملف الانتهاكات إليه، نتيجة تصويت روسيا المتكرر ضد القرارات ذات الصلة، ومن هنا فإن القضيتين تشكلان اختراقا مهما، ربما يرسم مسارا مختلفا ويحفز على رفع مزيد من القضايا.
وقالت تقارير إعلامية تناولت خبر القضيتين التي أقامها 28 لاجئا سوريا إن من بين المدعين امرأتين إحداهما من حمص.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية