بدا فداء بين رفاقه وكأنه فيلا يتوسط قطيعا من الخراف، يلعب بشغف في ساحة القرية ، منكوش الشعر، كما هي عادته كل الأيام، حافي القدمين، لا أحد يتجرأ على المزاح معه، إلا وهو يستعد للجري بعد أن يلقي كلامه هربا مع يديه الطويلتين، وكأنهما قطعتان من الخشب.
وقفت مسترقا السمع، محاولا انتزاع بعض النكات منه كعادتي .
سألته:
- ماذا تريد أن تصبح في المستقبل يافداء؟
أجابني فداء دون أدنى تفكير، وبصاقه يسابق كلماته : ضضض... ضبع ..
لوى عنقه ، وكشر عن أسنانه ، ولوح بيديه، محاولا تقليد الضبع كما رسمته حكايات الناس في ذهنه، فهو لم ير الضبع يوما ما ولا يعرفه
ابتسمت وضحك الأطفال , لم يتوقعوا أن تصدر مثل هكذا نكتة من طفل لم يتجاوز التاسعة.
كررت سؤالي عليه مظهرا علامات الجد هذه المرة ..
فما كان من فداء إلا أن أجابني بجدية مماثلة: ضضض ضبع.
تابع فداء اللعب مع اصدقاءه في الساحة غير مباليا بنظراتي الفاحصة
كبر فداء ولايزال يلعب مع الأطفال في ساحة القرية ..
لا يزال فداء رغم مرور الزمن , وفشله في تحقيق الحلم يجيب على نفس السؤال :
- أريد أن أصبح ضضض ..ضبع ..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية