نشر موقع "الخبير السوري" الذي يديره الصحفي "ناظم عيد" مستشار رئيس حكومة النظام مقالاً أثار ردود فعل عنيفة واعتبره البعض دعوة للقتل والاجتثاث بحق كل من ينتقد سياسات الحكومة من صحفيين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
واضطر الموقع للتوضيح حول المقال المنشور بعنوان (دونكيشوتات جدد بسيوف من فيسبوك..واستهداف آخر للسوريين بأدوات من الداخل)، لكن هذا الرد لم يلق استحساناً ممن هاجموا المقال الذي لم يوقع باسم أحد، واعتبره الرد فارغاً وإمعاناً في الإهانة.
"نبيل صالح" العضو في مجلس شعب النظام اعتبر المقال دعوة للقتل والاجتثاث، وعودة إلى اللغة الخشبية لخطابات الرفيق عبد الله الأحمر، وهي نفس اللغة التي كانت تستخدم في شتم الإعلام المعارض والنيل منه.
وجاء المقال المذكور بلغة متعالية ومهددة: (لعلّها غواية الاستعراض وربما لوثته..أن يختار الصغار أو الصاغرين مقارعة الكبار..على منبر أو في ميدان، فحسب الضعيف انتصاراً أن يفوز بإعلان تحدّ لم يسمع به خصم افترضه).
المقال وصف منقدي سياسات الحكومة بالدونكيشوتات والمأجورين والخونة: (إنهم "دونكيشوتات" بسيوف من فيسبوك، الواقعون في غواياتٍ الانحراف والانزلاق في متاهات العبث بثوابت سوريّة الصّامدة، فكانوا إمّا مأجور وهذا ارتكاب يستوجب المساءلة بتهمة الخيانة، أو مأفون وهذا يستدعي الحجر السريع، فلا فرق بين القتل القصد والآخر الخطأ عندما تتماهى النتائج وتتطابق).
وبعد سيل من الاتهامات يصف المقال هؤلاء بالمندسين وهي نفس التسمية التي بدأ النظام يطلقها على المتظاهرين ومن ثم جميع المعارضين: (هم "مندسون" في حنايا الفيسبوك ممن امتطوا صهوة التكنولوجيا الحاقدة، حيث لا فرق بين شاشات توجيه الصواريخ الغادرة المقذوفة نحونا، وبين شاشات الاستهداف الفيسبوكي والتطاول على من كانوا حوامل وركائز راسخة للصمود).
أما فحوى الانزعاج الكبير فتعدت إلى انتقادات وجهها البعض لسياسات حكومة النظام الاقتصادية والاجتماعية لا أكثر: (إنهم مروجو تجارة الأوطان ومقايضة انتصارات سورية باسطوانة غاز، أو ربطة خبز استغرقت منهم بعض انتظار..فأعلنوا النفير في وجه بلدهم لا في وجه من استهدفها بالحصار..حوّلوا الضحيّة إلى جانٍ وروّجوا ووزّعوا جرعات الحقد على وطنهم لا على من تربص به).
المقال يشبه هؤلاء بالذين خرجوا على الدولة بحملاتهم الفيسبوكية وبنفس الكاميرات الحاقدة، وهذه إشارة إلى ما تم تناقله من فيديوهات لطوابير الغاز في حمص واللاذقية: (أليست الكاميرات ذاتها أو أخواتها التي ضخّمت وهوّلت أعداد الخارجين على الدولة في "أيام الجمعة" التي حولها الآثمون من أيام عبادة إلى أيام كفرٍ بالأوطان..هي ذاتها تؤلّب وتصطاد وتضخّم مشاهد الأزمة).
يذهب المقال إلى أبعد من انتقاد ولوم هؤلاء لاتهامهم بأنهم يعدون طقوس حرب ضد قامات النظام والدولة: (لا فرق بين طقوس الحرب العسكرية والأخرى الاقتصادية..إلّا أن الأولى صاخبة والثانية صامتة..وفي الحالتين تبدو حرب بذات القوام ..هدف ومستهدف وأدوات..فلنتحرّى عن الأدوات بيننا اليوم، وكم ستكون المفاجأة هائلة وصاعقة !!).
ثم تأتي الدعوة للقتل والاحتثاث واضحة وصريحة وهي ديدن مخابرات الأسد وعقله السلطوي: (بات مطلوب الآن اجتثاثهم ..فهم متهمون حتى تثبت براءتهم.. ولن تثبت ..نحن على يقين من إدانتهم بخيانة أو مرض من طراز سيكولوجي، ولا بدّ من إجراء، فالخائن يقتل والمجنون يُحجر).
ينهي صاحب المقال المجهول الزبد واللعنات والاتهامات التي أطلقها بانتظار هؤلاء لأنهم سيردون بشراسة: (ملاحظة هامّة جداً: سوف يظهر الدونكيشوتات لتقديم أنفسهم لمن يسأل عن هويتهم ..وعلى الأرجح سيكونون على قدر من "الشراسة" في الدفاع عن أنفسهم "فيسبوكياً"..لن يتأخروا بالظهور ..ترقبوهم).
وبالعودة إلى ردود الفعل حول هذا المقال لم يتردد البعض من الصحفيين بالشتم وضرورة محاسبة كاتبه وناشره، واتهام حكومة الأسد بالوقوف وراءه وأنها دعوة لترويعهم، وكتب الصحفية "عفراء بيزوك" منشوراً حول المقال: (إلى الخبير السوري اللي كتب مقاله وما كان عنده الجرأة يحط أسمه: كول (...)..تانياً.. يا (...) أنت من وين عم تجيب مازوت وغاز ودولارات لحتى شايف كل السوريين اللي ع الفيسبوك مندسين.. عم أحكي ع جماعة الداخل.. اللي أكلين الكمّ..؟بدك تقتل كل الشعب..!).
آخرون وجهوا اتهاماً صريحاً إلى اليد التي تقف خلف المقال: (هذا خبير أم مخابرات؟ واهم نقطة هي مطالبته باجتثاثهم، بما يعني أنه يجب القضاء على 99% ممن تبقوا في سوريا وهيك الخبير بيرتاح من النق).
البعض عاد للتذكير باتهامات رئيس النظام للمعارضين في بدايات الثورة ووصفهم بالجراثيم: (أو نحنا جراثيم أو إرهابيين أو مندسين).
بينما لمح البعض إلى "بهجت سليمان" على اعتباره يقف وراء هذه الحملات وسبق واتهم بإخفاء واختطاف مدير صفحة "دمشق الآن" الموالية "وسام الطير": (كمان نحنا (...) ، صرنا نتطاول على قامات ومقامات أسيادنا ..... كأنو سيادة اللواء عم يكتب باسم مستعار).
يبدو أن الكأس تدور هذه الأيام على أولئك الذين طبلوا وصفقوا للنظام، وبدوا أن دورهم قادم لأنهم تجرأوا على انتقاد وزير وسخروا من طوابير الفقر التي تزداد يوماً بعد آخر ماذا لو تحدثوا عن القتل والسحل وتقطيع المعتقلين.
ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية